ليلة القبض على اسرائيل..!!
باسم ابو سمية
بالتي هي أحسن او الاسوأ ، وبكل وسيلة متاحة ، وفي نهاية الامر بالدبلوماسية والسياسة وبالاتفاق ، لا بد من تسوية تضمن قيام دولة فلسطينية متصلة وعاصمتها القدس الشرقية ، دولة تتمتع بحدود معترف بها ومعابر تديرها وتتحكم فيها ، وجواز سفر لا يحمل عبارة وثيقة سفر ، وان يتم ذلك على وجه السرعة وقبل فوات الاوان تداركاً لاية مفاجعات وليس مفاجآت قد تحدث ، ومثلم قلنا في مقال سابق نكرر بان اسرائيل ستجد نفسها في يوم قريب تتيه في صحراء العزلة الدولية ، فهدئوا خواطركم ، وفكروا مليا وطويلا وبدون مرجلات وبطولات زائفة واستعراض عضلات ، واعتمدوا على ايلول ليأتيكم بالخبر اليقين ، واي حل لا يتضمن اقامة دولة فلسطينية مستقلة لن ينفع وسيقود الى حالة اللااستقرار في اغلب مناطق العالم وليس في الشرق الاوسط وحده .
صحيح ان ثمة شعور فلسطيني بالقلق على المستقبل من تداعيات الثورات العربية وتغيير انظمة الحكم وسياساتها ، ومن ان استمرار الجمود السياسي سيؤدي الى توتير اكثر للاجواء اذا لم يتحقق السلام ، وان تغيير مصائر عدد من بلدان المنطقة سيجعل الامل باعتراف الجمعية العمومية للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في ايلول المقبل مشكوكا فيه ، لكنه ليس معدوما ، اما الاسرائيليون فيرون بان التغيير في المنطقة العربية سيكون في مصلحة اسرائيل لانه سيقود الى فوضى تستمر لفترة طويلة وتبعد افاق التسوية مع الفلسطينين .
حتما ان اتساع نطاق الانتفاضات العربية سيؤدي الى تراجع فرص السلام ، وقد يضعفها ويؤجلها ، اذ ان طرفي الصراع ( اسرائيل والسلطة الفلسطينية ) لم يقوما بما كان يتوجب عليهما القيام به لتحقيق السلام قبل اندلاع الانتفاضات ، فالقيادة الفلسطينية لم تكن في وضع يؤهلها لتسوية خوفا من قيام حركة حماس بتعطيل اية حلول لا تشارك في رسم معالمها وتفاصيلها، فضلاً عن الشعورالفلسطيني الذي كان سائدا ابان حكومة ايهود أولمرت السابقة بضعفها وعدم قدرتها على صناعة السلام ، والدليل ان المفاوضات التي دامت ثماني عشرة سنة كانت مضيعة للوقت ولم تؤد الى نتيجة وخلالها تضاعف الاستيطان عشرات المرات في ظل صمت فلسطيني وعربي ودولي ، لكن استمرار الانتفاضات لاجل طويل سيعود بالايجاب على الموضوع الفلسطيني .
وما مبالغة الجانب الفلسطيني في رفع سقف اشتراطاته بربط لتسوية بتجميد الاستيطان ، الا وله تبرير اساسه الرد على تصاعد الاستيطان بشكل كبير خلال المفاوضات ، وحين انقطع حبل السرة مع اسرائيل وفوجيء العالم باندلاع ثورات التغيير الواحدة تلو الاخرى في البلاد العربيية اقفلت ابواب التسوية ، وبدأ المفاوضون في ضبضبة اوراقهم وملفاتهم التفاوضية والعودة الى بيوتهم ، ومن جانبها اسرائيل ارتكبت وما زالت اخطاء كثيرة ، اولها التهرب من عملية السلام او على الاقل عدم اقبالها عليها بقلب حسن ونوايا جدية ، وثانيها واصلت الاستيطان في كل مكان فزرعت في كل شبر من الاراضي الفلسطينية خازوقا يصعب قلعه ، وثالثها عزلت القدس الشرقية عن محيطها وغيرت معالمها العربية تماما ، ولعل هذا ما وضع الدولة العبرية تحت طائلة العزلة الدولية .
ثم ان ارتباط التسوية بنتائج التغيير في العالم العربي التي ربما يستغرق نضوجها سنوات وليس اشهرا لن يكون في مصلحة اسرائيل ولكنه سيصب حتما في مصلحة الفلسطينيين ، وعلى الولايات المتحدة بصفتها الراعي فرض خطة عملية وواقعية للتسوية ، اذا ما ارادت لشعوب المنطقة ان تنعم بالسلام والاستقرار ، وان تقنع اسرائيل بالكف عن تخوفاتها من قيام دولة فلسيطينة لا متصلة ولا مقطعة الاوصال ، فسياساتها تقوم على قيام الدولة بأي ثمن ، فلا قيادة في اسرائيل مؤهلة للتوصل الى اتفاق تسوية دائمة ، ، كما ان السلطة الفلسطينية لا يمكنها توقيع اتفاق يبقي قطاع غزة بعيدا عن متناول ايديها ، فكيف يمكن الوصول الى تسوية دائمة بينما في القدس وقلب الضفة الغربية عشرات المستوطنات ويزحف اليها مئات الاف المستوطنين يوميا ، وقطاع غزة محاصر وبعيد ، ويتولى ادارة الحكم فيه حكومة مقالة انقلبت على السلطة ولا تريد التراجع عن الانقسام ، ولا التصالح .
اما بالنسبة لاعلان الترحيب الاسرائيلي باقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 67 الذي نرحب به ، فانه يشكل تغييرا متواضعا في توجه شريحة اسرائيلية وليس كل المجتمع ولا القيادة السياسية ولا العسكر ولم يأت حبا في سواد عيون الفلسطيين بل من اجل منع ما اسمي بكارثة عزل اسرائيل وتحويلها الى جنوب افريقيا ثانية تقوم على العنصرية المعادية للدينمقراطية ، كما ان القائمين على الاعلان وهم شخصيات اسرائيلية عامة وادباء يتحدثون من وجهة النظر الصهيونية الهادفة الى الحفاظ على الوطن القومي اليهودي باغلبية يهودية ، وهو الحلم الذي راود الشعب اليهودي بكل اطيافه واحزابه السياسية والدينية ويمينه ويساره لسنين طويلة ، وهؤلاء يتخوفون من ان استمرار الاحتلال سيؤدي الى تحلل الصهيونية ، ولكن على كل حال فانه يمكن التعوبل على الاعلان نحو احداث تغيير جدي لقبول الرأي العام الاسرائيلي بدولة فلسطينية الى جانبه ، بعد عدة سنوات ...
ولننتبه الى أن الاعتراف الدولي بالدولة العتيدة ان حصل ، فسوف يكون بمثابة اعلان عن سقوط اسرائيل ، مع ان الاعتراف ليس نصا قرآنيا ولا امرا مطلقا ، وكلنا يذكر انه خلال اجتماعات الامم المتحدة في ايلول الماضي اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما عن أمله برؤية فلسطين وقد اصبحت في العام القادم عضوا في الهيئة الدولية ، وها هي بلاده تخالف التوجه الاوروبي للاعتراف بالدولة وتقف كالصخرة الصلبة في وجه تحقيق الحلم الفلسطيني االذي ربما يتحقق قريبا ، ورغم كل ما ذكر فقد يطيب للبعض منا تصديق ما قاله دبلوماسيون أوروبيون بأنه في ظل الجمود الحالي في المفاوضات فان الاعتراف الدولي بقيام دولة فلسطينية في ايلول المقبل امر لا بد منه ، لعل وعسى ان يكون الموعد الذي تحدد لساعة صفر اعلان الدولة ، مؤكدا. ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق