فياض الخامس ..!!
باسم ابو سمية
اغلب الظن ان سلام فياض لم يبدل خلال العقد الاخير مواقفه ولا مواقعه كثيرا رغم ما تعرض له من هجمات شخصية وسياسية ، بل يمكن القول انه بقي مع مرور الزمن نشيطا ولا يمل الاحاديث الطويلة مع الكتاب والصحافيين ويقدم حديثا اذاعيا اسبوعيا ويستقبل الضيوف والمبعوثين ويسافر الى الخارج مثلما كان منذ اول حكومة طواريء في اوساط حزيران 2007 اثر انقلاب حماس على السلطة واحكام سيطرتها على قطاع غزة .
لم يقم الرجل الدين في مالطة ولم يحرر فلسطين من براثن الاحتلال ، ولم ينجح في القضاء على الفقر والبطالة في اوساط الفلسطينيين وليحمد الله ان الفلسطنيين حتى الان لم يتظاهروا في ميدان التحرير في رام الله اوغزة مطالبين برحيله ، لكنه والحق يقال انه نجح خلال السنوات الاربع الماضية في اعادة الهيبة والاحترام للقانون الذي ظل منتهكا لسنوات طويلة، وفرض النظام وهيأ اجواء الاستقرار والاستثمار، ودشن مشاريع وفتح صنابير ماء ورمم البنى التحتية واطلق مشروعه الشهير لبناء مؤسسات الدولة ، ومؤخرا قدم مبادرة لانهاء الانقسام التي يرى في نجاحها استكمالا للجاهزية الوطنية لاقامة الدولة ، لكن احدا لم يرشحه لجائزة نوبل ، ولا حتى لموسوعة جينس .
وانجازاته هذه اذا جاز لنا تسميتها بذلك لن تضاف الى سيرته الذاتية فبين ابناء شعبه ثمة من يحترمونه ومن لا يحبونه ومن يضمرون له الكراهية ويتمنون التخلص منه ، حتى ان شخصيات كانت على علاقات جيدة معه انقلبت عليه ولم ترحمه من كيل الاتهامات ، هذا في كفة ، وفي الكفة الموازية فان انظار الناس تشخص الى الجديد الذي يمكن ان يفعله فياض الخامس من خلال حكومته الخامسة التي لا تصنف في خانة حكومة التوافق الوطني بعد ان رفضت حماس وفصائل اليسار المشاركة فيها ، ويبدو ان اسلم الحلول تشكيل حكومة مختلفة تمام الاختلاف لم نشهدها من قبل يجب ان تتمتع بعنصر المفاجأة ، حكومة تستبعد الذين نشأوا في كنف المنظمات غير الحكومية .
وتشاء المفارقة بعد اربع سنوات ان يقف سلام فياض في مواجهة التحدي الذي لا بد من مواجهته بحكم مسؤولياته التي قبلها لنفسه ، فما هو شكل الحكومة التي سيؤلفها وهل تختلف عن سايقتها ، ام ستخضع مرة اخرى لمقاييس الفصائلية والترضيات فتبقى رمزاً لحكومات تسيير الاعمال ريثما يتم حل الصراع بين فتح وحماس وانهاء الانقسام بالحوار .
المشكلة الان أن الجمهورية الفياضية الخامسة تاتي في وقت اصبح فيه الفيس بوك يسقط انظمة ويشكل وزارات فقد انقضى الوقت الذي تشكل فيه الحكومات بسرية وصمت بعيدا عن اعين الصحافة والناس واسماعهم وبات الحكم محكوما بالمزاج الشعبي الذي يجتاح الشوارع العربية فيسقط انظمة ويهز عروشا على نحو لم يشهده تاريخ المنطقة العربية من قبل .
في المحصلة فان عقدة تشكيل الحكومة تبدو في ظاهرها تنازع بين الرغبات التنظيمية ، وتضارب مصالح حتى في التنظيم الواحد ، وباطنها حكومة خبراء لكل واحد منهم كود سري يحتفظ به رئيس الوزراء في حقيبته الشخصية ليضمن ان يقوم الوزراء بما يجب ان يقوموا به من مهمات وطنية اثقل من حمل الجبال اولها انهاء الانقسام وتوحيد قسمي الوطن ، وثانيها انهاء الاحتلال واقامة الدولة المستقلة وهما مهمتان لا نظن ان حكومة غير محصنة بالوحدة وبموقف شعبي قادرة على القيام باي منهما ، وهذا يتطلب من دولة رئيس الحكومة عدم الاستعجال واخذ الوقت الكافي وعدم الرضوخ للرغبات الشخصية ، وتجنيد كل طاقات الفلسطنيين في جميع اماكن تواجدهم ، فلا يبنى الوطن الا بسواعد ابنائه لا من المساعدات التي كانت تجود بها اوروبا وامريكا والعرب قبل ان تصيبهم عين الحسد .
وطالما استبعدنا تشكيل حكومة وحدة وطنية ، فإن الحل الاسلم ، ليس لمصلحة سلام فياض ، بل لمصلحة الوطن والمواطن، هو تشكيل حكومة من سياسيين مستقلين من خارج التنظيمات يتمتعون يالمصداقية والمهنية ولا تشوبهم شائبة ، والا يكونوا من اعضاء المجلس التشريعي منتهي الصلاحية أو من مركزية فتح ، وليس حكومة فيس بوك او تويتير او حتى تكنوقراط مثلما كان في السابق .
حكومة كهذه هي الحكومة التي ستحظى بدعم الناس، لأنها ستكون حكومة انتاج وعمل في وقت نحن فيه احوج ما نكون الى ماء وكهرباء واسكان وزراعة وصناعة وخدمات اجتماعية واسعار رخيصة واستثمارات توفر فرص عمل للشباب واجواء مريحة تحول فلسطين الى قوة جاذبة لاموال ابنائها في الخارج ، وبدون حكومة من هذا النوع فان اي رئيس ولو كان فياض الخامس عشر لن ينجح ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق