الثلاثاء، 31 مايو 2011

الشعب لا يريد حكومة


الشعب  لا يريد حكومة ..!!
باسم ابو سمية
منذ ان بدأ تشكيل الحكومات في بلادنا ونحن نسمع عن شعارات رفعت ولم تنفذ ، منها مكافحة الفقر والبطالة وتقليص الهوة الاقتصادية  والاجتماعية ، وجعل الناس  يستفيدون من منافع الاستثمارات  في بناء المنشأت والمدن السكنية بحيث تشمل كل شرائح المجتمع في كل المناطق الفلسطينية على نحو متكافئ ، اضافة الى ذلك  وقف هجرة الادمغة وايجاد فرص عمل جديدة  للكفاءات المدفونة في فلسطين وخارجها ، فهذه المواضيع تأتي  في اول اولويات الناس واهتماماتهم  وينبغي على السلطة  التعامل معها بكل  مسؤولية ، فقد  كانت  سببا في اهتزاز ثقة  المواطنين بالحكومات المتعاقبة .
بعض الذين شاؤوا تلطيف ألاجواء المصاحبة لتشكيل الحكومة الفدرالية بين فتح وحماس  يدركون ولا يعترفون بان حكومة تقاسم الحصص التي يجري تشكيلها وراء الكواليس تعجل  في الانزلاق نحو الانقسام والتقسيم ، هكذا نرى الامور بواقعية شديدة وبلا مواربة او مجاملة .
 خطورة هذا الامر تكمن في الظرف السياسي الحالي الملتبس والمرشح الى التدهور  بعد خطاب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنجامين نتنياهو امام اعضاء الكونغرس الامريكي الذين صفقوا له حتى احمرت اكفهم ، وهو ظرف يحمل بذور الانفجار  في عز الحاجة الفلسطينية الى دولة ومؤسسات واستثمارات واموال  وطنية  ،  وليس انتظار مساعدات المانحين واموال الضرائب التي تحجتزها اسرائيل ، ونريد القول ان الاتكال على المساعدات الدولية وحتى العربية الشهرية او السنوية بلا استثمارت وطنية  سيعجل في انهيار مشروع الدولة قبل قيامها .
فما معنى ان نتحدث عن دولة مستقلة في حدود 1967 ، ولا ننجح في تشكيل حكومة مستقلين لتسيير الاعمال دون ان تتعاطى في  السياسة  الى حين اجراء الانتخابات ،  وكل ما يجري من حولنا  يثير ما هو اكثرمن الخوف من المستقبل  ،  فاي مصلحة للفصائل  في تداول مئات الاسماء كمرشحين لرئاسة الحكومة  ووزراتها ،  واين هي هذه المصلحة في سلم  اهتمامات الناس ، وماذا يهم  الناس وسط احوالهم المريعة  اذا  ما اصبح  لقب الوزير هو الشغل الشاغل لكل فصائل المقاومة والممانعة والعمل الوطني ،  اليس افتعال الغرق في تسمية الوزراء  يعد  انحرافا نحو الانقسام واعادة تقسيم الوطن  رغما عن ارادة اهله..!!

 لقد صارت اخبار التشكيل الحكومي مثل احاديث الصالونات النسائية ،  فما ان يجتمعن حتى تبدأ الثرثرة التي تدوم وتدوم ولا تنتهي  حول  اخر الاخبار عمن سيصبح وزيرا للثروة الحيوانية ، او وزارة المياه والري  او وزارة الثقافة ، الى اخر القائمة ، هذا هو حال التشكيل الوزارى لحكومة المستقلين الموعودة في فلسطين ، وهي في راينا حكومة موعودة بالعذاب ، ففي  كل مرة تنشر فيها اسماء المرشحين  تصبح محل تندر ، لماذا محمد مصطفى  وليس سلام فياض ، وسرعان ما يتداعى  المسربون من كبار المسؤولين الى تسريب  قوائم  باسماء كثيرة كمرشحين للتشكيلة الحكومية ، ولكثرة القوائم التي ترددت  منذ اتفاق المصالحة وحتى الان  اختلط الامر على الناس .

  بعد المصالحة  الفلسطينية قيل ان الحكومة  الجديدة سوف تتشكل من شخصيات مستقلة تماما ، لا هي من حماس ولا هي من فتح ، وستنحصر مهمتها في التحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعة  وادارة شؤون الوزرات  ، اما الاسماء المسربة فهي ليست كذلك فثمة اشخاص معروفون بانهم  اما اعضاء في فتح او في حماس او مؤيدين لهما ،  فلماذا استغفال الناس بهذه الطريقة المكشوفة ، فغنمات جحا  كما يقول المثل معروفة ، واحدة نائمة وواحدة قائمة ، والكل في فلسطين يعرفون خلفايات بعضهم البعض ويعرف كل واحد الطفولة  والمراهقة السياسية  للاخر  منذ ايام الاحتلال حتى اليوم .

لم يقل لنا احد ان تشكيلة حكومة المستقلين العتيدة  لتصريف شؤون الناس قد تستغرق وقتا اطول مما استغرقته حوارات المصالحة ، وفي كل يوم يمر تطالعنا المصادر بلائحة مختلفة عما سبقها  ، ومن المفارقات المضحكة انه  تم  تداول نصف الشعب الفلسطيني كمرشحين لرئاسة الحكومة او عضويتها ، هل هذه اشارة الى ان  مشاكل الشعب الفلسطيني قد انتهت ولم يبق  لديهم سوى مشكلة  تشكيل الحكومة .

 لا يهم الناس اذا تشكلت الحكومة  ام لا ، فالامر بالنسبة اليهم سيان طالما ان الحكومات المتعاقبة منذ اول انتخابات تشريعية ،  لم تنجح في احداث تغيير جذري ملموس في  الاحوال المعيشية والاجتماعية والسياسية ايضا  ، والدليل على ذلك ان الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والشتات لم يتوقف يوما عن الشكوى والعويل على ما وصل اليه الحال من تراجع في الاوضاع وزيادة االفقر  وتعاظم نسبة  البطالة ، اللهم الا موظفي الحكومة الذين بقوا خارج التداول كفقراء الى حد ما فقد وفرت لهم اموال الدول المانحة  رواتب  ثابتة  تكفيهم شر السؤال في اسوأ الاحوال  .

الذي حدد مهمات حكومة المستقلين هو الرئيس ابو مازن  وليس احد غيره ،  واكد انه لن يترشح للرئاسة ، ودعا فتح للبحث عن شخص آخر ليصبح رئيسا ، لكننا فوجئنا ، بان الاشخاص الذين تمضغهم الالسنة لاشغال مختلف الوزارات ليسوا مستقلين مطلقا عن الحزبين الكبيرين فتح وحماس ، بل ان غالبيتهم  اما حمساويين سابقين او مستقلين فتحاويين ، وربما ان هؤلاء من الخلايا النائمة للحركتين ، وبعضهم  مدراء ابتسم لهم الحظ ليصبحوا وزراء  .

لم يعد الوضع  الفلسطيني الداخلي المأزوم معيشيا واقتصاديا وسياسيا ، ولا الوضع الاقليمي المتفجر في اكثر من دولة  حولنا يسمحان بالاستمرار مضغ الاسماء صباحا  وبصقها مساء  ، وما قد يسببه  ذلك من تداعيات ،  و يتعين على الرئيس اتخاذ  خطوة جريئة بتحمل مسؤولياته امام شعبه  فيوقف ظاهرة قوائم الاسماء  وتأليف حكومة  ترضي كل الناس قبل ان ترضي اهل السياسة واصحاب الاحزاب والفصائل ، حكومة لا تتعاطى في الشأن السياسي  بعيدة عن التقاسم والحصص  تتفرغ لادارة  الشأن العام .

لماذا نقترح حكومة الناس وليس الفصائل ، لان هذا يغنينا عن تجاذبات قوائم المرشحين ومواصفاتهم  ، فالمطلوب من حكومة كهذه  الاهتمام  بتوفير الاموال لموظفيها وللمؤسسات  وللمدارس والعيادات الصحية للارتقاء يالخدمات الصحية المريعة ،  وتعزيز الاستثمارات  كواحد من الاسس لبناء الوطن والحفاظ على منجزات مشروع بناء المؤسسات الذي يسدجل لرئيس الحكومة المرفوض حمساويا سلام فياض ، ويمكن القول بكل بساطة ان الناس  قد ملوا  التسميات  والتشكيلات  من حكومة الوحدة الوطنية  الى تصريف الاعمال ، الى التسيير والتكنوقراط على بلاط  ، والكفاءات ، والانقاذ ،   فالناس لا يهمهم  من يحكم بل كيف يحكم  ، فمعالجة  الازمات ومواجهة  التحديات يحقق للوطن والمواطن من يصبو اليه من تحسن للاحوال المعيشية .
لكن كل ما كان يحصل  في كل حكومة تتشكل كان على العكس من ذلك تماما ، فقضايا  الناس كانت في اخر قائمة الاولويات على افتراض ان هناك قوائم ، فمصالح الناس  اهملت منذ وقوع  الانقلاب وتبادل الاتهامات والاقتتال وتفاقم الاوضاع الداخلية .
لا تظنوا ان المصالحة قد انجزت كل قضايا الخلاف فما زال هناك الكثير امام الفريقين لتحقيقه ، وستظل تلك القضايا حجر عثرة في طريق تشكيل الحكومة الجديدة ، علما ان تشكيلها او عدمه  لم يعد في نظر الناس  امرا  ضروريا  ولا ملحا ، فيكفينا حكومة تكلف بادارة الشؤون العامة  ،  فدقة المرحلة الراهنة  وخطورتها محليا واقليميا ودوليا ، تتطلب قيادة سياسية تجتمع على  برنامج سياسي واحد  ، وليس حكومة تتعارض سياستها مع سياسة قيادتها .
مطلوب من الرئيس ان يحزم  امره  للخروج بحكومة كفاءات تحظى بثقة الناس ورضاهم ، حكومة من الداخل والخارج وليس من غزة والضفة فقط ، وليتحمل المرشحون عندئذ مسؤولية مستقبل الناس ، وان تترك مسؤولية الوطن لقيادة منظمة التحرير بعد اجراء التعديلات المطلوبة في هيكليتها ورموزها ،  فهي الجهة الشرعية الوحيدة  التي تمتلك القدرة على اتخاذ القرار ، اما مسؤولية الحكومة فهي ادارة شؤون الناس ، وهي مسؤولية لا تقل أهمية عن اتخاذ القرار السياسي  فكل منهما  يعد حجر زاوية  في بناء  الوطن ..!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق