الا الخبز ، فليس لنا الاه ...؟!!
باسم ابو سيمة
جدل لا فائدة منه يدور هذه الايام بين حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد على خلفية اعداد المخابز المتورطة في استخدام المواد المسرطنة في صناعة الخبز ، فالوزارة تقول ان ثلاثة من اربعة مخابز في منطقة رام الله والبيرة تستخدم تلك المواد ، بينما تفيد الحماية بحصولها على معلومات من عقر دار الوزارة بان خمسة واربعين من اصل ستين مخبزا تستخدم مادة برومات البوتاسيوم المسرطنة ، وعليه فان ما قالته الوزارة ، في راي منسق جمعيات الحماية يشير الى انها محاولة لاخفاء الحقيقة عن الجمهور ، ولذلك فهو يطالب مجلس الوزراء بمسائلة وزارتي الاقتصاد والزراعة .
على رسلكم ايها القوم ، فالامر لا يستدعي المناكفة وتبادل الاتهامات ، فالمنسق العام رجل طيب وذو مصداقية ، اما وزير الاقتصاد شبيه اينشتاين فانا نعرفه منذ ثلاثين سنة ، وهو اذكى من ان يحاول اخفاء الحقائق ، ثم ان عدد المخابز التي يشتبه باستخدامها المواد السرطانية ليس مهما بقدر ما يهمنا ان ثمة من يهدد حياة الناس ، وعليكم جلبه الى القضاء بعد التحقق من تورطه ، واذا ثبت ضلوعه في الجريمة فلتنزل به او بهم اقصى العقوبات بما فيها الشنق في ميدان عام .
وسواء كان مرتكبو جريمة سرطنة خبز الناس خمسة ام خمسين ، فهو نبأ لا يستدعي الاندهاش ولا يثير المفاجأة وليس مؤهلا ان يصبح خبرا عاجلا يتصدر نشرات الاخبار في زمن تجتاح فيه المنطقة عواصف عاتية من الثورات الشعبية وتهدد باقتلاع الانظمة ، فلا صوت يعلو فوق صوت الثورات حتى وان كان يتعلق بالحديث عن احتمال ان تكون المواد المستخدمة في الخبز الفلسطيني تسبب السرطان ، فلم يبلغ حتى الان عن اصابة واحدة بالسرطان نتيجة استخدام منتجات المخابز من خبز وكعك ومعجنات على اختلافها ، كما ان الناس لم يمتنعوا عن التوجه الى المخابز للتزود بالعيش ، ولم يتظاهروا امام المخابز احتجاجا على محاولات تسميمهم بالمواد المسرطنة والبرومات الفوسفاتية والفشارو ، الى غير ذلك من السموم القاتلة .
اما لماذا ان الخبر ليس غريبا ولا يبعث على الاندهاش ، ولا يستحق تصنيفه بالعاجل ، فالسبب ان الفلسطينين قد اعتادوا على انباء المتاجرة بالاغذية والمواد الفاسدة والمسممة ، فهذا امر طبيعي في فلسطين ، وكلنا نعلم ان السرطانات تتكدس على رفوف المتاجر الكبيرة والصغيرة في رام الله والبيرة والخليل وقليقيلة وغيرها من المدن وفي المخازن ومطابخ البيوت ، الم يكن هناك طحينا فاسدا واطعمة منتهية الصلاحية وحليب اطفال وادوية للامراض المزمنة والمشروبات الغازية التي تأكد بوجه قاطع انها تصيب بالسرطان مثل الكوكا كولا والبيبسي ، فتجار الموت وآخرهم الفرانين يحاولون زرع سرطان في جسد كل حي يرزق .
وفي السابق ضبطت مئات الاطنان من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للاستخدام البشري التي كانت تهرب من المستوطنات وتباع للبشر فياكلون ويشربون من الفواسد ويحمدون الله على نعمائه ، وكأن الفلسطينيين دون سواهم من بني البشر يمتلكون اجهزة مناعة مضادة للسرطان ، اما كيف تعاملت الجهات المختصة مع تجار المواد الفاسدة ، فهذا ما لا لنا به علم ، وقد تكون الملفات اقفلت او قيدت ضد مجهولين لعدم كفاية الادلة ، والكل يعلم ان تهريب الاغذية واللحوم الفاسدة من المستوطنات بكميات كبيرة وخصوصا عندما يحل شهر رمضان الفضيل ، ولا تتوقف رغم ما اعلن عنه من اجراءات رادعة .
واذا كان صديقنا منسق عام جمعيات حماية المستهلك قال ان وزارة الاقتصاد تخفي الحقيقة عن المواطنين ، وان وزير الاقتصاد أكد في مؤتمر صحفي مع وزير الزراعة خلو المخابز الفلسطينية من المادة المسرطنة بعد فحص الافران واحدا واحدا ، فاي الاثنين نصدق ، مع العلم انه ليس لاي منهما مصلحة في التهويل او المبالغة ولا اخفاء المعلومات ، لان المسألة لا تحتمل الاخفاء ولا التهويل ولا التكذيب ، ولا نعتقد ان المنسق العام صلاح هنية يبالغ وان الوزير حسن ابو لبدة يخفي الحقيقة ليكتفي بالقول ان ثلاثة من اصل اربعة مخابز متورطة في استخدام المادة السامة تم اغلاقها لثلاثة ايام قبل ان يعاد فتحها مرة اخرى .
وهل هذا القول اخفاء لحقيقة ما جرى ، ام انه طمأنة للمواطنين حتى لا يصيبهم الهلع ؟ فلا فرق كبيرا في راينا امام هول الموضوع وخطورته ، بين القول بان ثلاثة مخابز متورطة في الموضوع وبين ثبوت استخدام خمسين مخبزا من اصل ستين للمادة المسرطنة ، ثم اين المسؤولين مما قاله الفرانون بانهم يستخدمون المواد المسرطنة منذ عشرات السنين دون ان يعلموا خطورتها على الصحة ، المهم ان تهب وزارات الصحة والزراعة والتموين وكل وزارة اخرى ذات علاقة بالمسألة لمتابعة الحالة والا تتلكأ في متابعتها والقيام بغارات دورية متتالية ومتواصلة وتعزيز اجراءات الكشف والتفتيش على المخابز والملاحم والمطاعم والبقالات والصيدليات والمستشفيات والمتاجر للتأكد من خلوها تماما من الاغذية والادوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية ومن لحوم الحمير والدجاج الميت التي قيل يوما ان جزارين كانوا يبيعونها للناس .
وليسمح لنا المرابطون على ابواب المقاطعة والمسؤولين والمستشارين الذين يتثائبون داخل مكاتبهم ، بدخول مقر الرئيس متجاوزين انشغاله بالاوضاع الراهنة لنضع بين يديه رسالة عاجلة من شعبه تطالبه بترك اعماله واشغاله والاسراع بتشكيل لجنة تحقيق قانونية مهنية ومستقلة من خارج السلطة لكشف الحقيقة وادانة المجرمين المتلاعبين بحياة البشر واتهام المسؤولين عن شراء المواد المسرطنة من اسرائيل البلد الوحيد المختص بتصنييع مادة برومات البوتاسيوم السرطانية ، بجريمة تهديد امن البلد وحياة الناس .
وبما انها ليست المرة الاولى التي يتورط فيها اشخاص بجرائم مشابهة ولم تطلهم ايدي العدالة فلا بد من ان تتحول هذه القضية الى قضية رأي عام يترتب عليها خروج تظاهرات شعبية ومسيرات احتجاجية تطالب بمعاقبة المتورطين وايقاع الكشف الصحي على جميع محال بيع الاغذية في عموم فلسطين للتأكد من استيفاء شروط السلامة العامة ، الا يكفي الشعب الفلسطيني المصائب التي تأتيه من خارج البيت ، حتى تداهمه من داخله ..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق