دولة " فارس احلام " حماس ..!!
باسم ابو سمية
على كبار فلسطين قبل صغارها ، الادراك بان الدولة المنشودة لا تبنى باستمرار الضغائن والاحقاد ، ولا بالحديث عن الاقتسام والمحاصصة ، ولا بافتعال الازمات ، ولا بمحاولة ادخال اتفاق المصالحة من خرم رئيس حكومة غير متفق عليه ، فالبعض يريد دولة فارس احلام حماس ، رئيس الحكومة من غزة ، والبعض الاخر يريده من الضفة ، ، الا يعلمون ان فلسطين لا تبنى من خلال المصالح الشخصانية ، ولا حتى من خلال الافتراض ان طرفا يمتلك وحده مفاتيح الحلول ، كل الحلول ، لان هذا سيعطل اختيار رئيس حكومة جديد مستقل ومهني ، اتفق على مواصفاته القاصي والداني ، وليس فتح وحماس وحدهما .
هي اذا قعقعة المحاصصة وصليل سيوف التقاسم الحكومي ، حين يتحدث عن ذلك صراحة مسؤول كبير في حماس يحمل منصب المستشار السياسي لرئيس الحكومة المقالة ، فيقول في تصريحات صحافية : ان حماس تريد ان يكون رئيس الحكومة غزاويا ، وان تقتسم حركته مع حركة فتح المناصب الوزارية مناصفة ، وهذه نغمة تعيدنا الى بداية الحوار ، وكأن بالمسؤول نسي ان المتصالحين اتفقوا على تشكيل حكومة تكنو قراط ، لا من فتح ، ولا من حماس .
ويبدو ان " المسؤول " غاب عن باله ان اسرائيل ومنذ اعلان اتفاق المصالحة وهي تخوض حرباً ضد الفلسطينيين لا تقل صلابة عن الحروب السابقة ، إنها الحرب ضد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 التي تنتظر إعلان الأمم المتحدة في ايلول المقبل عن دعم قيام هذه الدولة بتأييد غالبية الدول الأعضاء .
الا يعلم معاليه ان اسرائيل تفاجأت بالمصالحة الفلسطينية التي قلبت حساباتها رأساً على عقب ، فجاءت ردود مسؤوليها عنيفة حين شككوا في امكانية دوام الاتفاق وتوقعوا سقوطه خلال فترة قصيرة ، وشنوا ضده حملة شديدة قادها كبار المسؤولين وفي مقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكان من المفترض ان يدرك السياسيون الفلسطينيون في الجانبين فتح و حماس ، ان المصالحة اصابت اسرائيل بالصدمة بينما كانت تضع السيناريوهات لعودة التوتر الى قطاع غزة في أعقاب تجدد اطلاق الصواريخ من هناك .
كلنا ، الصغير والكبير والمقمط في السرير ، نعلم ان الانقسام الفلسطيني افاد إسرائيل كثيراً وساعدها في محاولات إضعاف السلطة الفلسطينية وفي التشكيك بمشروعية تمثيلها للشعب الفلسطيني ، وطوال السنوات الماضية كان الإسرائيليون يتذرعون بعدم وجود شريك فلسطيني حقيقي ، فالرئيس محمود عباس من وجهة نظرهم لا يمثل الا سكان الضفة الغربية فقط ، وحتى هذا التمثيل بات مشكوكا فيه ، وطالما ادعت إسرائيل بأن لا شيء يضمن صمود توقيع ابو مازن على اتفاق تسوية سلمية مع إسرائيل في حالة حصولها مستقبلا ، معتمدة في ذلك على احتمال هزيمته في الانتخابات أمام حماس ، وها هو الان ، يفرط العقد السياسي بينه وبين منصب الرئيس ويرفض ان يرهن نفسه مرة ثانية لصندوق الانتخاب ، ولعل هذا الامر دفع حركة فتح الى بدء رحلة البحث عن شخصية مناسبة للمنصب ، وحفظ خط الرجعة بفصل الرئيس عن رئاسة حركة فتح ومنظمة التحرير .
وكلنا ، نعلم صغيرنا قبل كبيرنا ان مشكلة إسرائيل مع المصالحة الفلسطينية هي سياسية وليست أمنية ، لانها ستجد نفسها في أيلول المقبل أمام جبهة سياسية فلسطينية موحدة تطالب المجتمع الدولي بالاعتراف بالدولة المستقلة وانهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية ، هذا اذا دامت المصالحة ولم يحدث ما يهدد ثباتها كوثيقة شرف وطني واخلاقي تجمع الاطراف على كلمة سواء وتشد عضدهم وتقوي عزيمتهم في مواجهة ما ينتظرهم من مخاطر ومصاعب .
ولعل أهم نتيجة مباشرة للمصالحة الفلسطينية ، انهيار سياسة الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة ، وفك العزلة المفروضة عليه منذ سنوات طويلة ، وهي مصالحة تعكس وجهاً جديداً من وجوه التغيير الحاصل في المنطقة العربية ، وتدرك اسرائيل مكمن الخطورة في المصالحة وضرورة محاربتها بكل الوسائل ، لكن وعلى رغم هذه المخاطر ، فثمة من يقول بأن الاتفاق لن يؤدي الى تغيير الواقع السائد في الضفة على المدى القريب.، فالتنسيق الامني بين السلطة واسرائيل لن يتوقف ، وقطاع غزة لم تشهد اطلاق رصاصة واحدة منذ دخول اتفاق المصالحة حيز التنفيذ .
تستطيع حماس والفصائل الاخرى قول ما تشاء من شعر ونثر في وصف مزايا " فارس احلامها " دولة رئيس الوزراء العتيد ، الذي سيتعين عليه قيادة مرحلة سياسية حساسة وخطيرة ومليئة بالالغام السياسية والامنية ، وعن شهادة منشئه ، هل سيكون من غزة ام من الضفة ، وان تقول إنها تريد رئيس حكومة ضد أميركا ، وليس لعبة في يديها ، وتستطيع الادعاء بانها ستحارب اسرائيل وتصون المصالحة في الوقت ذاته ، والادعاء بالعمل على توفير احتياجات ومتطلبات الشعب الفلسطيني سياسيا واقتصاديا ، والزعم انها ستقف في مواجهة المؤامرات الخارجية على طريقة الانظمة العربية في الجوار المشتعل ، اما من يريدون لفلسطين حرية واستقلال حقيقيين ، فعليهم اطفاء فتيل قنبلة المحاصصة والاقتسام الحكومي التي سيؤدي اشتعالها الى حريق يصعب السيطرة عليه ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق