الأربعاء، 27 أبريل 2011

كاريكاتورية

كاريكاتورية المأساة  السورية  ..؟!
باسم ابو سمية
..  سلام من صبا بردى ارق ودمع لا يكفكف يا دمشق ، ومعذرة اليراعة والقوافي ...  جلال الرزء عن وصف يدق  ... وبي مما رمتك  به  الليالي ، جراحات لها في القلب عمق  ..  هذه تحيتنا لسوريا  في مواجهة المؤامرة  الخارجية  التي تستهدف استقرار البلاد وصمودها في مواجهة الاعداء  ووحدة الحزب  القائد الواحد ، وبعيدا عن التصريحات الرسمية ، فان حقيقة ما يحدث في سوريا ان النظام الدمشقي الذي كان ينوي القيام باصلاحات سياسية  وجد نفسه متورطا في حلول  امنية بملاحقة جيوب الارهابيين ، فأمر جيشه باحتلال البلاد ونشر الدبابات  في كل مدينة وبلدة وقرية  بما في ذلك  العاصمة  دمشق التي يسميها السوريون من باب الانتماء الوطني بالشام  ، هكذا بدأت الاصلاحات  في الوقت الذي لم  يدخل فيه  المرسوم الرئاسي بالغاء حالة الطواري حيز التنفيذ  بل ان تلك الحالة قد تعززت اكثر من ذي  قبل ، لا نعلم  لماذا ،
سئمنا  السهر  كل ليلة  في مصراتة الليبية وتناول قهوتنا في صنعاء اليمينة ، وقضاء بقية ليلنا  في محيط  درعا السورية  المطوقة  كالحمامة  ، وكأننا نلقي غليها النظرة الاخيرة قبل ان توارى  بقذائف  الدبابات  ، من هناك كنا حريصين على تناول البوظة الشامية التي تداس بالاقدام في سوق الحميدية على تلال درعا  كي لا يقال اننا مندسون ،   ومن هناك شاهدنا  سهل حوران الواسع والمدينة الهاجعة  في صمت مطبق الا من  لمعان الرصاص  وازيزه وصرير الدبابات يحطم سكون الليل البهيم  فيوقع القتلى والجرحى بالعشرات .
الى هنا  تنتهي الرواية الجدية في المأساة السورية ، فقد اتضح ان  المشكلة الحقيقية في درعا ومحيطها  وباقي المدن المحتجة ضد  النظام لا تكمن في القمع والقتل والتجويع  والاعتقالات او قطع خدمات  الكهرباء والمياه والاتصالات ، ولا في اختفاء المواد الغذائية وحليب الاطفال والادوية ، بل في معضلة تستدعي حلا فوريا ، حتى لا  يفقد الناس اعصابهم ، فيرتكبون اخطاء تدفع النظام الى تصعيد قمعه بوسائل اكثر عنفا  ، ووفقا لفهمنا الكاريكاتوري للمأساة ، فقد علمنا ان الناس في سوريا عموما ودرعا على وجه التحديد تراجعوا عن المطالبة بحقوقهم السياسية ونيل  الحرية والديمقراطية ، بقدر ما  يريدون الاستمتاع  بسيجارة وفنجان قهوة كبير  يهبهم الحياة لما تبقى من الليل  الطويل  في المدينة  الهاجعة عند اقدام هضبة الجولان المحتلة منذ نحو اربعة واربعين سنة بالكمال والتمام ، لا حرب ولا سلام .
قيل انه عندما زحفت المدرعات الثقيلة الى المدينة سأل الاهالي الجنود عما احضروه لهم من مساعدات انسانية وعما اذ احضروا لهم   ما يكفي من القهوة والسجائر ، الا ان بعض الجنود  اشهروا السلاح في وجوههم ، وظن الناس ان رد فعل الجنود الغاضبين  مرده  الى تفاجئهم  بقرار بدء معركة تحرير الجولان الذي تحتله اسرائيل منذ قديم الزمان  ، فقد قيل لهم انهم ذاهبون لمحاربة اعداء الوطن والامة  ، فخرج  الاهالي الى الشوارع لتحية الجنود الذاهبين الى المعركة  ونثروا الورود والارز فوق رؤوس الابطال  فاعتقد هؤلاء  انهم ارهابيون فردوا عليهم بقصف مركز وشديد ، وانشغل اخرون بمداهمة البيوت واعتقال المندسين متلبسين باغطية النوم  ،  ورفض جنود اخرون الاوامر فامتنعوا عن اطلاق النار ، لكنهم لم يقدموا السجائر ولا القهوة لابناء درعا  .
امام هذه المأساة  صار لزاما علىنا مناشدة  المجتمع الانساني لادخال  كميات كبيرة من السجائر والبن للاهالي  تكفيهم لليالي  الطويلة القادمة ، فالامر ما زال في بدايته ، وحملة تطهير البلدة من الارهابين بدأت لتوها  وقد تستغرق وقتا طويلا ، وعلى الاهالي التيقظ والتعاون مع مندوبي الامن واعطائهم  لمعلومات المطلوبة حول اماكن تواجد الخلايا السلفية والمندسين والمتآمرين على الحكم  لدفع البلاء عن البلاد وتخليصها من شرور المخربين  الاعداء .
قال الجيش  الذي لم يعص الاوامر ان الاهالي طلبوا النجدة  لتخليصهم من الارهابين ، وحين تحركت الدبابات ، لم يحسب العدو الذي يحتل الجولان لذلك حسابا  ، وكان تبرير  النظام  وفقا لما قاله مسؤول عسكري كبير لوسيلة اعلام رسمية : ان  الدبابات  اضطرت لقضاء الليل  في درعا لاقتلاع جذور  بعض المؤامرات الخارجية  وستواصل طريقها في الصباح الى الهضبة لتحريرها ، وهذا ما حصل ، فلا تحاول فضائيات الجزيرة والعربية والبي بي سي ورويترز وغيرها من وسائل الاعلام  المتخصصة في الفبركة  استغلال هذا الحطأ الفني بالتهويل وقلب الحقائق والادعاء ان النظام يقتل شعبه ، لا قدر الله  ،  فكيف له ان يفعل ذلك ، اليس الشعب والنظام وحدة واحدة  وأحدهما  يكمل الاخر  في مواجهة اعداء الامة  العربية الواحدة  ذات الرسالة الخالدة .
كيف لا يقوم النظام بواجبه القومي  في مواجهة  ما يهدد سلامة اراضيه  ومستقبله  الوطني ، فيقطع دابر  المتآمرين على الوطن ، الا بئس ما كانوا  يخططون له من  زعزعة للاستقرار الذي استظل الناس بظله  لاعوام طويلة  ، ولماذا يقدم المدنيون على مناوئة نظام الحكم آلمه جوعهم ولم ينتقص من حقهم في السهر والسمر واقامة الافراح والليالي الملاح ، وترك الحبل على الغارب للشبان والبنات للتمتع بحرياتهم الشخصية دون رقابة  امنية ، اليس المواطن ذخيرة  الوطن  واغلى ما يملك  ؟.  اليست شعوبنا  العربية  طيبة ولا تقبل على نفسها خدمة الاجنبي والخروج عن طوع  الحكام  ؟  
حتى ان المشايخ افتوا بتحريم الخروج عن ارادة الحاكم  وقالوا ان الخالق عز وجل حض العباد على طاعتهم ، وقال في محكم كتابه العزيز " واطيعوا الله والرسول واولي الامر منكم " ، فلا يجوز لمواطن مهما بلغ به الشقاء والجوع وما اصابه من فقر وبطالة ومن ضنك العيش وكتم الانفاس ان يتأفف في وجه اوليائه  وينبس بعبارات التبرم والاحتجاج  وأن عليه واجب اخفاض جناح الذل من الرحمة  للحكام الذين  ربوه صغيرا  وعلموه ودربوه  كيف يبقي  فمه مقفلا فلا يفتحه الا عند طبيب الاسنان ، الا يعلم المواطن ان الانظمة وحكامها هم الذين تحملوا مصاعب العيش ليوفروا  له  كل ما يستحق من احتياجات  مقابل ان يؤدي واجباته وفرائضه تجاه حكامه  ، وفي المقابل  ينقلب عليهم فيستحق العقاب القصف بالمدفعية  ، كاضعف الايمان ، اليس ذلك ارحم  من ارتكاب افعال تنتهك حقوق الانسان كتعليق الناس على اعواد المشانق  .
ألا يعلم المواطنون ان الزعيم  شخص خارق للعادة ليس في مثله شيء  ولا يطاول قامته احد  ، ولا يعارضه او يناوئه احد ، ، فلا يقال له لا  ، وهو الاول في كل شيء  ويتميز عن افراد الشعب العاديين  في كل شيء  ، فهو  نصف اله في بعض الاحوال ، وآله كامل في احوال اخرى  ، وهو يرى ان كل شرائح  شعبه  من عباد  صالحين  مخلصين له  ، وهو ملك الناس وزعيمهم  وربهم الاعلى ،   يأخذ ولا يعطي ، يميت ولا يحي ، يأخذ الروح ويزهقها متى شاء ، يذل من يشاء ، ويعز من يشاء  ، وقتما يشاء ، بيده ملكوت  توجيه الاتهام والحكم بالاعدام وادارة النظام بما ينسجم مع مصلحة الانعام ، ويستفيق وينام عندما يستكين الناس ويهجع   الانام ،  فلا يغمض له جفن الا بعد ان يطمئن على ابناء شعبه  وقد  ناموا مقموعين اذلاء  ، لم ياكلوا ما  بقي  من فتات طعام  ،  وحمدوا  الله على نعم  النظام .
 في نهاية المقال نذكر القراء  بان الشيء الوحيد الذي نسي الحكام فعله ، انهم لم  يفقأوا عيون شعوبهم حتى لا يظل شهود عيان يقدمون شهاداتهم للفضائيات لتصنع منها حكايات درامية لاغراض في نفوس من يقف  وراء المؤامرات  ، ونسوا كذلك وهذا الاهم  ان الزعيم الذي يقتل ابناء شعبه هو الوحيد الذي يحق له تمثيل  هذا الشعب  في المحافل ، انها علامة من علامات  بدء  "  ربيع "  القمع  باستخدام الدبابات والاسلحة الثقيلة ، انه هوس الامن الذي يصيب الحكام  الآلهة  ..!!
  تنويه : ما ورد في المقال من اسماء دول وبلدات ومدن  وربما اشخاص  ليس له علاقة بالواقع  وانما  مجرد تشابه في  الاسماء والاحداث ،  كما  ان ما ورد في المقال من رأي وعبارات  لا يعبر عن رأي الكاتب ، بل عن رأي القاريء  ، لذا اقتضي التنويه ..

الخميس، 21 أبريل 2011

ليلة القبض على اسرائيل

ليلة القبض على اسرائيل..!!
باسم ابو سمية
بالتي هي أحسن او الاسوأ ،  وبكل وسيلة متاحة  ، وفي نهاية الامر بالدبلوماسية والسياسة وبالاتفاق ، لا بد من تسوية تضمن قيام دولة فلسطينية متصلة وعاصمتها القدس الشرقية ، دولة تتمتع بحدود معترف بها ومعابر تديرها وتتحكم فيها ،  وجواز سفر لا يحمل عبارة وثيقة سفر ، وان يتم ذلك على وجه السرعة  وقبل فوات الاوان تداركاً لاية مفاجعات وليس  مفاجآت  قد تحدث ، ومثلم قلنا في مقال سابق نكرر   بان اسرائيل ستجد نفسها في يوم قريب  تتيه في صحراء العزلة الدولية ، فهدئوا خواطركم ، وفكروا مليا وطويلا وبدون مرجلات  وبطولات زائفة واستعراض عضلات ، واعتمدوا على ايلول ليأتيكم بالخبر اليقين ،   واي حل لا يتضمن  اقامة دولة فلسطينية مستقلة  لن ينفع  وسيقود  الى حالة اللااستقرار في اغلب مناطق العالم  وليس في الشرق الاوسط وحده  .
صحيح ان ثمة شعور فلسطيني بالقلق على المستقبل من تداعيات الثورات العربية وتغيير انظمة الحكم وسياساتها ، ومن ان استمرار الجمود السياسي سيؤدي الى توتير اكثر للاجواء  اذا لم  يتحقق السلام ، وان تغيير مصائر عدد من بلدان  المنطقة سيجعل الامل باعتراف الجمعية العمومية للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية في ايلول المقبل  مشكوكا فيه ، لكنه ليس  معدوما  ، اما الاسرائيليون فيرون  بان التغيير في المنطقة العربية سيكون في مصلحة اسرائيل لانه  سيقود الى فوضى تستمر لفترة طويلة وتبعد افاق التسوية  مع الفلسطينين .

حتما ان اتساع  نطاق الانتفاضات العربية  سيؤدي الى تراجع فرص السلام ، وقد يضعفها ويؤجلها  ، اذ ان طرفي الصراع  ( اسرائيل والسلطة الفلسطينية ) لم يقوما  بما كان يتوجب عليهما القيام به  لتحقيق السلام قبل  اندلاع الانتفاضات  ، فالقيادة الفلسطينية  لم تكن في وضع يؤهلها لتسوية خوفا من قيام  حركة حماس بتعطيل اية حلول لا تشارك في رسم معالمها وتفاصيلها، فضلاً عن الشعورالفلسطيني الذي كان سائدا ابان حكومة ايهود أولمرت السابقة بضعفها وعدم قدرتها على صناعة السلام ، والدليل ان المفاوضات التي دامت ثماني عشرة سنة  كانت مضيعة للوقت ولم تؤد الى نتيجة وخلالها تضاعف الاستيطان عشرات المرات في ظل صمت فلسطيني وعربي ودولي ،  لكن استمرار الانتفاضات لاجل طويل سيعود بالايجاب على  الموضوع الفلسطيني .

وما مبالغة الجانب الفلسطيني في رفع سقف اشتراطاته بربط لتسوية بتجميد الاستيطان ، الا وله  تبرير اساسه الرد على تصاعد الاستيطان بشكل كبير خلال المفاوضات ، وحين انقطع حبل السرة مع اسرائيل  وفوجيء العالم  باندلاع ثورات التغيير الواحدة تلو الاخرى في البلاد العربيية  اقفلت ابواب  التسوية  ، وبدأ المفاوضون  في ضبضبة اوراقهم وملفاتهم  التفاوضية والعودة الى بيوتهم ، ومن جانبها  اسرائيل ارتكبت وما زالت اخطاء كثيرة  ، اولها التهرب من عملية السلام او على الاقل عدم اقبالها عليها  بقلب حسن ونوايا جدية  ، وثانيها واصلت الاستيطان في كل مكان فزرعت في كل شبر من الاراضي الفلسطينية خازوقا  يصعب قلعه  ، وثالثها عزلت  القدس الشرقية  عن محيطها  وغيرت  معالمها العربية تماما ، ولعل هذا ما وضع الدولة العبرية تحت طائلة العزلة  الدولية .

ثم  ان ارتباط التسوية  بنتائج التغيير في العالم العربي التي ربما يستغرق نضوجها سنوات وليس اشهرا  لن يكون في مصلحة اسرائيل ولكنه سيصب حتما في مصلحة  الفلسطينيين ، وعلى الولايات المتحدة بصفتها الراعي فرض خطة عملية وواقعية للتسوية ، اذا ما ارادت  لشعوب المنطقة ان تنعم بالسلام والاستقرار ،  وان تقنع اسرائيل بالكف عن تخوفاتها  من قيام  دولة فلسيطينة  لا متصلة ولا مقطعة الاوصال ،  فسياساتها  تقوم على  قيام الدولة بأي ثمن  ، فلا  قيادة  في اسرائيل مؤهلة للتوصل الى اتفاق تسوية دائمة ، ، كما ان السلطة الفلسطينية لا يمكنها توقيع اتفاق  يبقي قطاع غزة بعيدا عن متناول ايديها ، فكيف يمكن الوصول الى تسوية دائمة بينما في القدس وقلب الضفة الغربية  عشرات المستوطنات ويزحف اليها مئات الاف المستوطنين يوميا ،  وقطاع غزة محاصر وبعيد ، ويتولى ادارة الحكم فيه حكومة مقالة انقلبت على السلطة  ولا تريد التراجع عن الانقسام  ، ولا التصالح   .

اما بالنسبة لاعلان  الترحيب الاسرائيلي  باقامة الدولة الفلسطينية  على حدود عام 67 الذي نرحب به  ، فانه  يشكل تغييرا متواضعا  في توجه شريحة اسرائيلية وليس كل المجتمع ولا القيادة السياسية  ولا العسكر ولم يأت حبا في سواد عيون الفلسطيين  بل من اجل  منع ما اسمي بكارثة  عزل اسرائيل  وتحويلها الى جنوب افريقيا  ثانية  تقوم على العنصرية  المعادية للدينمقراطية  ، كما  ان القائمين على الاعلان وهم  شخصيات اسرائيلية عامة وادباء يتحدثون من وجهة النظر الصهيونية  الهادفة الى الحفاظ  على الوطن القومي اليهودي باغلبية يهودية ، وهو الحلم الذي راود الشعب اليهودي بكل اطيافه واحزابه السياسية والدينية ويمينه ويساره لسنين طويلة ،  وهؤلاء يتخوفون من ان استمرار الاحتلال سيؤدي الى تحلل الصهيونية  ، ولكن على كل حال فانه يمكن التعوبل على الاعلان نحو احداث  تغيير جدي لقبول الرأي العام الاسرائيلي  بدولة فلسطينية الى جانبه ، بعد عدة  سنوات ...
ولننتبه الى  أن الاعتراف الدولي بالدولة العتيدة  ان حصل ، فسوف يكون بمثابة اعلان عن سقوط اسرائيل ، مع ان الاعتراف ليس نصا قرآنيا  ولا امرا مطلقا ، وكلنا يذكر انه خلال  اجتماعات الامم المتحدة في ايلول الماضي  اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما عن أمله  برؤية  فلسطين وقد اصبحت في العام القادم عضوا في الهيئة الدولية  ، وها هي بلاده  تخالف التوجه الاوروبي للاعتراف بالدولة وتقف كالصخرة الصلبة في وجه تحقيق  الحلم الفلسطيني االذي ربما يتحقق قريبا  ،  ورغم كل ما ذكر فقد   يطيب للبعض منا  تصديق ما قاله  دبلوماسيون أوروبيون بأنه في ظل الجمود الحالي في المفاوضات فان الاعتراف الدولي بقيام دولة فلسطينية في ايلول المقبل  امر لا بد منه ، لعل وعسى  ان يكون الموعد الذي تحدد لساعة صفر اعلان الدولة ، مؤكدا. ..!!

الثلاثاء، 19 أبريل 2011

وطنية الانظمة

وطنية الانظمة وخيانة المعارضة  ؟!
باسم ابو سمية

لاحظوا ان الاجواء السياسية الساخنة  في المنطقة العربية قد تستمر لمدة طويلة ربما لشهور او لسنوات ، فليس  في الافق ما يشير الى ان تعاظم التصعيد في ميادين الصراع  قد يهدأ او يتراجع فقد حصل في الاونة الاخيرة تصاعد امني  في معظم ارجاء الوطن العربي وسنشهد تراجعا خطيرا في الاحوال الاقتصادية والمزيد من الفقر في اوساط الفقراء ، واستشراء الفساد  لدى الفاسدين اكثر من ذي قبل  ،  اذا لم  يوضع حد للاحتقان  واطفاء الغليان  الناتج عن العلاقة  الجديدة بين الانظمة ومعارضيها  التي تتصف  بتجاذب مستمر ، فالاخير   يصرخ والاول يطبق  على فمه حتى يختنق  .
وأغلب الظن ان الحكام  العرب  الذين ظلوا على سداتهم  لمدد طويلة ستأخذهم العزة بالاثم  ، وبدلا من رأب الصدع  وايجاد سبل للمصالحات الوطنية وتهدئة الاجواء والخواطر وحقن الدماء ، سيلجأون الى توسيع الهوة بينهم وبين شعوبهم  بافتعال موجات التصعيد والتهويل في مسألة ارتباط  المعارضة بالقوى الخارجية  حتى يسهل ضرب حركة الاولى ، وتخويف الثانية ، فانتبهوا ايها السادة  الى ان  افتعال هذا النمط من  التصعيد التشكيكي  ينتج عنه   اثارة غبار كثيف يحجب عن الانظار حقيقة ما  جرى وسيجري  في الميدان  .

يمكن الموافقة على  وجود لغز ما   نجهله ،  او كلمة سر  لا نعرفها للاحتجاجات التي انفجرت فجأة في العالم العربي ، ويمكن الاقرار بما هو أعمق وأبعد من مجرد الاطاحة بالحكام واستبدال الانظمة القومية الحالية وان كانت قمعية باخرى معروفة الاهداف والبرامج  ، فالدلائل تشير الى ان المؤامرة  المسماة بالخارجية هي في الواقع داخلية  وينشط  الذين يحيكونها في تجهيز  كراسي الحكم على مقاس الخلفاء غير الراشدين من السلفيين والاخوان المسلمين لادارة دولة الخلافة الاسلامية ، وهؤلاء  يديرون مؤامرات خارجية باجندات عقائدية اقليمية ، وتتأكد هذه الفرضية بالتصريحات التي صدرت في مؤتمرات جماهيرية  عن قيادين في التيارات السلفية والاخونجية ، ولو نجحوا  في تنفيذ برامجهم  فانا ساكون اول الواقفين في صف الانظمة ضد الثورات  التي تسرق انجازاتها في  وضح النهار  .

هذا ما تدلل عليه الوقائع ، فالتراجع السياسي، والانهيار الاقتصادي  والانقسامات والصراعات والتدخلات الاقليمية واحيانا الدولية  ستؤدي جميعها  الى خدمة النظام الاسلامي الذي تهدد الاحزاب السلفية والاخوان بتطبيقه  بعد استملاك الارض وما عليها ، وهو ما لا يمكن  تجاهله ، فلا حاجة  للتعريف باسباب ودوافع  الثورات الغاضبة وأعاصيرها الجامحة، التي تجتاح المدن والقرى في انحاء العالم العربي  بل ان علينا  التنبه الى  العواقب الوخيمة  التي ستكون مدوية اكثر من صرخات الجماهير  اذا تحقق ما تسعى اليه  تيارات اقامة الحد ودفع الجزية  .

مفارقة مقلقة تعيشها الشعوب العربية دون ان تشعر بها  ، سواء المنتفضة على حكامها أوالمتفرجة على الاحتجاجات عبر الفضائيات ، والمقلق  في الامر ان الحديث عن قدوم افواج  حملة السيوف من المجاهدين لانتزاع الحكم  ، يقابله تجاهل  بعض الحاكم لما يجري الحديث عنه واصرارهم على  البقاء في سدة الحكم ورفض أي  تغيير أو إصلاح ، ما يفتح الابواب على مصارعها  أمام قوى غير مرغوب فيها لا شعبيا ولا سلطويا  للاستيلاء على الحكم  بلا ضجيج .

قد يتصور البعض ان القوى الدولية مجرد مجموعة منظمات اهلية غير حكومية وان امتناعها عن تقديم الدعم المباشر يعني عدم معرفتها او تجاهلها لما يجري ،  بل ان الامر غير ذلك تماما ، فالولايات المتحدة بوصفها زعيمة القوى المناصرة للثورات ، هكذا اصبح اسمها الان ، تعرف تماما ما يجري وبالتفاصيل الدقيقة ، ويمكن القول انها هي التي رعت ومولت كل المعارضين العرب من ليبيا وسوريا والاردن وايران وحتى الكويت منذ اواسط الثمانينيات وحتى يومنا هذا ، وكنت انا وكثير من الاصدقاء والزملاء من الذين حضروا مؤتمرات هؤلاء وجلساتهم في صالونات السياسة في واشنطن اثناء عملي هناك كصحافي  في نهاية الثمانينيات  والتهمنا الكثير من وجباتهم الشهية وتجرعنا من مشروباتهم  الروحية ، وسألتهم عن اسباب وجودهم في الولايات المتحدة ، ولماذا لا يعودون الى بلدانهم ، فلم يقدم احد منهم  جوابا شافيا ، وفهمت  بعد ذلك ان انتزاعهم من جنات  واشنطن  يعني منع  الاوكسجين عنهم فيموتون ،  هكذا قالت لي مضيفتهم المعارضة الكويتية السمراء الحلوة  ، اما حقيقة ان الولايات المتحدة مولت المعارضة السورية سنة 2006 حسب وثيقة الويكيليكس ، فامر مشكوك في صدقيته  فالتمويل قد بدأ حسب معرفتي وباعتراف المعارضين انفسهم  قبل ذلك بكثير ، وعليه فان وقوف الولايات المتحدة الى جانب الثورات لم يكن  تطوعا لنصرة الشعوب  بدون مقابل ، بل كان ضمن برنامج  يتيح لها وصاية ما ، وان كانت الوصاية غير مباشرة او مقنعة  كالبطالة في العالم العربي .
ونقول بكل ضمير قومي  للحكام ان اساليب القمع ستؤدي  الى تأجيل الحلول وتمييعها لفترة قصيرة ثم الى  تفاقم الازمات ، فالمشكلة الحقيقية تكمن في أن الشعوب المحتجة لم تعرف في حياتها صناديق الاقتراع ولم تمارس حقها في الاختيار ، وحين  نزلت إلى الساحات والميادين  ظنت أن ضجيج  أقدامها سيصل الى اذان السلطات الحاكمة فتتراجع وتعطي كل ذي حق حقه  التي تجاهلته  لفترة طويلة ، وهذا التجاهل هو الذي وضع الجماهير أمام خيار وحيد  وهو المضي في الطريق  الطويل  الى آخره .
وعلى المعارضة الا تكون نزقة  ولا تستفز وان تتقبل الاتهامات بانضوائها تحت عباءة المؤامرة الخارجية فمن حق الانظمة الدفاع عن مكاسبها  كحق من حقوقها او ارث من ميراثها العائلي ، ولها حرية استخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة بما في ذلك  التشكيك بالثورات واهدافها ومآربها الخيانية ، ولكن عليها ان تتحمل النتائج  ، وعلى الحكام  ان يحسنوا تقدير  ما قد يفعله  الشباب الذين لم يعاصروا الحقب السابقة ،  فاخطر ما لدى هذه الاجيال انها ورثت بالتراكم  كل اصناف الظلم والاذلال  ، ومعرفة الماضي  تحمل دائما مفاجآت غير متوقعة  تقلب الاحوال رأسا على عقب ، بحيث يصبح لا مجال لعودة حركة الجماهير الى الوراء رغم معرفتها بالمدى التي قد تصل اليه  اساليب القمع  من جانب الانظمة المذعورة من امتلاك الشعوب لحريتها .

والظاهر أن الشباب العرب كلهم قد نهلوا من ثقافة  شيخ واحد ، فهم يبحثون عن  حلول  تضع  نهاية لكبت الحريات والبطالة والفقر والحرمان المزمن من حق التعبير ، فيما تحاول الانظمة  تجاهل الحقائق بالهروب  الى الامام ، وتتجاهل ان  التهويل واللعب بالعواطف  لم يعد حلا لإطعام الفقراء ولا يشفي  غليل التواقين الى نيل الحرية والكرامة .

ان اعتراف الانظمة  بواقع الناس الغاضبين خطوة ضرورية  جدا لسلوك طريق الحل وامتصاص الصدمة  والنقمة والغضب ،  فقد اثبتت الانتفاضات المتلاحقة ان  العلاج بالمسكنات ليس شافيا ولا كافيا  وأن ما كان ممكناً بالامس لم يعد مقبولاً اليوم  . اما مواصلة استخدام القوة فلن يؤدي الا الى انفلات عقال الاحتجاجات وتفجر مشاعرالغضب ،  وفتح  الابواب على تدخلات خارجية فعلية وليس افتراضية ..!!

الأحد، 17 أبريل 2011

اخوان اون لاين

اخوان اون لاين   ...!!
باسم ابو سمية
بعد الآن لم يعد بامكان الجماعات الاسلامية في العالم العربي بكل مكوناتها واحزابها الزعم بان  القوى الاجنبية هي التي تزرع  الفرقة والانقسام في الامة العربية الواحدة ،  بل ان من اعلن النفير هو الذي يتحمل المسؤولية عن التدهور المنتظر في بنية الامة والمجتمعات ، فليس الغرب هو الذي قال : " يا سلفيين.. يا صوفية.. يا أنصار السنة ، لا نوم بعد اليوم ، حتى نمكن لهذا الدين فى مصر، فلا تضيعوا علينا هذه الفرصة العظيمة فى الانتشار السياسى بالمساجد والمصانع والجامعات " من قال هذا سعد الحسيني  القيادي في  جماعة الاخوان المسلمين  التي تبنت مؤخرا سياسة  تعدد الاحزاب ليسهل عليها استقطاب مختلف فئات الشعب  .
وكلام كهذا لا يصدر الا عن جماعة كتلك ، وهنا تماماً تقع لحظة مقتل الانتفاضات والثورات الشعبية  وحركات التحرر العربية من تونس الى اليمن  مرورا بدول اخرى ، واذا لم يوضع سد مانع امام مخططات جماعة الاخوان فان على الدنيا السلام  ،  فهي  تقول ان حزبها  قوة مؤهلة لاستلام الحكم في مصر ،  وحينئذ سيكون باستطاعة الجماعة  تطبيق  الحكم الاسلامي واقامة الحد وفرض الجزية على أهل الذمة  من غير المسلمين ،  وبهذا يصبح من السهل زرع الانقسام في الامة العربية والاسلامية .
هل فعلا من السهل استغلال الجماعة احداث العالم العربي والقفز على الثورات واغتصابها امام اعين اصحابها الشرعيين ،  دونما مبالاة اذا ما كان هذا سيؤدي الى  اشعال حرب طائفية ، وشرارتها تصريحات جماعة تسمى السلفيين الجهاديين  تعيش كاقليات على هوامش المجتمعات العربية ، ولم تطلق في حياتها رصاصة واحدة ضد اعداء الامة ، تقول ان الحل يكمن  باقامة النظام الاسلامي في كل دولة تطيح الثورة بحاكمها  بدءا بمصر وتونس ، ومن ثم اليمن وليبيا وبقية الدول  عندما يرحل الحكام  طوعا او اكراها .
هذه الاعترافات تكفي للاخذ في الاعتبار الاشارات المرسلة من الجماعات الاسلامية  ولا سيما ما قاله  المرشد العام السابق للاخواان المسلمين الذي دعا الى ضم الراقصات  والراقصين والفنانين  الى الاخوان بعد اعلان التوبة لتوسيع القاعدة الشعبية للجماعة اكثر مما هي متسعة ، وما قاله بعد  ذلك احد قادة الجماعة سعد الحسيني حول تطبيق الشريعة الاسلامية ، وهي اقوال ادخلت الهواجس والمخاوف الى قلوب الناس  ولا سيما جماعة  العلمانيين الاكثر قدرة على  استخدام حاسة الشم لكشف كنه ما صدر من تصريحات تبعث على الارتجاف خوفا من اهوال المستقبل  الاتي   .
وخلاصتها توحي بمستقبل صعب ينتظر كل فئات المجتمع  بلا استثناء  ان لم تتصدى الجماهير وفي مقدمها  جمهور النخبة من المثقفين  والكتاب الليبراليين والعلمانيين والمسيحين لدعوات اعلان النفير والاستيلاء على الحكم واخضاع الجميع للنظام الاسلامي  بحجة  حماية ا انجازات لثورات .
الوجه الآخر المظلم لمستقبل العالم العربي  ان الاخوان المسلمين باتوا جزء من تيار واسع يمثل التقاليد والثقافة الدينية واذا ما تحالف مع  السلفيين و القوى ألاخرى فانها ستصبح قريبا قوة مهيمنة برلمانيا او حتى رئاسيا وراسخة دستوريا وواقعيا ، وجميع المعنيين واولهم شباب فيس بوك  ، واقطاب السياسة  ورؤساء الاحزاب والناس العاديين والعمال والفلاحين  ، والعاطلين عن العمل والمتسولين  والتجار ورجال الاعمال واصحاب المطاعم ورواد المقاهي مطالبون  بمنع الجماعة من الاستيلاء على الحكم  ، فهي ليست افضل من الحكام ممن قضوا نحبهم السياسي  ومن لا زالوا ينتظرون .
فالامر لا يقف عند حدود مجرد التصريحات ، بل انها تعكس  سلوكا متحجر تهدد الجماعات الاسلامية  بتطبيقة على المجتمعات  ، والذي سيتحول الى  حريق يشعل المنطقة ويلتهمها بلداً إثر آخر  ،  وفي هذا السياق فان ثمة فرصة سانحة  لقطع الطريق  على التطرف الديني التي بدأنا نسمع نغماتها تتردد بين ظهرانينا في الاونة الاخيرة  ، وبغير ذلك فلا سبيل للنجاة  ، وافكار كهذه تدفع الناس الى تجرع كؤوس العنصرية وتدفع الى وقوع  الدول العربية الواحدة تلو الاخرى. في فخ التطرف ..
لعلكم لم تنسوا  بعد  الجريمة البشعة قبل ايام قليلة في غزة  التي تثير اسئلة عن معناها وتوقيتها حين اقدمت  مجموعة سلفية مقربة من تنظيم "القاعدة" تطلق على نفسها  " سرية الصحابي الهمام محمد بن مسلمة " على قتل المتضامن الايطالي والصحافي فيتوريو اريغوني (36 سنة) بعد خطفه والتهديد بقتله اذا لم تطلق حركة المقاومة الاسلامية "حماس" مؤيدين لهذه الجماعة من السجن. ، ووجد اريغوني جثة مكبلة ومشنوقة في بيت مهجور بمدينة غزة ،
 وتقول جماعة الإخوان المسلمين على لسان عدد من قياداتها انها تسعى  لإقامة الحكم الإسلامى وتطبيق حدود الشريعة الإسلامية فى مصر، ما أثار ردود فعل غاضبة بين قيادات الأحزاب السياسية الذين أكدوا أن هذه تصريحات ضد الدولة المدنية، وتثير قلق الليبراليين. وقال سعد الحسينى، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، " إن أمام الجماعة ثلاثة  قضايا فى الوقت الراهن ، هى حماية الثورة ، وتطوير التنظيم ومؤسساته وهياكله ، وأخيراً تحقيق مشروع نهضة الأمة وصبغة الشعب بصبغة الإسلام ، فهذا هو مجد الإخوان " .
ربما هي الموجة الاولى من موجات تراجع الانظمة الليبرالية والديمقراطية العربية في مقابل تحول  الجماعات الاسلامية الى انظمة حكم أحادية وطويلة الاجل ، وما بين الاخوان المسلمين  وبين السلفيين الذين يشكلون جزءا من تنظيم القاعدة  ، فان الانظمة الديمقراطية القديمة ستسحق تحت أحذية انظمة الحكم الاسلامية الجديدة اذا لم تتحد القوى السياسية وأحزاب المعارضة وحركات الشباب  فى جبهة وطنية لمواجهة التيارات المتطرفة التى تريد هدم المشاريع الوطنية   واستخدام الدين كعامل جذب للناس  ، واذا  لم يستطع العلمانيون مواجهة الاسلاموفوبيا ، فما عليهم  الا فرش السجاد الاحمر  ليمر فوقه  الاخوان  لانهم حتما  قادمون..!!

.الاخوان قادمون

الاخوان قادمون  ، فما انتم فاعلون  ...!!
باسم ابو سمية
بعد الآن لم يعد بامكان الجماعات الاسلامية في العالم العربي بكل مكوناتها واحزابها الزعم بان  القوى الاجنبية  هي التي تزرع الانقسام في الامة العربية الواحدة  ،  بل ان من اعلن النفير هو الذي يتحمل المسؤولية عن التدهور المنتظر في بنية الامة والمجتمعات ، فليس الغرب هو الذي قال : " يا سلفيين.. يا صوفية.. يا أنصار السنة ، لا نوم بعد اليوم ، حتى نمكن لهذا الدين فى مصر، فلا تضيعوا علينا هذه الفرصة العظيمة فى الانتشار السياسى بالمساجد والمصانع والجامعات " من قال هذا سعد الحسيني  القيادي في  جماعة الاخوان المسلمين  التي تبنت مؤخرا سياسة  تعدد الاحزاب ليسهل عليها استقطاب مختلف فئات الشعب  .
وكلام كهذا لا يصدر الا عن جماعة كتلك ، وهنا تماماً تقع لحظة مقتل الانتفاضات والثورات الشعبية  وحركات التحرر العربية من تونس الى اليمن  مرورا بدول اخرى ، واذا لم يوضع سد مانع امام مخططات جماعة الاخوان فان على الدنيا السلام  ،  فهي  تقول ان حزبها  قوة مؤهلة لاستلام الحكم في مصر ،  وحينئذ سيكون باستطاعة الجماعة  تطبيق  الحكم الاسلامي واقامة الحد وفرض الجزية على أهل الذمة  من غير المسلمين ،  وبهذا يصبح من السهل زرع الانقسام في الامة العربية والاسلامية .
هل فعلا من السهل استغلال الجماعة احداث العالم العربي والقفز على الثورات واغتصابها امام اعين اصحابها الشرعيين ،  دونما مبالاة اذا ما كان هذا سيؤدي الى  اشعال حرب طائفية ، وشرارتها تصريحات جماعة تسمى السلفيين الجهاديين  تعيش كاقليات على هوامش المجتمعات العربية ، ولم تطلق في حياتها رصاصة واحدة ضد اعداء الامة ، تقول ان الحل يكمن  باقامة النظام الاسلامي في كل دولة تطيح الثورة بحاكمها  بدءا بمصر وتونس ، ومن ثم اليمن وليبيا وبقية الدول  عندما يرحل الحكام  طوعا او اكراها .
هذه الاعترافات تكفي للاخذ في الاعتبار الاشارات المرسلة من الجماعات الاسلامية  ولا سيما ما قاله  المرشد العام السابق للاخواان المسلمين الذي دعا الى ضم الراقصات  والراقصين والفنانين  الى الاخوان بعد اعلان التوبة لتوسيع القاعدة الشعبية للجماعة اكثر مما هي متسعة ، وما قاله بعد  ذلك احد قادة الجماعة سعد الحسيني حول تطبيق الشريعة الاسلامية ، وهي اقوال ادخلت الهواجس والمخاوف الى قلوب الناس  ولا سيما جماعة  العلمانيين الاكثر قدرة على  استخدام حاسة الشم لكشف كنه ما صدر من تصريحات تبعث على الارتجاف خوفا من اهوال المستقبل  الاتي   .
وخلاصتها توحي بمستقبل صعب ينتظر كل فئات المجتمع  بلا استثناء  ان لم تتصدى الجماهير وفي مقدمها  جمهور النخبة من المثقفين  والكتاب الليبراليين والعلمانيين والمسيحين لدعوات اعلان النفير والاستيلاء على الحكم واخضاع الجميع للنظام الاسلامي  بحجة  حماية ا انجازات لثورات .
الوجه الآخر المظلم لمستقبل العالم العربي  ان الاخوان المسلمين باتوا جزء من تيار واسع يمثل التقاليد والثقافة الدينية واذا ما تحالف مع  السلفيين و القوى ألاخرى فانها ستصبح قريبا قوة مهيمنة برلمانيا او حتى رئاسيا وراسخة دستوريا وواقعيا ، وجميع المعنيين واولهم شباب فيس بوك  ، واقطاب السياسة  ورؤساء الاحزاب والناس العاديين والعمال والفلاحين  ، والعاطلين عن العمل والمتسولين  والتجار ورجال الاعمال واصحاب المطاعم ورواد المقاهي مطالبون  بمنع الجماعة من الاستيلاء على الحكم  ، فهي ليست افضل من الحكام ممن قضوا نحبهم السياسي  ومن لا زالوا ينتظرون .
فالامر لا يقف عند حدود مجرد التصريحات ، بل انها تعكس  سلوكا متحجر تهدد الجماعات الاسلامية  بتطبيقة على المجتمعات  ، والذي سيتحول الى  حريق يشعل المنطقة ويلتهمها بلداً إثر آخر  ،  وفي هذا السياق فان ثمة فرصة سانحة  لقطع الطريق  على التطرف الديني التي بدأنا نسمع نغماتها تتردد بين ظهرانينا في الاونة الاخيرة  ، وبغير ذلك فلا سبيل للنجاة  ، وافكار كهذه تدفع الناس الى تجرع كؤوس العنصرية وتدفع الى وقوع  الدول العربية الواحدة تلو الاخرى. في فخ التطرف ..
لعلكم لم تنسوا  بعد  الجريمة البشعة قبل ايام قليلة في غزة  التي تثير اسئلة عن معناها وتوقيتها حين اقدمت  مجموعة سلفية مقربة من تنظيم "القاعدة" تطلق على نفسها  " سرية الصحابي الهمام محمد بن مسلمة " على قتل المتضامن الايطالي والصحافي فيتوريو اريغوني (36 سنة) بعد خطفه والتهديد بقتله اذا لم تطلق حركة المقاومة الاسلامية "حماس" مؤيدين لهذه الجماعة من السجن. ، ووجد اريغوني جثة مكبلة ومشنوقة في بيت مهجور بمدينة غزة ،
 وتقول جماعة الإخوان المسلمين على لسان عدد من قياداتها انها تسعى  لإقامة الحكم الإسلامى وتطبيق حدود الشريعة الإسلامية فى مصر، ما أثار ردود فعل غاضبة بين قيادات الأحزاب السياسية الذين أكدوا أن هذه تصريحات ضد الدولة المدنية، وتثير قلق الليبراليين. وقال سعد الحسينى، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، " إن أمام الجماعة ثلاثة  قضايا فى الوقت الراهن ، هى حماية الثورة ، وتطوير التنظيم ومؤسساته وهياكله ، وأخيراً تحقيق مشروع نهضة الأمة وصبغة الشعب بصبغة الإسلام ، فهذا هو مجد الإخوان " .
ربما هي الموجة الاولى من موجات تراجع الانظمة الليبرالية والديمقراطية العربية في مقابل تحول  الجماعات الاسلامية الى انظمة حكم أحادية وطويلة الاجل ، وما بين الاخوان المسلمين  وبين السلفيين الذين يشكلون جزءا من تنظيم القاعدة  ، فان الانظمة الديمقراطية القديمة ستسحق تحت أحذية انظمة الحكم الاسلامية الجديدة اذا لم تتحد القوى السياسية وأحزاب المعارضة وحركات الشباب  فى جبهة وطنية لمواجهة التيارات المتطرفة التى تريد هدم المشاريع الوطنية   واستخدام الدين كعامل جذب للناس  ، واذا  لم يستطع العلمانيون مواجهة الاسلاموفوبيا ، فما عليهم  الا فرش السجاد الاحمر  ليمر فوقه  الاخوان  لانهم حتما  قادمون..!!