الأربعاء، 27 أبريل 2011

كاريكاتورية

كاريكاتورية المأساة  السورية  ..؟!
باسم ابو سمية
..  سلام من صبا بردى ارق ودمع لا يكفكف يا دمشق ، ومعذرة اليراعة والقوافي ...  جلال الرزء عن وصف يدق  ... وبي مما رمتك  به  الليالي ، جراحات لها في القلب عمق  ..  هذه تحيتنا لسوريا  في مواجهة المؤامرة  الخارجية  التي تستهدف استقرار البلاد وصمودها في مواجهة الاعداء  ووحدة الحزب  القائد الواحد ، وبعيدا عن التصريحات الرسمية ، فان حقيقة ما يحدث في سوريا ان النظام الدمشقي الذي كان ينوي القيام باصلاحات سياسية  وجد نفسه متورطا في حلول  امنية بملاحقة جيوب الارهابيين ، فأمر جيشه باحتلال البلاد ونشر الدبابات  في كل مدينة وبلدة وقرية  بما في ذلك  العاصمة  دمشق التي يسميها السوريون من باب الانتماء الوطني بالشام  ، هكذا بدأت الاصلاحات  في الوقت الذي لم  يدخل فيه  المرسوم الرئاسي بالغاء حالة الطواري حيز التنفيذ  بل ان تلك الحالة قد تعززت اكثر من ذي  قبل ، لا نعلم  لماذا ،
سئمنا  السهر  كل ليلة  في مصراتة الليبية وتناول قهوتنا في صنعاء اليمينة ، وقضاء بقية ليلنا  في محيط  درعا السورية  المطوقة  كالحمامة  ، وكأننا نلقي غليها النظرة الاخيرة قبل ان توارى  بقذائف  الدبابات  ، من هناك كنا حريصين على تناول البوظة الشامية التي تداس بالاقدام في سوق الحميدية على تلال درعا  كي لا يقال اننا مندسون ،   ومن هناك شاهدنا  سهل حوران الواسع والمدينة الهاجعة  في صمت مطبق الا من  لمعان الرصاص  وازيزه وصرير الدبابات يحطم سكون الليل البهيم  فيوقع القتلى والجرحى بالعشرات .
الى هنا  تنتهي الرواية الجدية في المأساة السورية ، فقد اتضح ان  المشكلة الحقيقية في درعا ومحيطها  وباقي المدن المحتجة ضد  النظام لا تكمن في القمع والقتل والتجويع  والاعتقالات او قطع خدمات  الكهرباء والمياه والاتصالات ، ولا في اختفاء المواد الغذائية وحليب الاطفال والادوية ، بل في معضلة تستدعي حلا فوريا ، حتى لا  يفقد الناس اعصابهم ، فيرتكبون اخطاء تدفع النظام الى تصعيد قمعه بوسائل اكثر عنفا  ، ووفقا لفهمنا الكاريكاتوري للمأساة ، فقد علمنا ان الناس في سوريا عموما ودرعا على وجه التحديد تراجعوا عن المطالبة بحقوقهم السياسية ونيل  الحرية والديمقراطية ، بقدر ما  يريدون الاستمتاع  بسيجارة وفنجان قهوة كبير  يهبهم الحياة لما تبقى من الليل  الطويل  في المدينة  الهاجعة عند اقدام هضبة الجولان المحتلة منذ نحو اربعة واربعين سنة بالكمال والتمام ، لا حرب ولا سلام .
قيل انه عندما زحفت المدرعات الثقيلة الى المدينة سأل الاهالي الجنود عما احضروه لهم من مساعدات انسانية وعما اذ احضروا لهم   ما يكفي من القهوة والسجائر ، الا ان بعض الجنود  اشهروا السلاح في وجوههم ، وظن الناس ان رد فعل الجنود الغاضبين  مرده  الى تفاجئهم  بقرار بدء معركة تحرير الجولان الذي تحتله اسرائيل منذ قديم الزمان  ، فقد قيل لهم انهم ذاهبون لمحاربة اعداء الوطن والامة  ، فخرج  الاهالي الى الشوارع لتحية الجنود الذاهبين الى المعركة  ونثروا الورود والارز فوق رؤوس الابطال  فاعتقد هؤلاء  انهم ارهابيون فردوا عليهم بقصف مركز وشديد ، وانشغل اخرون بمداهمة البيوت واعتقال المندسين متلبسين باغطية النوم  ،  ورفض جنود اخرون الاوامر فامتنعوا عن اطلاق النار ، لكنهم لم يقدموا السجائر ولا القهوة لابناء درعا  .
امام هذه المأساة  صار لزاما علىنا مناشدة  المجتمع الانساني لادخال  كميات كبيرة من السجائر والبن للاهالي  تكفيهم لليالي  الطويلة القادمة ، فالامر ما زال في بدايته ، وحملة تطهير البلدة من الارهابين بدأت لتوها  وقد تستغرق وقتا طويلا ، وعلى الاهالي التيقظ والتعاون مع مندوبي الامن واعطائهم  لمعلومات المطلوبة حول اماكن تواجد الخلايا السلفية والمندسين والمتآمرين على الحكم  لدفع البلاء عن البلاد وتخليصها من شرور المخربين  الاعداء .
قال الجيش  الذي لم يعص الاوامر ان الاهالي طلبوا النجدة  لتخليصهم من الارهابين ، وحين تحركت الدبابات ، لم يحسب العدو الذي يحتل الجولان لذلك حسابا  ، وكان تبرير  النظام  وفقا لما قاله مسؤول عسكري كبير لوسيلة اعلام رسمية : ان  الدبابات  اضطرت لقضاء الليل  في درعا لاقتلاع جذور  بعض المؤامرات الخارجية  وستواصل طريقها في الصباح الى الهضبة لتحريرها ، وهذا ما حصل ، فلا تحاول فضائيات الجزيرة والعربية والبي بي سي ورويترز وغيرها من وسائل الاعلام  المتخصصة في الفبركة  استغلال هذا الحطأ الفني بالتهويل وقلب الحقائق والادعاء ان النظام يقتل شعبه ، لا قدر الله  ،  فكيف له ان يفعل ذلك ، اليس الشعب والنظام وحدة واحدة  وأحدهما  يكمل الاخر  في مواجهة اعداء الامة  العربية الواحدة  ذات الرسالة الخالدة .
كيف لا يقوم النظام بواجبه القومي  في مواجهة  ما يهدد سلامة اراضيه  ومستقبله  الوطني ، فيقطع دابر  المتآمرين على الوطن ، الا بئس ما كانوا  يخططون له من  زعزعة للاستقرار الذي استظل الناس بظله  لاعوام طويلة  ، ولماذا يقدم المدنيون على مناوئة نظام الحكم آلمه جوعهم ولم ينتقص من حقهم في السهر والسمر واقامة الافراح والليالي الملاح ، وترك الحبل على الغارب للشبان والبنات للتمتع بحرياتهم الشخصية دون رقابة  امنية ، اليس المواطن ذخيرة  الوطن  واغلى ما يملك  ؟.  اليست شعوبنا  العربية  طيبة ولا تقبل على نفسها خدمة الاجنبي والخروج عن طوع  الحكام  ؟  
حتى ان المشايخ افتوا بتحريم الخروج عن ارادة الحاكم  وقالوا ان الخالق عز وجل حض العباد على طاعتهم ، وقال في محكم كتابه العزيز " واطيعوا الله والرسول واولي الامر منكم " ، فلا يجوز لمواطن مهما بلغ به الشقاء والجوع وما اصابه من فقر وبطالة ومن ضنك العيش وكتم الانفاس ان يتأفف في وجه اوليائه  وينبس بعبارات التبرم والاحتجاج  وأن عليه واجب اخفاض جناح الذل من الرحمة  للحكام الذين  ربوه صغيرا  وعلموه ودربوه  كيف يبقي  فمه مقفلا فلا يفتحه الا عند طبيب الاسنان ، الا يعلم المواطن ان الانظمة وحكامها هم الذين تحملوا مصاعب العيش ليوفروا  له  كل ما يستحق من احتياجات  مقابل ان يؤدي واجباته وفرائضه تجاه حكامه  ، وفي المقابل  ينقلب عليهم فيستحق العقاب القصف بالمدفعية  ، كاضعف الايمان ، اليس ذلك ارحم  من ارتكاب افعال تنتهك حقوق الانسان كتعليق الناس على اعواد المشانق  .
ألا يعلم المواطنون ان الزعيم  شخص خارق للعادة ليس في مثله شيء  ولا يطاول قامته احد  ، ولا يعارضه او يناوئه احد ، ، فلا يقال له لا  ، وهو الاول في كل شيء  ويتميز عن افراد الشعب العاديين  في كل شيء  ، فهو  نصف اله في بعض الاحوال ، وآله كامل في احوال اخرى  ، وهو يرى ان كل شرائح  شعبه  من عباد  صالحين  مخلصين له  ، وهو ملك الناس وزعيمهم  وربهم الاعلى ،   يأخذ ولا يعطي ، يميت ولا يحي ، يأخذ الروح ويزهقها متى شاء ، يذل من يشاء ، ويعز من يشاء  ، وقتما يشاء ، بيده ملكوت  توجيه الاتهام والحكم بالاعدام وادارة النظام بما ينسجم مع مصلحة الانعام ، ويستفيق وينام عندما يستكين الناس ويهجع   الانام ،  فلا يغمض له جفن الا بعد ان يطمئن على ابناء شعبه  وقد  ناموا مقموعين اذلاء  ، لم ياكلوا ما  بقي  من فتات طعام  ،  وحمدوا  الله على نعم  النظام .
 في نهاية المقال نذكر القراء  بان الشيء الوحيد الذي نسي الحكام فعله ، انهم لم  يفقأوا عيون شعوبهم حتى لا يظل شهود عيان يقدمون شهاداتهم للفضائيات لتصنع منها حكايات درامية لاغراض في نفوس من يقف  وراء المؤامرات  ، ونسوا كذلك وهذا الاهم  ان الزعيم الذي يقتل ابناء شعبه هو الوحيد الذي يحق له تمثيل  هذا الشعب  في المحافل ، انها علامة من علامات  بدء  "  ربيع "  القمع  باستخدام الدبابات والاسلحة الثقيلة ، انه هوس الامن الذي يصيب الحكام  الآلهة  ..!!
  تنويه : ما ورد في المقال من اسماء دول وبلدات ومدن  وربما اشخاص  ليس له علاقة بالواقع  وانما  مجرد تشابه في  الاسماء والاحداث ،  كما  ان ما ورد في المقال من رأي وعبارات  لا يعبر عن رأي الكاتب ، بل عن رأي القاريء  ، لذا اقتضي التنويه ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق