فاصل ونعود ..!!
باسم ابو سمية
نكاد لا نصدق ان صفحة الانقسام الفلسطيني السوداء قد طويت باحتفال توقيع اتفاق المصالحة وما تخلله من خطب حامية اعادت الى الاذهان خطب الصمود والتصدي ، ويساورنا الشك من كثرة التجارب المريرة بان ذلك مجرد استراحة قصيرة سيعود بعدها الفرقاء لمواصلة حرب الكلام والاتهام ، ونسأل هل ان المصالحة ستساعد الطرفين المتصالحين على استعادة الثقة التي اهتزت على مدى السنوات الاربع الفائتة ، وهل بات من السهل على فتح وحماس محو اثار ما حصل منذ الانقسام وحتى يوم امس ، ففي القاموس الفلسطيني ليس اسهل من استحضار طيف المؤامرة والتشكيك ودق الاسافين ،
كيف سيتعامل الجانبان مع القضايا المعقدة والحساسة كاعتراف حماس باسرائيل ونبذ العنف وهما المطلبان اللذان تطلب الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل اجابة صريحة عليهما ، وماذا بخصوص ملف الاجهزة الامنية وتسمية رئيس جديد للحكومة المنوي تشكيلها ، والبرنامج السياسي للحكومة ، وهل سيواصل الطرفان استخدام لغة المحاصصة ، وماذا عن الضحايا الذين قتلوا في الانقسام ، وعن السجناء السياسيين ، وعن الذين رحلوا عن قطاع غزة خوفا من بطش حماس .
ثمة تساؤل اخر حول قبول حركة "حماس" الانضواء في حكومة مصالحة وطنية مع السلطة الفلسطينية وهو هل ان الحركة غيرت سياستها وقبلت بما كانت ترفضه في الماضي ، ام ان ما يحدث في العالم العربي وتخييرها بالبحث عن مكان اخر غير دمشق للاقامة فيه هو واحد من الاحتمالات التي جعلت حماس تهرول الى المصالحة قبل فوات الاوان ، وايا تكن الاجابة عن هذه التساؤلات فان المعطيات المتوافرة تتحدث عن كلام اوروبي يوحي بان المجتمع الدولي ربما يعترف بالدولة الفلسطينية اذا لم تستأنف المفاوضات قبل ايلول القادم ، وهو موقف عبرت عنه فرنسا .
هذه التساؤلات وعلامات استفهام اخرى تطفو على السطح بحاجه الى اجوبة وخصوصا على ما قالته الولايات المتحدة ، وما اعلنت عنه المانيا بانهما ستقفان ضد الاعتراف بالدولة العتيدة اذا لم تتلقيا الضوء الاخضر من اسرائيل ، واسرائيل وعلى لسان رئيس حكومتها ، يقول ان المصالحة الفلسطينية تقوض السلام دون ان يقول اي سلام يقصد ؟
حتى وإن تمت المصالحة فان الحاجة الشعبية الملحة تبقى معلقة في رقبة الحكومة الجديدة بغض النظر عمن سيرئسها ، هل هو سلام فياض ام غيره ، فامام الحكومة المقبلة عمل شاق وطويل وعليها ان تجد حلولا لكل الازمات التي يعاني منها الفلسطينيون على الصعيدبن الاقتصادي والمالي ، فالوضع الاقتصادي في فلسطين لا يحتاج الى طول شرح ، وتشكيلة حكومة المصالحة هي التي ستحسم اذا ما سيتشجع المجتمع الدولي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية ام لا ، وعلى رغم الاعتراض الاسرائيلي المعلن من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خصوصا فان الاتحاد الاوروبي رحب بهذه المصالحة ، وهناك اطراف اخرى عديدة على الطريق .
الان وبعد توقيع الاتفاق وانتهاء المراسيم وانصراف مختلف الافرقاء الى تنفيذ بنوده ، فان حماس ستجد نفسها امام خيار محير في الايام القادمة وهو خيار الانضواء في مشروع السلام ، كي تتيح المجال للمجتمع الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية ، ومن شأن ذلك ان يشكل عامل احراج الولايات المتحدة التي باتت تفكر بفتح الحوار مع الجماعات الاسلامية المعتدلة في المنطقة العربية ، وما رافق ذلك من تشجيع اميركي على تشكيل حكومات وحدة وطنية ، فكيف بها ان ترفض ذلك للفلسطينيين ، مع الاخذ في الاعتبار ان توقيع اتفاق المصالحة ترافق مع تبدل جذري وجدي في الظروف العربية ، وهذا من شأنه ان يمنح الموضوع الفلسطيني زخما واهتماما دوليا اكثر بكثير من ذلك الاهتمام الذي تبديه النخبة السياسية والفصائلية في تسمية رئيس جديد للحكومة المقبلة التي تنحصر مهماتها الاساسية في امور الاعداد للانتخابات وصرف الموازنات والمعاشات، والالتزام بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الذي هو في الاساس برنامج الرئيس محمود عباس .
ورغم ان من بين البنود الكثيرة للمصالحة تحظى تسمية رئيس الحكومة الجديد بالنصيب الاكبر من الاهتمام في اوساط النخب السياسية ، فانه لم يفت بعض فئات المجتمع السياسي تداول اسم سلام فياض الذي تولى رئاسة الحكومة عقب الانقسام ، ونجح في حل المشكلة المالية المسنعصية ، وادار الحكومة بكفاءة عالية اعادت تجديد المشروع الوطني الفلسطيني للوصول الى الدولة المستقلة ، ورغم ان استبعاده عن رئاسة الحكومة العتيدة ينطوي على مخاطر كثيرة ، فان الرجل الذي بات رمزا للمشروع الوطني في شكله الجديد يبدو زاهدا في قبول المنصب وغير آسف عليه ، ولكنه في نظر البعض كالذي يخرج من المولد بلا حمص ، وبعيد عن هذا وذاك وما قد ينتج في الايام المقبلة من جدل ، فاننا نأمل الا نكون امام فاصل قصير قبل ان نعود مرة اخرى الى مربع العداء وانعدام الثقة الذي عانى المجتمع الفلسطيني من تداعياته لاربع سنوات خلت ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق