الأربعاء، 13 يوليو 2011

نار ايلول بلا دخان


نار ايلول بلا دخان ..!!

باسم ابو سمية

 اشبه بدخان بلا نار كان السجال الذي نشأ من اول يوم في المصالحة بخصوص تشكيل حكومة محاصصة ، ذاك  الجدل البيزنطي غطى على القضية الاهم حول ما يتوجب عمله في معركة  تبدو نارها مشتعلة ولكن بلا دخان ،  هكذا تبدو الاجواء قبل الموعد المنتظر للاعتراف بالدولة في اروقة الامم المتحدة في ايلول المقبل ، في الحالة الاولى لم يطل الجدل اساس التشكيل الذي ورد نصه في الاتفاق وتحدث عنه الرئيس ابو مازن ، فقد تمحور الجدل حول شخص رئيس الحكومة فيما ان المطلوب حكومة مؤقتة تضم كفاءات من المستقلين تماما  تدير شؤون الناس لبضعة اشهر الى حين الاعداد للانتخابات بمساريها الرئاسي والتشريعي ، وبعد ذلك يمكن  للاطراف تشكيل الحكومة التي يريدون ، سواء حكومة توافق او وفاق  وطني او تقاسم  او غير ذلك ، ولكن قبل ذلك فليحدد الناس اولوياتهم .

لكن كما يبدو فان العصبية الفصائلية حرفت الكلام عن مواضعه  فتحول الى تبادل اتهامات بالتعطيل ، فعادت حليمة لعادتها القديمة ، كيل التهم وتحميل المسؤوليات ، وكل طرف يريد الاجهاز على الطرف الاخر بالضربة القاضية ، وهكذا غطى الاجواء غبار كثيف حول شخص رئيس الحكومة الجديد التي سعى الطرفان ( فتح وحماس ) لاقتسامها ، ولم يتبادر الى ذهن احدهما ان التشكيل لم يكن امرا مستعجلا ولا ضروريا  قبل ان تتضح نتائح التحرك الفلسطيني ويتبين الخيط الابيض من الاسود في مسألة التوجه الفلسطيني للامم المتحدة في ايلول الاتي .

ثمة غباش حتى الان في الموقف النهائي لكلي الطرفين من هوية المرشح لرئاسة الحكومة ، وكأنه كتب على الفلسطينيين ان يظلوا في كمد الى يوم الدين ، وكأن العصر الفياضي للحكومة كتب له ان يكون اخر عصور الحكم الرشيد والشفافية  وبناء المؤسسات ،   وهذا ما اوجد لدى عامة الناس نوعا من فقدان الامل واليأس من  ان عدم التوصل الى اتفاق  حول رئيس الحكومة  دليل على فشل الطرفان  مستقبلا في حل الملفات المتعلقة بالمصالحة وهي شائكة وكثيرة ، وكيف للفلسطينين في هذه الاجواء التآمرية التعامل مع معركة ايلول التي باتت على الابواب  ، طالما فشلوا في اخبتار الثقة  في اول قضية واجهتهم بعد المصالحة .

انها اجواء بغيضة مفعمة بالبغضاء  وانعدام الثقة ، وقد عادت علاقات الطرفين مثلما كانت ابان الانقسام البغيض مثل الزجاج تنكسر من اول نقرة ، فكل طرف يحمل الاخر مسؤولية تعطيل المصالحة ، واصبحت التصريحات والادانات والتنديد مثل الرصاص الطائش يلعلع  فوق الرؤوس بدون ضحايا  او اصابات حتى الان .

كان الاولى بالمتصارعين على رئاسة الحكومة   التفرغ بوضع الخطط لما يتوجب عمله  في الايام المقبلة ، والاسلحة التي ستسخدم في المعركة الايلولية ، وهي معركة الاعتراف بالدولة الفللسطينية على حدود 1967 ، لكن يبدو ان الاعتراف  لم يعد قضية تهم  احدا من المتهالكين على نيل المناصب الوزارية ، يا عيب الشوم ..  لم يفكر احد في الرد على  موقف اللجنة الرباعية الدولية  التي تأتمر بامرة الولايات المتحدة الامريكية ، وكيف ان الولايات اخذت على عاتقها  مهمة لن تحيد عنها ، وهي الانتصار لاسرائيل ظالمة ومظلومة ، وقلما كانت اسرائيل مظلومة  فهي مغتصبة لحقوقنا واراضينا ، ولا احد من الطامحين بالمناصب الوزارية  يتحدث عن هذا الاغتصاب الا في الاحتفالات  وامام الفضائيات ، وربما لهذا غابت القضية القومية الاولى عن الخطاب الرسمي للانظمة المحاصرة بالثورات وحركات التغيير ، وهذا ما يفسر ادارة العرب ظهورهم للرئيس ابو مازن حينما تحدث عن الازمة المالية الخانقة التي لم تمكن الحكومة من الايفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها ،  وقلة هم الذين  سمعوا صرخته عن الخطر المحدق ،  وكثيرون شككوا في صدقية الادعاء بان السلطة الفلسطينة تقف الان على شفا الافلاس والقحط المالي ، لعل فلسطين التي قرعت الدول والانظمة  العربية طبولها لعقود طويلة ، لم تعد  تستحث  نخوة العرب ..

في هذه الاثناء تبرز مسائل جديرة بالاهتمام فيما يخص موقف الولايات المتحدة والرباعية الدولية بقيادة  واشنطن ، وهي كيف سيكون بامكان الفلسطيين العودة  الى طاولة المفاوضات بدون شروط حسب دعوة الرباعية وامريكا ، بينما اسرائيل  تصادق في كل يوم  على مشروع استيطاني جديد ، والقدس التي تتحدث عنها الادبيات السياسية الفلسطينينة بانها العاصمة الابدية المفترضة للدولة المستقلة ، تغرق شيئا فشيئا في مستنقع الاستيطان وتغوص في التهويد ، لا نعتقد ان فلسطينيا واحدا  في الدنيا مستعد ولو بعد مائة سنة القبول بدولة فلسطينية  بدون القدس ، حتى اكثر المستفيدين من الامتيازات التي تقدمها اسرائيل وتعمل على سحبها كلما غضبت .

هل هناك  احد من حماس او فتح يقدم لنا تفسيرا حول ما يمكن على السلطة عمله حيال الضغوط التي يقال ان واشنطن تمارسها على السلطتين الفلسطينية والاسرائيلية لاستئناف المفاوضات ، وعلام سيتفاوض الجانبان يا ايتها الولايات المتحدة الامريكية  ،  يقولون تهكما ان جهيزة الرباعية الدولية التي هي  رباعية توني بلير قطعت قول كل خطيب مكتفية بدعوة الطرفين ، للعودة الى سرير المفاوضات بلا مخدات  تجمعهما  ، عسى ذلك يعيد  ذكريات ايام زمان  حين كانت بعض جلسات التفاوض تقتصر على طلب بعض التسهيلات  الاسرائيلية  كاثبات حسن النوايا ،  والان نعتقد ان  قرار الرباعية هو شكل جديد من اشكال البلطجة السياسية ، لا يختلف عن النمط المعروف على هوامش الثورات العربية ، فالبلطجة هي نفسها في كل الاحوال ، ويبقى الامر المثير للسخرية ان التقديرات في اسرائيل  تقول انه في حال حدوث تقارب بين مواقف المتفاوضين  فان الولايات المتحدة  تعتزم عقد لقاء قمة في واشنطن لاجمال المواقف ، وجمع راسي المتفاوضين على مخدة  الحل ، لا نعلم  ما هو الحل المقصود بالحديث  .

الاكثر غرابة او استغرابا ، هو تجرؤ وزير الخارجية الفلسطينية على تحدي ارادة الادارة الاميركية بالتعبير  عن امله في ان تتفهم واشنطن مطلب اعلان دولة فلسطين على حدود 1967  في ايلول المقبل ، والاكثر طرافة المراهنة على اقوال ميتافيزيقية  مثل ان فلسطين المنتظرة على احر من الجمر حلول ايلول ، لن تقف وحدها في مواجهة الولايات المتحدة ، بل ان الدول العربية كلها ستقف الى جانبها ، وكأن باصحاب هذا القول لا يعلمون ان العرب دخلوا منذ زمن بعيد  في ثلاجة الصديق الامريكي بمحض ارادتهم ،  فتجمدت جميع قدراتهم السياسية  والثقافية والمالية .

وما لجنة المتابعة العربية التي يعول عليها الساسة الافاضل ، الا كالانسان الالي  وفق الرغبة الاميريكة ، فلا تحيد عنها  او تخالفها ، وما هي الا للمتابعة فقط لا اكثر ولا اقل ،  وهذه اللجنة لم تحدد موقفها بعد  من اعلان الدولة  بانتظار اشارة من الاصبع الاميركي ؟!.

في رئاسة اركان ايلول ثمة من يقف كالطود الشامخ  ، او كالمارد ، وهو كبير المفاوضين صائب عريقات ، متصفا بالجرأة والصبر مثل ايوب ويقول ان هناك خطوات عملية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، حيث بدأت جحافل الدبلوماسية الفلسطينية في الزحف نحو عواصم العالم لدعوة قادة تلك الدول الى اعتناق الاعتراف بدولة فلسطين ،  ودعم توجه السلطة الى الامم المتحدة ومجلس الامن ، وهذا الموقف دليل قاطع على ان ( ابو علي  وهو لقب يضرب في الشجاعة والاقدام ) يستند الى جدار منيع  بعدما رفع عقيرته بالتصريح ان تهديد اي طرف ، ولم يقل الولايات المتحدة ، باستخدام الفيتو  لن يمنعنا من حقنا في نيل الاعتراف  بالعضوية ، لقد كان على كل اركان السلطة ان يحذوا حذوه ، وان يضربوا عرض الحائط  بالرفض الامريكي للتوجه الفلسطيني الى مربط خيلنا بنيويورك في ايلول المقبل شاء من شاء وابى من ابى، ومهما كانت النتائج ، فهل يتعلم المتهافتون على الحكومة والمنشغلون في تفصيل رئيس لها  كيف تكون الشجاعة والاقدام ، وكيف عليهم التصرف في اوقات الشدة ، بدلا من ترك ميدان المعركة والتلهي بلعبة تعديل الجينات الوراثية لصناعة المؤامرة ، على طريقة  ان لم تكن متآمرا  فقد اكلك المتآمرون ، ويا ويلنا ان بقي حالنا كذلك  .

لقد حانت ساعة القرار، ولم يعد امامنا الا احد امرين ،  اما الرضوخ لرغبة الولايات المتحدة  او الرفض ، فالاول يعني نهاية القضية الفلسطينية ، والثاني يحمل تداعيات عديدة ليست النهاية احداها ، فالعودة الى المفاوضات بمفهوم الرباعية والولايات المتحدة واسرائيل  ليست سوى انتحارا بمعناه الحرفي ..!! ..




نار ايلول بلا دخان ..!!


نار ايلول بلا دخان ..!!

باسم ابو سمية

 اشبه بدخان بلا نار كان السجال الذي نشأ من اول يوم في المصالحة بخصوص تشكيل حكومة محاصصة ، ذاك  الجدل البيزنطي غطى على القضية الاهم حول ما يتوجب عمله في معركة  تبدو نارها مشتعلة ولكن بلا دخان ،  هكذا تبدو الاجواء قبل الموعد المنتظر للاعتراف بالدولة في اروقة الامم المتحدة في ايلول المقبل ، في الحالة الاولى لم يطل الجدل اساس التشكيل الذي ورد نصه في الاتفاق وتحدث عنه الرئيس ابو مازن ، فقد تمحور الجدل حول شخص رئيس الحكومة فيما ان المطلوب حكومة مؤقتة تضم كفاءات من المستقلين تماما  تدير شؤون الناس لبضعة اشهر الى حين الاعداد للانتخابات بمساريها الرئاسي والتشريعي ، وبعد ذلك يمكن  للاطراف تشكيل الحكومة التي يريدون ، سواء حكومة توافق او وفاق  وطني او تقاسم  او غير ذلك ، ولكن قبل ذلك فليحدد الناس اولوياتهم .

لكن كما يبدو فان العصبية الفصائلية حرفت الكلام عن مواضعه  فتحول الى تبادل اتهامات بالتعطيل ، فعادت حليمة لعادتها القديمة ، كيل التهم وتحميل المسؤوليات ، وكل طرف يريد الاجهاز على الطرف الاخر بالضربة القاضية ، وهكذا غطى الاجواء غبار كثيف حول شخص رئيس الحكومة الجديد التي سعى الطرفان ( فتح وحماس ) لاقتسامها ، ولم يتبادر الى ذهن احدهما ان التشكيل لم يكن امرا مستعجلا ولا ضروريا  قبل ان تتضح نتائح التحرك الفلسطيني ويتبين الخيط الابيض من الاسود في مسألة التوجه الفلسطيني للامم المتحدة في ايلول الاتي .

ثمة غباش حتى الان في الموقف النهائي لكلي الطرفين من هوية المرشح لرئاسة الحكومة ، وكأنه كتب على الفلسطينيين ان يظلوا في كمد الى يوم الدين ، وكأن العصر الفياضي للحكومة كتب له ان يكون اخر عصور الحكم الرشيد والشفافية  وبناء المؤسسات ،   وهذا ما اوجد لدى عامة الناس نوعا من فقدان الامل واليأس من  ان عدم التوصل الى اتفاق  حول رئيس الحكومة  دليل على فشل الطرفان  مستقبلا في حل الملفات المتعلقة بالمصالحة وهي شائكة وكثيرة ، وكيف للفلسطينين في هذه الاجواء التآمرية التعامل مع معركة ايلول التي باتت على الابواب  ، طالما فشلوا في اخبتار الثقة  في اول قضية واجهتهم بعد المصالحة .

انها اجواء بغيضة مفعمة بالبغضاء  وانعدام الثقة ، وقد عادت علاقات الطرفين مثلما كانت ابان الانقسام البغيض مثل الزجاج تنكسر من اول نقرة ، فكل طرف يحمل الاخر مسؤولية تعطيل المصالحة ، واصبحت التصريحات والادانات والتنديد مثل الرصاص الطائش يلعلع  فوق الرؤوس بدون ضحايا  او اصابات حتى الان .

كان الاولى بالمتصارعين على رئاسة الحكومة   التفرغ بوضع الخطط لما يتوجب عمله  في الايام المقبلة ، والاسلحة التي ستسخدم في المعركة الايلولية ، وهي معركة الاعتراف بالدولة الفللسطينية على حدود 1967 ، لكن يبدو ان الاعتراف  لم يعد قضية تهم  احدا من المتهالكين على نيل المناصب الوزارية ، يا عيب الشوم ..  لم يفكر احد في الرد على  موقف اللجنة الرباعية الدولية  التي تأتمر بامرة الولايات المتحدة الامريكية ، وكيف ان الولايات اخذت على عاتقها  مهمة لن تحيد عنها ، وهي الانتصار لاسرائيل ظالمة ومظلومة ، وقلما كانت اسرائيل مظلومة  فهي مغتصبة لحقوقنا واراضينا ، ولا احد من الطامحين بالمناصب الوزارية  يتحدث عن هذا الاغتصاب الا في الاحتفالات  وامام الفضائيات ، وربما لهذا غابت القضية القومية الاولى عن الخطاب الرسمي للانظمة المحاصرة بالثورات وحركات التغيير ، وهذا ما يفسر ادارة العرب ظهورهم للرئيس ابو مازن حينما تحدث عن الازمة المالية الخانقة التي لم تمكن الحكومة من الايفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها ،  وقلة هم الذين  سمعوا صرخته عن الخطر المحدق ،  وكثيرون شككوا في صدقية الادعاء بان السلطة الفلسطينة تقف الان على شفا الافلاس والقحط المالي ، لعل فلسطين التي قرعت الدول والانظمة  العربية طبولها لعقود طويلة ، لم تعد  تستحث  نخوة العرب ..

في هذه الاثناء تبرز مسائل جديرة بالاهتمام فيما يخص موقف الولايات المتحدة والرباعية الدولية بقيادة  واشنطن ، وهي كيف سيكون بامكان الفلسطيين العودة  الى طاولة المفاوضات بدون شروط حسب دعوة الرباعية وامريكا ، بينما اسرائيل  تصادق في كل يوم  على مشروع استيطاني جديد ، والقدس التي تتحدث عنها الادبيات السياسية الفلسطينينة بانها العاصمة الابدية المفترضة للدولة المستقلة ، تغرق شيئا فشيئا في مستنقع الاستيطان وتغوص في التهويد ، لا نعتقد ان فلسطينيا واحدا  في الدنيا مستعد ولو بعد مائة سنة القبول بدولة فلسطينية  بدون القدس ، حتى اكثر المستفيدين من الامتيازات التي تقدمها اسرائيل وتعمل على سحبها كلما غضبت .

هل هناك  احد من حماس او فتح يقدم لنا تفسيرا حول ما يمكن على السلطة عمله حيال الضغوط التي يقال ان واشنطن تمارسها على السلطتين الفلسطينية والاسرائيلية لاستئناف المفاوضات ، وعلام سيتفاوض الجانبان يا ايتها الولايات المتحدة الامريكية  ،  يقولون تهكما ان جهيزة الرباعية الدولية التي هي  رباعية توني بلير قطعت قول كل خطيب مكتفية بدعوة الطرفين ، للعودة الى سرير المفاوضات بلا مخدات  تجمعهما  ، عسى ذلك يعيد  ذكريات ايام زمان  حين كانت بعض جلسات التفاوض تقتصر على طلب بعض التسهيلات  الاسرائيلية  كاثبات حسن النوايا ،  والان نعتقد ان  قرار الرباعية هو شكل جديد من اشكال البلطجة السياسية ، لا يختلف عن النمط المعروف على هوامش الثورات العربية ، فالبلطجة هي نفسها في كل الاحوال ، ويبقى الامر المثير للسخرية ان التقديرات في اسرائيل  تقول انه في حال حدوث تقارب بين مواقف المتفاوضين  فان الولايات المتحدة  تعتزم عقد لقاء قمة في واشنطن لاجمال المواقف ، وجمع راسي المتفاوضين على مخدة  الحل ، لا نعلم  ما هو الحل المقصود بالحديث  .

الاكثر غرابة او استغرابا ، هو تجرؤ وزير الخارجية الفلسطينية على تحدي ارادة الادارة الاميركية بالتعبير  عن امله في ان تتفهم واشنطن مطلب اعلان دولة فلسطين على حدود 1967  في ايلول المقبل ، والاكثر طرافة المراهنة على اقوال ميتافيزيقية  مثل ان فلسطين المنتظرة على احر من الجمر حلول ايلول ، لن تقف وحدها في مواجهة الولايات المتحدة ، بل ان الدول العربية كلها ستقف الى جانبها ، وكأن باصحاب هذا القول لا يعلمون ان العرب دخلوا منذ زمن بعيد  في ثلاجة الصديق الامريكي بمحض ارادتهم ،  فتجمدت جميع قدراتهم السياسية  والثقافية والمالية .

وما لجنة المتابعة العربية التي يعول عليها الساسة الافاضل ، الا كالانسان الالي  وفق الرغبة الاميريكة ، فلا تحيد عنها  او تخالفها ، وما هي الا للمتابعة فقط لا اكثر ولا اقل ،  وهذه اللجنة لم تحدد موقفها بعد  من اعلان الدولة  بانتظار اشارة من الاصبع الاميركي ؟!.

في رئاسة اركان ايلول ثمة من يقف كالطود الشامخ  ، او كالمارد ، وهو كبير المفاوضين صائب عريقات ، متصفا بالجرأة والصبر مثل ايوب ويقول ان هناك خطوات عملية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، حيث بدأت جحافل الدبلوماسية الفلسطينية في الزحف نحو عواصم العالم لدعوة قادة تلك الدول الى اعتناق الاعتراف بدولة فلسطين ،  ودعم توجه السلطة الى الامم المتحدة ومجلس الامن ، وهذا الموقف دليل قاطع على ان ( ابو علي  وهو لقب يضرب في الشجاعة والاقدام ) يستند الى جدار منيع  بعدما رفع عقيرته بالتصريح ان تهديد اي طرف ، ولم يقل الولايات المتحدة ، باستخدام الفيتو  لن يمنعنا من حقنا في نيل الاعتراف  بالعضوية ، لقد كان على كل اركان السلطة ان يحذوا حذوه ، وان يضربوا عرض الحائط  بالرفض الامريكي للتوجه الفلسطيني الى مربط خيلنا بنيويورك في ايلول المقبل شاء من شاء وابى من ابى، ومهما كانت النتائج ، فهل يتعلم المتهافتون على الحكومة والمنشغلون في تفصيل رئيس لها  كيف تكون الشجاعة والاقدام ، وكيف عليهم التصرف في اوقات الشدة ، بدلا من ترك ميدان المعركة والتلهي بلعبة تعديل الجينات الوراثية لصناعة المؤامرة ، على طريقة  ان لم تكن متآمرا  فقد اكلك المتآمرون ، ويا ويلنا ان بقي حالنا كذلك  .

لقد حانت ساعة القرار، ولم يعد امامنا الا احد امرين ،  اما الرضوخ لرغبة الولايات المتحدة  او الرفض ، فالاول يعني نهاية القضية الفلسطينية ، والثاني يحمل تداعيات عديدة ليست النهاية احداها ، فالعودة الى المفاوضات بمفهوم الرباعية والولايات المتحدة واسرائيل  ليست سوى انتحارا بمعناه الحرفي ..!! ..




الاثنين، 4 يوليو 2011

ربيع في زمن القحط..!!


ربيع في زمن القحط..!!

باسم ابو سمية

ليطمئن الذين في قلوبهم وهن ، فلن يحدث عنف في ايلول ، ولن يختلف ما قبل ايلول عما بعده ، ولن يتغير الشيء الكثير ، فكما يقول المثل : " ألف دعوة ما مزقت قميص ، والف زغرودة ما جوزت عريس "،  ما يعني ان الكلام لا يودي ولا يجيب ، فنحن نريد عملا يفرض وقائع على الارض ، الا ان الغيوم الداكنة  المتلبدة  في سمائنا ، تشي باننا مقبلون على قحط في المال والسياسة  قد يستمر لفترة طويلة  .

 في هذه الاجواء  تلوح بارقة امل  تبعث فينا بعض الطمانينة  على الوضع الفلسطيني  بعدما  تناهى  الى علمنا  ان ربيعا شبابيا اخضر قد بدأ يزهر ، وان انشطة المجموعات الشبابية  قد دخلت على خط النخبة السياسية الغارق بعضها  في تفصيل رئيس حكومة تنطبق عليه المواصفات الفصائلية  ، وانشغال  البعض الاخر  في تحليل اسباب انحسار السيولة المالية  اللازمة لاطالة عمر السلطة ، والمحزن ان قطاع الموظفين هو المتضرر مما الت اليه احوال بيت مال الحكومة  التي باتت على شفا  الافلاس ، ولهذا فالحكومة الحالية  لن تصرف  لموظفيها سوى  نصف راتب  عن الشهر الماضي وربما الاتي .

وبينما تحشد الفصائل  قواها  لتشكيل حكومة تقاسم سياسي ، يلمع في سماء فلسطين بريق يبهر الابصار ، تشعله  انشطة  تمارسها مجموعات شبابية  بحثا عما يحقق طموحات واحلام تختلف عما يختلج في صدور اهل السياسة واصحاب النفوذ والمشاريع ، لا تتوقف  عند حدود 1967 ،  وهذه المجموعات لا تبحث  عن مناصب ولا عن مكاسب وادوار  ، بل عناوين جديدة تقوم على الحقوق وليس الحلول ، وتتبنى المقاومة الشعبية التي ترى فيها الاداة الافضل للنضال الفلسطيني السلمي ولا سيما بعدما حققت تجربة بلعين نجاحا ملحوظا  يمكن ان نسميه  انتصارا  للمقاومة الشعبية السلمية  .

 هذه المجموعات هي ذاتها التي مارست دورا كبيرا عبر فيس بوك  لدفع حركتي فتح وحماس الى توقيع اتفاق المصالحة ، وقد بدأت مؤخرا  بعقد لقاءات تناقش فيها برامج وافكارا ورؤى سياسية جديدة وهامة ،  ومنها حقوق الفلسطينيين واحلامهم  بلهجات تتنوع بتنوع الجغرافيا الفلسطينية من الناصرة واللد والمثلث والقدس ورام اللة وغزة والخليل ، وهؤلاء تحدثوا في عناوين  كثيرة كالحرية والكرامة والمساواة والعدالة  وحق العودة ، وناقشوا ايضا موضوع حل الدولة الواحدة وليس فقط حل الدولتين .

وكما هي عادتها ، فقد سارعت الاحز.اب السياسية والتنظيمات للزج بعناصرها في تلك المجموعات في محاولة للتأثير على انشطتها وقراراتها ، مثلما فعلت حركة حماس التي قررت وقف مقاطعتها  لشبكات التواصل الاجتماعي  ودعت عناصرها الى الانضمام لشبكة فيس بوك وتويتر ، واسعة الاستخدام في اوساط الشباب الفلسطينين اكثر منها في اوساط القيادات السياسية التقليدية  ، لكن المجموعات الشبابية التي يتوقع لها ان تصبح مستقبلا حركات سياسية ذات تاثير طالما لم تستطع الاحزاب والحركات السياسية  التقليدية تحقيق اهدافها  في التحرر والاستقلال والعودة  ، لكن المشكلة ان هذه المجموعات  تفتقر حتى الان الى خطة عمل موحدة  وبحاجة الى قيادة ذات خبرة .

تلك النشاطات تأتي في وقت تقود فيه الولايات المتحدة حملة لاحباط التوجه الفلسطيني الى الامم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة وتعتزم تقديم  طرح جديد يستبق ايلول  بخطة تتضمن العودة الى المفاوضات  بلا خرائط ولا ضمانات .


هذا في جانب ، وفي الجانب الاخر فهناك معطيات اضافية لا يغيب الشباب عنها وتتعلق بمساع تدعم التوجه الفلسطيني للاعتراف بدولة على حدود 1967  وتشكيل رئاسة اركان سياسية  يقودها خمسة من كبار قادة السلطة  لمواجهة  الجهد الاميركي الرامي الى منع مجلس الامن من تأييد قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 ، بدعوى  اعادة الطرفين اسرائيل والفلسطينين الى طاولة المفاوضات ،  وهذا ما تضمنته  البرقية السرية التي سلمها مبعوث السلام الامريكي ديفيد هيل يوم الرابع والعشرين  من حزيران الماضي  لنظيره الاوروبي في الرباعية الدولية خلال اجتماع بروكسل  والتي تؤكد ان خطاب الرئيس الامريكي باراك اوباما  في التاسع عشر من ايار الماضي  هو  الطريق الوحيد للتحرك نحو السلام المنشود .

وحسب تلك البرقية  فقد قال هيل ان  على الطرفين الاعتراف بالمباديء الاساسية التي وردت في خطاب اوباما  ولا يسمح لأي منهما ولكليهما بتغيير كلمات  الخطاب ولا  حتى بمحاولة تفسيرها ، وسيعطيان هامش مرونة يقوم على سياسة ( خذ وهات )  ، وان اسرائيل رغم المعارضة القاطعة التي اظهرها نتنياهو تجاه خطة اوباما بخصوص حدود 1967 ، سوف تتحول  في النهاية  الى مرونة  تسمح بالعودة الى مسار المفاوضات .

نكاد نلمس الحرص الاميركي على استقرار المنطقة وهدوئها   ، فمعارضة  المسعى الفلسطيني للتوجه  الى الجمعية العامة للامم المتحدة هدفه المعلن الخشية  من ان يؤدي الاعتراف بالدولة الى جولة جديدة من العنف بين اسرائيل والفلسطينين  وربما اندلاع  انتفاضة ثالثة يصنعها معشر الشباب ، ولهذا  تبدي  واشنطن اصرارا على  الحيلولة دون ذلك  باستخدام طرق شتى للمحافظة على ما يمكن تسميته بجاذبية للمفاوضات وضمان تحقيق اختراقات ،  وعدم توقف عجلتها كما حصل في السابق ، وفي الوقت ذاته  مساعدة الفلسطينين على الاستفادة من المصالحة بما يسمح للمجتمع الدولي بمواصلة العمل ،  واختيار رئيس وزراء مقبول دوليا  لقيادة حكومة خالية من العناصر غير المرغوب فيها  لدى المجتمع الدولي .  .

وعشية انعقاد اجتماع الرباعية الدولية في واشنطن بعد اسبوع من الان في الحادي عشر من تموز الجاري ، واشتداد الحملة الاميركية لاستئناف المفاوضات واسرائيل فان الرئيس ابو مازن لا يخفي  وقوفه مع خيار التفاوض اولا وثانيا وثالثا ( هكذا قال في اتصال مع اذاعة صوت فلسطين في  الذكرى السابعة عشرة لتاسيسها )  ، ولكن هذه الرغبة مقرونة بوقوف العالم مع الحق الفلسطيني بدولة على حدود 1967 ووقف الاستيطان ، واذا لم ينجح هذا الخيار فلن يكون امام  السلطة الفلسطينية الا التوجه للامم المتحدة ، مع ان  ما  بعد ايلول لن يغير  الكثير على ارض الواقع  على صعيد  اقامة الدولة المستقلة .



في الخلاصة فان التظاهر بانشغال  النخبة السياسية  بالمصالحة  لا يعني الحرص  على  انجازها  ولا البحث عمن  يتحمل مسؤولية تاخيرها ، بل استغلال الظرف لتركيب  الحكومة كيفما اتفق ، فالمصالحة  ليس لها تاريخ صلاحية محدد ، ولم تصل الى طريق مسدود وبامكانها الانتظار شهر او شهرين او اكثر ريثما يتم انجاز ملفات اكثر اهمية ،  اما الحكومة التي حشدت جميع الفصائل كل طاقاتها وشحذت عناصرها  للانخراط في تركيبتها المقترحة فهي في نظرنا  ليست حكومة وحدة وطنية ولا حكومة مشاركة ولا محاصصة ولا تقاسم ، وانما  خلية  حكم لفترة انتقالية عمرها لا يتعدى بضعة اشهر تتفرغ خلالها  للاعداد لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية واعادة اعمار غزة ، ، ومحق كل من يتحدث عن عدم جدوى انعقاد  اللقاء  الذي تأجل بين الرئيس ابو مازن ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس ابو الوليد لأن اللقاء كان سيغرق  في دوامة تسمية رئيس حكومة مؤقتة يكمن الشيطان في تفاصيل تشكيلها ،  ويبقى الامل يلوح في افق  انشطة المجموعات الشبابية  الساطعة في رام الله وتجتذب اليها عشرات الشبان من الناصرة واللد والخليل وغزة ورام اللة وطولكرم وغيرها ،  فهي كالربيع الذي يحل في زمن القحط  ، وهو من افضل واجمل  ما اتسمت  به الحالة الفلسطينية في العقود الاخيرة ..!!




السبت، 18 يونيو 2011


حكومة مهضومة  ..!!

باسم ابو سمية

انباء التشكيل الحكومي الفلسطيني مثل الطقس  المتقلب كل يوم في حال ، فتارة يقال ان فياض مرشح فتح وتارة اخرى يقال  ان فتح لم ترشح قياض ولا تريده  وان حماس تعارض ذلك لكن  اوساطا منها تؤيد ، هكذا  هي احوال التشكيل الحكومي  هذه الايام  ، غائمة ثم غائمة جزئيا  وحارة   ، ثم ماطرة في عز الصيف .

في وسط هذه الاجواء ثمة من يعزف لحنا نشازا حين يقول ان الحكومة الجديدة   لا هي حكومة فياض ولا مصطفى ولا سنقرط ، ولنما هي حكومة الرئيس محمود عباس  ، فهو الذي يكلفها بعد ان يغربلها  وينقيها من الشوائب  غير المرغوبة  ، وهذا من حقه ، وتكون الحكومة ملتزمة ببرنامجه  ، على انه لن يكون لها برنامج  سياسي ، وعقب تشكيلها ، ستعرض على التشريعي بعد تفعيله  ، وتعقيبا على هذا العزف نقول  ان كل من يحل المعادلة يستحق ان يكون مستشارا لرئيس الحكومة المقبل .

لم تعد المسألة اذا ان تتمكن فتح من اقناع حماس بان فياض هو الحل لتجنب غضب المجتمع الدولي  ، ولم بعد فياض خيارا اخيرا  لفتح  بعد ان كان وحيدا فالبحث جار الان عن شخصية مستقلة  ولا مانع ان كانت من غزة  ، لقيادة الحكومة ، شريطة ان يتمتع بكاريزما  قيادية ذات تأثير على الغرب  ويتمتع بشبكة اتصالات وعلاقات تساعده على تسهيل مهمته ، ومن لا يمتلك هذه الصفات  لا  ينفع لحمل لقب دولة الرئيس .

قبل ايام سمعنا ان اتفاقا شبه نهائي قد تم بين الاطراف  لتشكيل  حكومة جديدة جدا ليس فيها  لا وزير ولا غفير  من القدامى  ، لا من حكومة سلام فياض ولا من حكومة اسماعيل هنية ، وربما يقودها واحد من اثنين ،  الاول الصناعي  ورجل الاعمال مازن سنقرط ، والثاني رئيس صندوق الاستثمار محمد مصطفى ، وهما بالمناسبة ليسا مستقلين  ، وربما يكون هذان  آخر حجرين  يلقىان  في بركة التوزير ، فقد طرحت  خلال الاسابيع الماضية  اسماء كثيرة  لرئاسة الحكومة  ومنها اسم رجل الاعمال  المعروف عربيا  منيب المصري ، وقيل في رام الله ان الرئيس محمود عباس كان حتى قبل نهاية الاسبوع  متفائل باقناع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في لقاء القاهرة  الثلاثاء المقبل بتولي سلام فياض رئاسة الحكومة  المقبلة لضرورات المرحلة  فهو الشخص الوحيد من بين الاسماء المتداولة الاكثر قبولا على المستوى الاقليمي والدولي والعربي ايضا  ، لكن ما جاء من القاهرة يفيد بان حماس رفضت تسمية فياض رفضا قاطعا  .

في راينا فان الحكومة المنوي تشكيلها تعتبر حكومة الوقت المائع ، اذ ان الافق السياسي لا يحمل اية امال  بتسوية سياسية  على المدى المنظور سوى  ما ينشر في الاعلام من تصريحات متضاربة ، ونحن نعرف ان لا مكان للحقائق الكاملة  في الصحافة فاعلامنا مثلما تكونوا يول عليكم  ، وبالاضافة لذلك  فالحكومة الذي يجري تركيبها لن تستطيع الصمود لحظة واحدة  في المواجهة ، فالقادم  يحمل الكثير من المفاجآت ،وأولها ما تسعى اليه اسرائيل بتجفيف منابع السلطة من خلال احتجاز اموال الضرائب ، وفي حال قامت بذلك فان السلطة ستعيش مجددتا في دوامة الجفاف المالي  وهنا تكون الحاجة ملحة لحكومة النفس القوي .

اذا الموقف هنا  لا يحتمل حكومة ميوعة سياسية ، بل ان الحاجة اكثر الى حكومة  تمتلك  حلولا اقتصادية  واجتماعية ومعيشية  ، فلا يعقل  ان يغرف رئيس الحكومة الجديد من جيبه ليصرف على الناس ، بل المطلوب رئيس يعرف في  العلاقات الدولية ولاقتصاد والاموال  اكثر مما يهرف في الاقوال . .

على كل حال بيننا وبين الثلاثاء الموعد  المنتظر للاعلان رسميا عن اسماء رئيس واعضاء الحكومة ، بضعة  ايام  ، ولا يهمنا في هذا المجال اذا ما عاد اسم سلام فياض  الى التداول مرة اخرى رغم قرار  حماس سحبه نهائيا  من المزاد الحكومي ،  ليصبح في نظرها  خارج نطاق الخدمة  او منتهي الصلاحية  ، لأن فطبي المعادلة الحكومية اتفقا على ان  اختيار رئيس الوزراء والوزراء الجدد يجب ان لا يخضع  لمزاج طرف دون الأخر ، ولا يملك طرف ان يفرض اسما دون موافقة الأخر ،  ولكي يقال ان حماس تجيد  الاتيكيت فقد دعت  فياض بصفته خبيرا في ادارة الازمات الحكومية  الى تقديم  خبراته  لرئيس  الوزراء القادم  لينجح في  مهتمه.

والحكومة العتيدة  ايا كان قائدها هي الثمرة المرة التي طرحتها شجرة الاتفاق التي سقيت بماء المصالحة فجاءت  على شكل حكومة توافق في ظاهرها ، وفي باطنها  حكومة ملغومة  لانها تقوم على التقاسم والترضيات ، فحصة باقي التنظيمات المشاركة  لا تتعدى بضعة حقائب وزارية هامشية  ، مجرد اسم على مسمى ، ومرة اخرى نرى ان حركة فتح وسلطة الرئيس محمودعباس ترضخان لارادة حركة حماس بخصوص شخص رئيس الحكومة ، لعلنا نكون مخطئين ، ولكن المكتوب يقرأ من عنوانه  .

ما نعرفه تماما  ان رئيس الحكومة - حتى كتابة المقال -  سلام فياض تراجع مرتين على الاقل عن "ضبضبة اغراضه " من مكتبه بدار الحكومة في حي الماصيون بعد تطمينات حصل عليها من جهات فلسطينية وعربية بانه باق في منصبه لضرورات تفرضه االمرحلة ، وان الرئيس محمود عباس ابلغ اللجنة المركزية لحركة فتح باعتماده مرشحها  الاوحد ، فكان له ما اراد، الا ان حماس التي كانت قد وافقت في ايار الماضي  تراجعت وخرجت لتعلن رفضها القاطع  لتسمية فياض  للحكومة لا رئيسا ولا حتى وزيرا ، وكان لها ما ارادت  بحجة الالتزام بقواعد لعبة اتفاق المصالحة ، كما اعلن مسؤول فتحاوي كبير ، فاللعبة تقتضي عدم فرض اي طرف رايه على الطرف الاخر ، وكان رئيس الوزراء د. سلام فياض استبق  الامر بالتأكيد على انه لن يفرض نفسه على احد .بعدم الحاجة اليه ويكفي  حكومة مدراء عامين  او وكلاء الوزارات  فمهماتهم  تنحصر في توفير الاموال وصرف الرواتب والموازنات والتحضير للانتخابات  والاحتياجات المعيشية الاخرى ، فاذا بنا نشاهد كولسات ومشاورات ومؤامرات ، وتداول اسماء اشخاص لرئاسة الحكومة  والبعض منهم زعماء  احزاب سياسية  ومنظمات غير حكومية  تتمرغ في الدعم الغربي ، الا تخشى القيادة السياسية من انعكاس ارادة زعيم الحزب على سياسة الحكومة والبلاد ، اليس هذا تجاوزا  للاعراف التي لا تجيز ان يكون رئيس الحكومة  محكوما بارادة حزبه وسياساته .

ولان  هذه الحكومة تاتي  خلافا لما اتفق عليه  اثر المصالحة ، فان الكاسب في الحكومة الجديدة  قلق ، والخاسر ايضا قلق، فكلاهما  سيكون مضطرا الى ان يحمل على عاتقه احمالا ثقيلة  تنوء بحملها الجبال من القضايا الحياتية المحكومة بتطلعات  الناس ومتطالبهم واحتياجاتهم ، التي ربما يكون تحقيقها صعبا ان لم يكن  مستحيلا .

وحتى مع الاستبشار الظاهر على وجوه بعض المبشرين بالتوزير فثمة ما يدعو الى التوقف قليلا والتفكير مليا وكثيرا ، وعدم   الالتفات الى الوراء ، وان يحسب الجميع حساب كل  شاردة وواردة  تأتي عليها هذه الحكومة التي ستكون مراقبة بمجهر  الراصدين من الداخل والخارج ، فهناك المرصد الامريكي والاسرائيلي والاوروبي ورباعية توني بلير، والمجتمع الاممي والمرصد العربي والفلسطيني ، فجميع الاطراف تريد حكومة تلبي طموح الغرب ،  وفلسطين ليست معزولة عن العالم بل في قلب  المنطقة العربية الملتهبة .

بطبيعة الحال ليس  لدى هذه الحكومة المقبلة القدرة على لي الذراع الاميركية والتصدي للمارسات الاسرائيلية كالاستيطان ومصادرة  الاراضي ، وتهويد القدس ، وستتفرغ لادارة الشأن  العام الداخلي للناس، متكأة على ما ستفعله منظمة التحريرالفلسطينية  الموكلة بالملف السياسي حسب الاتفاق ، فالحكومة التي ستتشكل لن  تشارك حسب علمنا في قيادة المرحلة الاكثر  خطورة وحساسية في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لكنها ستكون محكومة  بكل  ما يجري من تطورات  سياسية وغير سياسية .

نعلم بانه ليس لدى الحكومة الوليدة سوى هامش ضيق يتعين عليها ان تناور من خلاله وفق ما تراه مصادر متابعة من داخل اروقة القرار، فهي حكومة وزراء وحقائب فقط لا تمثل الارادة الحقيقية للناس  بل ارادة فصائل ذات مصالح ذاتية  ، ثم ان الجهود التي  بذلت  في اللحظات الاخيرة لانجاز التشكيلة الحكومية كيفما اتفق ، جاءت لاغلاق الباب على التقولات والشائعات  والتكهنات ، فاختار الفريقان الكبيران فتح وحماس المشي على اطراف الاصابع كي لا ينتبه الاعلاميون والسياسيون لما يجري ،

لكن المشكلة لا تنتهي في العادة عند التشكيل ، بل تبدأ بعد التأليف ، وهنا امر بديهي ، وانشغال السلطة في الملفات السياسية لا يعفي الحكومة الجديدة من المسؤولية  ، فامام القيادة  بكل تشكيلاتها  قضايا مهمة وحساسة  اشبه بالقنابل الموقوتة ، وهي  استحقاق ايلول والمفاوضات والاعتراف ، و مضمون البيان الوزاري وموقف  الفصائل السياسية من رؤية الرئيس الاميركي باراك اوباما للحل ، ومن المؤتمرالدولي الذي دعت اليه  فرنسا ،  ومن الاعتراف باسرائيل ، ومن انضواء كتائب القسام في الاجهزة الامنية  والافراج عن المعتقلين السياسيين لدى الجانبين  ، والسماح بتوزيع الصحف المحظورة والغاء احكام كانت حماس قد اصدرتها بحق صحافيين ومواطنين ، ورد الاعتبار لمواطنين نكل بهم  وقطعت اطرافهم ،  وغير ذلك من قضايا حياتية واجتماعية رئيسية وفرعية كثيرة ، تلك قضايا يجب حلها  تزامنا مع استلام  الحكومة مفاتيح  الحكم ..!!



حكومة مهضومة  ..!!

باسم ابو سمية

انباء التشكيل الحكومي الفلسطيني مثل الطقس  المتقلب كل يوم في حال ، فتارة يقال ان فياض مرشح فتح وتارة اخرى يقال  ان فتح لم ترشح قياض ولا تريده  وان حماس تعارض ذلك لكن  اوساطا منها تؤيد ، هكذا  هي احوال التشكيل الحكومي  هذه الايام  ، غائمة ثم غائمة جزئيا  وحارة   ، ثم ماطرة في عز الصيف .

في وسط هذه الاجواء ثمة من يعزف لحنا نشازا حين يقول ان الحكومة الجديدة  ليست لا هي حكومة فياض ولا مصطفى ولا سنقرط ، ولنما هي حكومة الرئيس محمود عباس  ، فهو الذي يكلفها بعد ان يغربلها  وينقيها من الشوائب  غير المرغوبة  ، وهذا من حقه ، وتكون الحكومة ملتزمة ببرنامجه  ، على انه لن يكون لها برنامج  سياسي ، وعقب تشكيلها ، ستعرض على التشريعي بعد تفعيله  ، وتعقيبا على هذا العزف نقول  ان كل من يحل المعادلة يستحق ان يكون مستشارا لرئيس الحكومة المقبل .

لم تعد المسألة اذا ان تتمكن فتح من اقناع حماس بان فياض هو الحل لتجنب غضب المجتمع الدولي  ، ولم بعد فياض خيارا اخيرا  لفتح  بعد ان كان وحيدا فالبحث جار الان عن شخصية مستقلة  ولا مانع ان كانت من غزة  ، لقيادة الحكومة ، شريطة ان يتمتع بكاريزما  قيادية ذات تأثير على الغرب  ويتمتع بشبكة اتصالات وعلاقات تساعده على تسهيل مهمته ، ومن لا يمتلك هذه الصفات  لا  ينفع لحمل لقب دولة الرئيس .

قبل ايام سمعنا ان اتفاقا شبه نهائي قد تم بين الاطراف  لتشكيل  حكومة جديدة جدا ليس فيها  لا وزير ولا غفير  من القدامى  ، لا من حكومة سلام فياض ولا من حكومة اسماعيل هنية ، وربما يقودها واحد من اثنين ،  الاول الصناعي  ورجل الاعمال مازن سنقرط ، والثاني رئيس صندوق الاستثمار محمد مصطفى ، وهما بالمناسبة ليسا مستقلين  ، وربما يكون هذان  آخر حجرين  يلقىان  في بركة التوزير ، فقد طرحت  خلال الاسابيع الماضية  اسماء كثيرة  لرئاسة الحكومة  ومنها اسم رجل الاعمال  المعروف عربيا  منيب المصري ، وقيل في رام الله ان الرئيس محمود عباس كان حتى قبل نهاية الاسبوع  متفائل باقناع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في لقاء القاهرة  الثلاثاء المقبل بتولي سلام فياض رئاسة الحكومة  المقبلة لضرورات المرحلة  فهو الشخص الوحيد من بين الاسماء المتداولة الاكثر قبولا على المستوى الاقليمي والدولي والعربي ايضا  ، لكن ما جاء من القاهرة يفيد بان حماس رفضت تسمية فياض رفضا قاطعا  .

في راينا فان الحكومة المنوي تشكيلها تعتبر حكومة الوقت المائع ، اذ ان الافق السياسي لا يحمل اية امال  بتسوية سياسية  على المدى المنظور سوى  ما ينشر في الاعلام من تصريحات متضاربة ، ونحن نعرف ان لا مكان للحقائق الكاملة  في الصحافة فاعلامنا مثلما تكونوا يول عليكم  ، وبالاضافة لذلك  فالحكومة الذي يجري تركيبها لن تستطيع الصمود لحظة واحدة  في المواجهة ، فالقادم  يحمل الكثير من المفاجآت ،وأولها ما تسعى اليه اسرائيل بتجفيف منابع السلطة من خلال احتجاز اموال الضرائب ، وفي حال قامت بذلك فان السلطة ستعيش مجددتا في دوامة الجفاف المالي  وهنا تكون الحاجة ملحة لحكومة النفس القوي .

اذا الموقف هنا  لا يحتمل حكومة ميوعة سياسية ، بل ان الحاجة اكثر الى حكومة  تمتلك  حلولا اقتصادية  واجتماعية ومعيشية  ، فلا يعقل  ان يغرف رئيس الحكومة الجديد من جيبه ليصرف على الناس ، بل المطلوب رئيس يعرف في  العلاقات الدولية ولاقتصاد والاموال  اكثر مما يهرف في الاقوال . .

على كل حال بيننا وبين الثلاثاء الموعد  المنتظر للاعلان رسميا عن اسماء رئيس واعضاء الحكومة ، بضعة  ايام  ، ولا يهمنا في هذا المجال اذا ما عاد اسم سلام فياض  الى التداول مرة اخرى رغم قرار  حماس سحبه نهائيا  من المزاد الحكومي ،  ليصبح في نظرها  خارج نطاق الخدمة  او منتهي الصلاحية  ، لأن فطبي المعادلة الحكومية اتفقا على ان  اختيار رئيس الوزراء والوزراء الجدد يجب ان لا يخضع  لمزاج طرف دون الأخر ، ولا يملك طرف ان يفرض اسما دون موافقة الأخر ،  ولكي يقال ان حماس تجيد  الاتيكيت فقد دعت  فياض بصفته خبيرا في ادارة الازمات الحكومية  الى تقديم  خبراته  لرئيس  الوزراء القادم  لينجح في  مهتمه.

والحكومة العتيدة  ايا كان قائدها هي الثمرة المرة التي طرحتها شجرة الاتفاق التي سقيت بماء المصالحة فجاءت  على شكل حكومة توافق في ظاهرها ، وفي باطنها  حكومة ملغومة  لانها تقوم على التقاسم والترضيات ، فحصة باقي التنظيمات المشاركة  لا تتعدى بضعة حقائب وزارية هامشية  ، مجرد اسم على مسمى ، ومرة اخرى نرى ان حركة فتح وسلطة الرئيس محمودعباس ترضخان لارادة حركة حماس بخصوص شخص رئيس الحكومة ، لعلنا نكون مخطئين ، ولكن المكتوب يقرأ من عنوانه  .

ما نعرفه تماما  ان رئيس الحكومة - حتى كتابة المقال -  سلام فياض تراجع مرتين على الاقل عن "ضبضبة اغراضه " من مكتبه بدار الحكومة في حي الماصيون بعد تطمينات حصل عليها من جهات فلسطينية وعربية بانه باق في منصبه لضرورات تفرضه االمرحلة ، وان الرئيس محمود عباس ابلغ اللجنة المركزية لحركة فتح باعتماده مرشحها  الاوحد ، فكان له ما اراد، الا ان حماس التي كانت قد وافقت في ايار الماضي  تراجعت وخرجت لتعلن رفضها القاطع  لتسمية فياض  للحكومة لا رئيسا ولا حتى وزيرا ، وكان لها ما ارادت  بحجة الالتزام بقواعد لعبة اتفاق المصالحة ، كما اعلن مسؤول فتحاوي كبير ، فاللعبة تقتضي عدم فرض اي طرف رايه على الطرف الاخر ، وكان رئيس الوزراء د. سلام فياض استبق  الامر بالتأكيد على انه لن يفرض نفسه على احد .بعدم الحاجة اليه ويكفي  حكومة مدراء عامين  او وكلاء الوزارات  فمهماتهم  تنحصر في توفير الاموال وصرف الرواتب والموازنات والتحضير للانتخابات  والاحتياجات المعيشية الاخرى ، فاذا بنا نشاهد كولسات ومشاورات ومؤامرات ، وتداول اسماء اشخاص لرئاسة الحكومة  والبعض منهم زعماء  احزاب سياسية  ومنظمات غير حكومية  تتمرغ في الدعم الغربي ، الا تخشى القيادة السياسية من انعكاس ارادة زعيم الحزب على سياسة الحكومة والبلاد ، اليس هذا تجاوزا  للاعراف التي لا تجيز ان يكون رئيس الحكومة  محكوما بارادة حزبه وسياساته .

ولان  هذه الحكومة تاتي  خلافا لما اتفق عليه  اثر المصالحة ، فان الكاسب في الحكومة الجديدة  قلق ، والخاسر ايضا قلق، فكلاهما  سيكون مضطرا الى ان يحمل على عاتقه احمالا ثقيلة  تنوء بحملها الجبال من القضايا الحياتية المحكومة بتطلعات  الناس ومتطالبهم واحتياجاتهم ، التي ربما يكون تحقيقها صعبا ان لم يكن  مستحيلا .

وحتى مع الاستبشار الظاهر على وجوه بعض المبشرين بالتوزير فثمة ما يدعو الى التوقف قليلا والتفكير مليا وكثيرا ، وعدم   الالتفات الى الوراء ، وان يحسب الجميع حساب كل  شاردة وواردة  تأتي عليها هذه الحكومة التي ستكون مراقبة بمجهر  الراصدين من الداخل والخارج ، فهناك المرصد الامريكي والاسرائيلي والاوروبي ورباعية توني بلير، والمجتمع الاممي والمرصد العربي والفلسطيني ، فجميع الاطراف تريد حكومة تلبي طموح الغرب ،  وفلسطين ليست معزولة عن العالم بل في قلب  المنطقة العربية الملتهبة .

بطبيعة الحال ليس  لدى هذه الحكومة المقبلة القدرة على لي الذراع الاميركية والتصدي للمارسات الاسرائيلية كالاستيطان ومصادرة  الاراضي ، وتهويد القدس ، وستتفرغ لادارة الشأن  العام الداخلي للناس، متكأة على ما ستفعله منظمة التحريرالفلسطينية  الموكلة بالملف السياسي حسب الاتفاق ، فالحكومة التي ستتشكل لن  تشارك حسب علمنا في قيادة المرحلة الاكثر  خطورة وحساسية في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لكنها ستكون محكومة  بكل  ما يجري من تطورات  سياسية وغير سياسية .

نعلم بانه ليس لدى الحكومة الوليدة سوى هامش ضيق يتعين عليها ان تناور من خلاله وفق ما تراه مصادر متابعة من داخل اروقة القرار، فهي حكومة وزراء وحقائب فقط لا تمثل الارادة الحقيقية للناس  بل ارادة فصائل ذات مصالح ذاتية  ، ثم ان الجهود التي  بذلت  في اللحظات الاخيرة لانجاز التشكيلة الحكومية كيفما اتفق ، جاءت لاغلاق الباب على التقولات والشائعات  والتكهنات ، فاختار الفريقان الكبيران فتح وحماس المشي على اطراف الاصابع كي لا ينتبه الاعلاميون والسياسيون لما يجري ،

لكن المشكلة لا تنتهي في العادة عند التشكيل ، بل تبدأ بعد التأليف ، وهنا امر بديهي ، وانشغال السلطة في الملفات السياسية لا يعفي الحكومة الجديدة من المسؤولية  ، فامام القيادة  بكل تشكيلاتها  قضايا مهمة وحساسة  اشبه بالقنابل الموقوتة ، وهي  استحقاق ايلول والمفاوضات والاعتراف ، و مضمون البيان الوزاري وموقف  الفصائل السياسية من رؤية الرئيس الاميركي باراك اوباما للحل ، ومن المؤتمرالدولي الذي دعت اليه  فرنسا ،  ومن الاعتراف باسرائيل ، ومن انضواء كتائب القسام في الاجهزة الامنية  والافراج عن المعتقلين السياسيين لدى الجانبين  ، والسماح بتوزيع الصحف المحظورة والغاء احكام كانت حماس قد اصدرتها بحق صحافيين ومواطنين ، ورد الاعتبار لمواطنين نكل بهم  وقطعت اطرافهم ،  وغير ذلك من قضايا حياتية واجتماعية رئيسية وفرعية كثيرة ، تلك قضايا يجب حلها  تزامنا مع استلام  الحكومة مفاتيح  الحكم ..!!


الخميس، 16 يونيو 2011


سائليني يا شآم‏ ..!!

باسم ابوسيمة

كلما ذكرت الشام على مسامعي ، خطر ببالي ما قاله فطاحل الشعر الحديث ، السوري  نزار  قباني والفلسطيني محمود درويش  واللبناني سعيد عقل  والعراقي محمد مهدي الجواهري  واخرون  تغنوا بالشام حبا وهياما مثلما يفعل العاشقون  ...

ترى ماذا  كان سيقول هؤلاء اليوم  عما تشهده سوريا من عنف دموي  وصراعات  بين الاخوة ابناء البلد الواحد ،  يسفك على جوانبها الدم ،  فلا غالب ولا مغلوب ، مهما بلغت سطوة القوة او  شلال دماء الضحايا ،  من قوة ، ولاننا جزء من هذه البلاد ، بلاد الشام  ، فاننا نقول  بدون مقدمات ،  ولا طول شرح ، ان على  الرئيس السوري بشار الاسد  اذا اراد استعادة  السكينة والهدوء لربوع بلاده الجميلة ، الى دمشق واللاذقية وطرطوس والزبداني وحلب وحماة  ودرعا وجسر الشغور ومعرة النعمان  وبقية المدن  والبلدات  التنازل  قليلا  عن كبرياء نظامه ، باعطاء ابناء  شعبه بالمزيد  من  الحريات  والتعامل الانساني الذي يحفظ للبشر ادميتهم  ، وليس دفعهم للهجرة القسرية الى خارج مسقط رؤوسهم  ، وان على النظام ان يقنعنا بصحة الادعاء القائل بان الطريق الى تحرير الانسان السوري يمر عبر واشنطن  وتل ابيب  ؟.
لقد اخطأ من نصح الرئيس  بان القمع سيريحه من  وجع الدماغ ،  والذي قال له بانه قد ينعم بالاستقرار والهدوء كلما ازدادت حدة التنكيل ، فهذه  اقوال مردودة وخاطئة  ايا كان قائلها ، ونهيب بالرئيس  المبادرة الى وقف الممارسات الامنية فورا واحتضان ابناء  شعبه بين ذراعيه ، وليجرب الديمقراطية التي لم يشهدها العالم العربي  في تاريخه لا  القديم  ولا الحديث ،  فان نفعت كان به  ، وان لم تنفع ، فيا دار ما دخلك شر .
بغير ذلك ،  لن يستتب الامن ، ولن يعود الاستقرارالى البلاد والعباد ،  ولن ينتهي وجع الراس الذي يزعج الرئيس مثلما يزعجنا ويضغط على اعصاب الناس ، فالنظام هو الخاسر في جميع الاحوال سواء نجح  في قمع المحتجين ، ام نجح المحتجون في انهاك النظام  ، وحينئذ لن ينفع الرئيس الشاب الندم والحزن ، ولن تسنح له الفرصة مرة اخرى  لتطوير بلاده ما لم يعززالحريات ويسمح بتعدد  الاحزاب عوضا عن حكم الحزب الواحد  ، ولن يكون بامكانه الاعداد ليوم المواجهة مع اسرائيل ، وان التاريخ سيتركه ويمضي.

ونقول لكل سوري وسورية ، شيوخا وشبانا وفتيات ونساء ممن يتهمهم النظام بشق عصا الطاعة على ولي الامر أن اتخذوا من  التظاهرات  السلمية وسيلة  للحفاظ على  تراب سوريا الابية ، فضياعها يعني ضياع فلسطين وتشرذم الموقف العربي اكثر فاكثر هكذا يعتقد النظام .

مهما حصل فان سوريا  تظل منا وفينا ، ولها  في القلوب منزلة خاصة ، فقد علمتنا كتب التاريخ  ان ابناءها  كانوا يرددون كلما اشرق صبح  النشيد الذي حفظناه نحن في فلسطين عن ظهر قلب
 وتردد عبر اثير الاذاعات في حرب تشرين 1973 :  سوريا يا حبيبتي اعدت لي كرامتي  اعدت لي هويتي  ، وقص علينا  الرواة  وكتب الرحالة  ومنهم ابن بطوطة ، ان بلاد الشام ارض العزة والكرامة والبطولات  والمعارك  التي غيرت وجه التاريخ  ، ومما جاء في امهات  الكتب ومسلسل باب الحارة ، وما قاله  اجدادنا الاولون واباؤنا ، كيف ان  سورية  شوكة في حلق الاعداء ولسان القبان في الصراع العربي الاسرائيلي وتحتل موقعا مهما في الشرق الاوسط وفي العالم  وهي عرين القومية العربية  ، وهذا ما تعبر عنه الشعارات المرفوعة على بوابات دمشق  بانها موئل الحرية  والاشتراكية  ، وفيها نظام لا تخفى عليه خافية  يعلم ما خلفهم وبين ايديهم ، وكل ما يهب ويدب على ارض الشام  .

قلوبنا معك يا  شعب سوريا الابي  ، فالانباء التي يحملها الينا  صبا بردى  كل صباح  تجرح كرامتنا العربية  وتدمي قلوبنا ،  فارواح تزهق  وحيوات تسلب وبيوت تنهب ودماء تسفك لمدنيين وعسكريين ، وهذا كله لان  اهلها ظنوا ان ربيع سوريا سينبت بسهولة في بلد لا ينبت فيه شيء الا بارادة النظام ، ولكن ما يبعث الطمأنينة في قلوبنا  ما سمعناه من انباء عن ان  الرئيس الشاب  الذي ولد وفي فمه ملعقة ذهب ، اصبح رئيسا لبلاد تحتل موقعا استراتيجيا مهمما  في منطقة الشرق الاوسط والعالم ،  قد قال قبل ايام  انه سيستقيل من منصبه ويعود الى المنزل الذي نشأ فيه ، إذا تبين له أن الشعب لا يريده .

 هذا القول المنسوب لرئيس البلاد وولي امر العباد ، جاء خلال لقاء جمعه  بوفد من مدينة " جوبر "  الملاصقة لدمشق ، وكان من بين الحاضرين من سجلوا اقوال الاسد بالحرف الواحد ليضمنوها في تقارير وزعت فيما بعد على الاعلام  واطلعنا عليها  ، وفي اللقاء اكد الرئيس ما يلي  :
 ان 'اطلاق النار على المتظاهرين خطأ غير مسموح ، وكل  من لديه اسم عنصر أمن أطلق النار  ، فليزودنا به لنقوم  بمحاكمته ، قال ذلك  بكل  رباطة جأش ،  وكيف لا  ، فهو الرئيس الذي لا صوت يعلو فوق صوته ، ولا حتى  اجهزة الامن الثلاثة عشر او الثمانية عشر التي  تدير كل شؤون  الناس في سوريا بما فيها الزواج والطلاق والمرض والموت  ، ومن اجل المصلحة العليا للبلاد  فانها تعد على الناس انفاسهم  يوما بيوم وساعة بساعة  ،  وخصصت لكل مواطن حارسا امنيا او اثنين  لحمايته من الاختراق الخارجي  ، ولولا ذلك  ، لخربت البلاد  وضاع اهلها .
والخبر الثاني الذي يشرح الصدور ويبعث على الارتياح والحبور فهو ان فخامته يبغض الطائفية ويحاربها  بكل قواه الفكرية والبدنية ، ولا يطيق سماع  سيرتها ، فكل من قال بانه علوي فهو كاذب ، ومن اتهمه بالتحيز لطائفته ، مثير للفتن ، ومن ادعى انه بادر الى تسليح ابناء طائفته العلوية المنتشرين في عموم سوريا متآمر ، اذا فالرئيس ليس علويا  ولا سنيا ولا درزيا ولا شيعيا ، مثلما يعتقد  الناس ، بل  هو رئيس " محمدي "  اي ينتمي للنبي محمد' صلى الله عليه وسلم .
اما الخبر الثالث فيعبر عن ان الرئيس ممسك بزمام الامور خلافا للادعاءات  المغرضة بضعفه  فقد اتخذ قرارا بتحطيم حاجز الصمت عما فعله رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا ، ولانه ابن خالته  فقد اكتفى باقالته من منصبه  ، والسبب عدم وجود أي ادعاء شخصي ضده  ، فالبلاغ امر ضروري لمحاكمته ، ولكن هيهات ان يجرؤ احد في سوريا او حتى في لبنان والاردن فلسطين ايضا  على التقدم ببلاغ ضد رئيس الامن السياسي  السوري  الذي يثير الرعب في القلوب كلما ذكر اسمه  .
لكن هناك ما هو اهم من كل ذلك  وهو ان الرئيس الشاب أكد  لوفد بلدة جوبر على " حاجة الناس للحرية والكرامة أكثر من حاجتهم الى الخبز" ،  و" ان إطلاق النار على المتظاهرين خطأ غير مسموح ، ومن لديه اسم عنصر أمن أطلق النار فليزودنا به وسنقوم بمحاكمته ، وأن ما يجري من تعذيب للموقوفين غير مقبول وسببه العقلية الأمنية القديمة لدى عناصر الأمن ، وسيتم سحب الأمن من بين الناس بشكل نهائي " ،  اما عن التلفزيون السوري فقال بانه "  لا يعمل بشكل جيد، وهناك مناطق قال التلفزيون إنه لا يوجد فيها تظاهرات وتبين لنا عكس ذلك "  ، وأخيرا اقسم  الرئيس بالرحيل عن الحكم اذا اكتشف ان الشعب لا يريده ويعود الى منزله  ، فماذا يريد السوريون  تضحيات اكثر من هذه ؟ ومن اين سيحصلون على برئيس ديمقراطي  متنور ومنفتح كالرئيس الاسد   ،  اذا فعلها واعتزل  ؟
الله ينتقم منهم ، فلو كان هؤلاء  سوريين وأكلوا من طعامها الشهي الذي ياتي اليه الناس من كل بقاع الدنيا  ، وشربوا من مائها العذب البارد الذي يشفي غليل الارواح والقلوب ،  لما فعلوا ما فعلوه ، هكذا قالت سيدة سورية بسيطة  لكاميرا التلفزيون الرسمي ، بعدما سمعت في الاخبار ان العصابات المسلحة ارتكبت مجزرة بشرية في جسر الشغور الخاوية  يصفر الريح في ازقتها الميتة ،  حين  دخلها الجيش رافعا شارة النصر ، فلجأ اهلها  الى تركيا  خوفا من الفتك بهم ،  لكن تلك السيدة البسيطة ، لم تشاهد دموع الطفلة السورية وهي تنهمرعلى خديها وجعا لفقدان والدها  ، ولم تسمع  نحيب سيدات اخريات  في مثل عمرها  كن على الجانب التركي من الحدود يندبن ابنائهن وازواجهن ، فربما ماتوا او اعتقلوا ، وفي الحالتين  النتيجة واحدة ، فقد قال لنا الاولون ان ثمة بلد اسمها بلاد الشام  كل من دخلها فقد ،  ومن خرج منها ولد وكتبت له الحياة  ، واليوم يبدو ان  لسان حال النظام  يقول :  اذا  الشعب السوري اراد الحياة   فلا بد له ان يرحل ...
لماذا كان من الطبيعي ان تقوم الدنيا ولا تقعد حين تم العثوعلى مقبرة جماعية في جسر الشغور تضم رفات عشرة من قوات الامن والشرطة ، وقبل ذلك الكمين الذي نصب لقوات الجيش وقتل فيه 120 جنديا ورجل امن ، ولماذا لم يكن طبيعيا ان يثور الناس على وجود مقابر مشابهة  للمدنيين عثر عليها الاهالي في بلدات اخرى ، ولا يتحدثن احد عن حادثة تعذيب وبتر اعضاء الطفل حمزة الخطيب واطفال اخرون في مثل عمره ، اوليس هذا رد فعل  انفعالي وغير مبررمن النظام حين يتعلق الامر بمزاعم عن خطط مشبوهة لزعزعة اركان الدولة   لصالح  الاعداء  .
 ان تصعيد القمع  يقابله تصاعد في االغليان الشعبي ،  وتدهور في الاوضاع على كل الصعد ، واتساع في رقعة العنف والعنف المضاد ، وانفلات الامور من عقالها ، فلماذا لا يستغل النظام الفرصة ويراجع نفسه فيتراجع عن اساليب الترهيب وتشريد الاهالي العزل من بيوتهم وحقولهم ، ألا يعلم ان  اي نظام  زائل  والشعب باق حتى تقوم  الساعة  ، وليس كما يعتقد بانه هو الحي الباقي الى الابد مهما كلفه ذلك من ثمن ، ويكذب من يعتقد بان  الشعب اما زائل ، واما  راحل ،  هذا الحال المايل في سوريا  سيدفع  البلاد  الى المجهول  بعكس ما هو مأمول ..!!