الخميس، 12 مايو 2011

يوميات

دولة " فارس احلام "  حماس ..!!
باسم ابو سمية
على كبار  فلسطين قبل صغارها ، الادراك  بان  الدولة المنشودة  لا تبنى  باستمرار الضغائن والاحقاد ، ولا بالحديث عن الاقتسام والمحاصصة ، ولا بافتعال الازمات ،  ولا  بمحاولة ادخال اتفاق المصالحة  من خرم رئيس حكومة غير متفق عليه   ، فالبعض  يريد دولة  فارس احلام حماس ، رئيس الحكومة من غزة  ، والبعض الاخر يريده من الضفة ، ، الا يعلمون ان فلسطين لا تبنى من خلال المصالح الشخصانية ،  ولا  حتى من خلال الافتراض ان طرفا  يمتلك  وحده  مفاتيح الحلول  ، كل الحلول ، لان  هذا سيعطل  اختيار رئيس  حكومة جديد مستقل  ومهني  ، اتفق على مواصفاته القاصي والداني ،  وليس  فتح وحماس وحدهما  .
هي اذا قعقعة المحاصصة وصليل سيوف التقاسم الحكومي ، حين يتحدث عن ذلك صراحة مسؤول كبير  في حماس يحمل منصب المستشار السياسي لرئيس الحكومة المقالة  ، فيقول في تصريحات صحافية : ان حماس  تريد ان يكون رئيس الحكومة غزاويا  ، وان  تقتسم حركته مع حركة  فتح المناصب الوزارية مناصفة ،  وهذه  نغمة تعيدنا الى بداية  الحوار ، وكأن بالمسؤول  نسي ان المتصالحين اتفقوا على تشكيل حكومة  تكنو قراط ،  لا من فتح  ، ولا من حماس  .
ويبدو ان   " المسؤول " غاب عن باله  ان اسرائيل ومنذ اعلان اتفاق المصالحة وهي  تخوض حرباً ضد الفلسطينيين لا تقل صلابة  عن الحروب السابقة ، إنها الحرب  ضد الدولة الفلسطينية المستقلة  على حدود 1967 التي تنتظر إعلان الأمم المتحدة  في ايلول المقبل عن دعم قيام هذه الدولة  بتأييد غالبية الدول الأعضاء .
الا يعلم معاليه  ان اسرائيل تفاجأت  بالمصالحة الفلسطينية  التي قلبت  حساباتها  رأساً على عقب ،  فجاءت ردود مسؤوليها  عنيفة حين شككوا  في امكانية  دوام الاتفاق  وتوقعوا سقوطه خلال فترة قصيرة   ، وشنوا ضده  حملة شديدة قادها كبار المسؤولين وفي مقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكان من المفترض ان يدرك السياسيون الفلسطينيون في الجانبين  فتح و حماس ،  ان المصالحة  اصابت اسرائيل بالصدمة  بينما  كانت تضع  السيناريوهات لعودة التوتر الى قطاع غزة  في أعقاب تجدد اطلاق الصواريخ من هناك .
كلنا  ، الصغير والكبير والمقمط في السرير ، نعلم ان الانقسام الفلسطيني  افاد إسرائيل كثيراً وساعدها في محاولات  إضعاف السلطة الفلسطينية وفي التشكيك بمشروعية تمثيلها للشعب الفلسطيني ،  وطوال السنوات الماضية كان الإسرائيليون يتذرعون بعدم وجود شريك  فلسطيني حقيقي ، فالرئيس محمود عباس من وجهة نظرهم  لا يمثل الا سكان الضفة الغربية فقط ،  وحتى هذا التمثيل بات مشكوكا فيه ، وطالما ادعت إسرائيل بأن لا شيء يضمن صمود توقيع ابو مازن على اتفاق تسوية سلمية مع إسرائيل في حالة حصولها مستقبلا  ، معتمدة  في ذلك على احتمال هزيمته في الانتخابات  أمام  حماس ، وها هو الان ،  يفرط  العقد السياسي بينه وبين منصب الرئيس  ويرفض  ان يرهن  نفسه  مرة ثانية لصندوق الانتخاب ، ولعل هذا  الامر دفع حركة فتح الى بدء رحلة البحث عن  شخصية مناسبة للمنصب ، وحفظ خط الرجعة  بفصل الرئيس عن رئاسة حركة فتح ومنظمة التحرير  .
    
 وكلنا ، نعلم  صغيرنا قبل كبيرنا  ان مشكلة إسرائيل مع المصالحة الفلسطينية هي سياسية وليست أمنية ،  لانها  ستجد نفسها في أيلول المقبل أمام جبهة سياسية فلسطينية موحدة تطالب المجتمع الدولي بالاعتراف بالدولة المستقلة وانهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية  ، هذا اذا دامت المصالحة ولم يحدث ما يهدد  ثباتها  كوثيقة شرف وطني  واخلاقي تجمع الاطراف على كلمة سواء وتشد عضدهم وتقوي عزيمتهم  في مواجهة ما ينتظرهم من مخاطر ومصاعب   .
ولعل  أهم نتيجة مباشرة  للمصالحة الفلسطينية ، انهيار سياسة الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة ، وفك العزلة المفروضة عليه منذ سنوات طويلة  ، وهي مصالحة  تعكس وجهاً جديداً من وجوه التغيير الحاصل في المنطقة  العربية ، وتدرك اسرائيل مكمن الخطورة في المصالحة  وضرورة محاربتها بكل الوسائل ، لكن وعلى رغم  هذه المخاطر ، فثمة من يقول بأن الاتفاق لن يؤدي الى تغيير الواقع السائد في الضفة على المدى القريب.،  فالتنسيق  الامني بين السلطة واسرائيل لن  يتوقف ، وقطاع غزة  لم تشهد  اطلاق رصاصة واحدة منذ دخول اتفاق المصالحة  حيز التنفيذ  .
تستطيع  حماس  والفصائل الاخرى  قول ما تشاء من شعر ونثر  في وصف  مزايا  " فارس احلامها " دولة رئيس الوزراء العتيد ،  الذي سيتعين عليه قيادة مرحلة سياسية حساسة وخطيرة  ومليئة بالالغام السياسية  والامنية ،  وعن شهادة منشئه ، هل سيكون من غزة ام من الضفة  ،  وان تقول إنها تريد رئيس حكومة ضد أميركا ،  وليس لعبة في يديها  ، وتستطيع الادعاء بانها ستحارب اسرائيل وتصون المصالحة في الوقت ذاته ، والادعاء بالعمل على توفير احتياجات ومتطلبات الشعب الفلسطيني  سياسيا واقتصاديا ،  والزعم انها ستقف في مواجهة المؤامرات الخارجية على طريقة الانظمة العربية  في الجوار المشتعل ، اما من يريدون لفلسطين حرية واستقلال حقيقيين ،  فعليهم  اطفاء فتيل قنبلة  المحاصصة والاقتسام الحكومي التي سيؤدي اشتعالها الى حريق يصعب السيطرة عليه ..!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق