الأحد، 29 مايو 2011

ايها الفتى حمزة

با ايها الفتى  المدثر ..  قم فانذر  ... !!
باسم ابوسمية
لم اكن اعرف الفتى الشهيد حمزة الخطيب  ولا حكايته الى ان  رأيت اثار التعذيب تمزق جسده  اليافع الطري ، ومنذ ذلك الوقت وانا  اغرق  كل يوم اكثر فاكثر في بحر من الحزن والالم على المستقبل الذي ينتظر جيل  الشباب في ظل حكم  يباب ودار خراب ، ولكن عزائي وعزاء غيرى ان تكون عملية قتل حمزة  تحت التعذيب قد فتحت  بابا لن يستطيع مرتكبو الجريمة  اغلاقه  ، فهذه الجريمة البشعة  تضع  النظام الحاكم تحت طائلة  تقديم افادة حول المسؤول عن كل الجرائم التي ارتكبت بحق شعبه منذ مجزرة 1982 ، حيث قتل انذاك 50 الف انسان ، وسجل نحو 12 الف في عداد المفقودين ما زال البحث يجري عنهم حتى هذا اليوم  ، الى جريمة اغتيال فتية وشبان اخرين  منهم  الشهيد حمزة ابن الثلاثة عشر ربيعا .
ايا كان الفعل الذي ارتكبه حمزة ، سواء بتجاوز اوامر الامن بالتظاهر أو الهتاف بسقوط النظام ، فليس ثمة ما يستدعي  قتله بتلك الطريقة المثيرة للقشعريرة  ، وبين ليلة وضحاها غاب الفتى حمزة ، ولم يعد بامكانه  العودة الى مقاعد الدراسة والجلوس الى جانب زملائه  يحدثهم عن تجربته في المقاومة على طريقته  والاستشهاد على طريقة رجال الامن  ، وهكذا  بكل بساطة اغتيلت احلام الفتى حمزة  لكنه  ترك ذكريات  اليمة تدق جدران خزان مملوء بالقهر والبطش ،  وحمزة  ليس  الوحيد  الذي  هز مقتله مشاعر كل من رأى المشاهد الفظيعة  لتعذيب وقتل الطفل الجميل البسيط ، فقد قتل فتية وشبان اخرون كانوا في عمر الورود  بنفس الطريقة او بطرق مشابهة ، ومنهم احمد 18 عاما  الذي خرج لشراء علبة سجائر  فاختطفه الامن الى مكان مجهول  ، ولم تجرؤ عائلته البائسة على السؤال عنه كي  لا تفتح عيون العسس على اخوته ، وبعد عشرة ايام اعيدت جثته الى امه الثكلي وعليها اثار تعذيب تبعث على الغثيان والقشعريرة ، وبدافع الخوف قام اهله بدفنه سرا قبل التحقق من الادعاء القائل بان اعضاء من جسده قد سرقت .
اما حكاية الشهيد الفتى حمزة الخطيب ، فتختلف عن كل الحكايات  ، وان كان هناك ثمة رابط بين كل الجرائم  التي تخفي وراءها ازمة  النظام  ووحشية المسؤولين الامنيين ، فقد اعتقل واقتيد الى مكان غير معروف وهناك عذب  بوحشية حتى الموت   وبعد شهر سلمت جثته لذويه وعليها اثر تعذيب شنيع ، فقد كسر عنقه وقطع عضوه التناسلي ، واطلق عليه الرصاص  في الصدر وفي انحاء جسده  من مكان قريب ، وهكذا كان حال اثنين  من ذوي الاحتياجات الخاصة ليسا من الارهابين او السلفيين ولا مجرمين  ، بل فتية امنوا بوطنهم وبحريته  ،  وكلاهما قتل بكسر عنقه ، اما  دوافع هذه الجرائم البشعة  فهي الحفاظ على شعار الصمود والتصدي والممانعة .
تلك الجرائم اثارت جدلا ساخنا ومريرا  بين الناس  فانقسموا الى ثلاث فئات ، الاولى اعتبرت الجريمة  دليلا على وحشية النظام ، والثانية نفت ان تكون الاجهزة الامنية من ارتكبها ، والفئة الثالثة التزمت بموقف انساني  يدعو الى تحقيق لكشف ملابسات الجريمة ، لكن المشاهد التي عرضت لجثمان حمزة كانت خير دليل على ان الجريمة ارتكبت بصورة لا تمت الى الانسانية بأية صلة ،  وان مرتكبيها هم من ذوي الدم البارد ،  لكن اغرب ما في الامر ان طبيبا شرعيا  استضافته قناة خاصة قد حاول اثبات بطلان  رواية الاهالي عن اسباب موت حمزة بالقول ان ما عرض من صور لجثة حمزة ادعاءات كاذبة حيث تم استخدام  عمليات تجميل مثلما يفعل  اهل هوليوود  ، لا اعرف اذا ما كان علينا ان نضحك ، ام نبكي في مواجهة هذه الاقوال لطبيب شرعي محلف .
 الستم معي في ان كل  من يدب على الارض  يحترم ويقدر  النظام الممانع ،ولا نقول يخشاه  ويحسب له الف حساب ،  فلكل بني ادم رواية  تشبه الخيال  ، هكذا هي  الـمقاومة والممانعة والاصلاح  اذا  ، ما  يعني ان النظام بتشدده  واذلاله للناس  يمارس فعلا  من افعال المقاومة ، ويسجل انتصارات ضد ايناء شعبه   ويزرع  الرعب في قلوب الاطفال والفتية  كحمزة واقرانه  ، كيف لا  ، وهو  ينشغل منذ اربعة واربعين عاما  في رسم الخطط وبناء الدشم وتعزيز التسليح  ولم يتسنى له التقاط انفاسه منتظرا ساعة  تحرير الارض والانسان واختيار الزمان والمكان المناسبين للمعركة الفاصلة مع  العدو  المحتل  ، الى ان جاء حمزة واقرانه   ليقفوا في وجه مشروع التحرير  .
  لا نريد فتح ابواب الجدل عن اسباب امتناع النظام  عن ممارسة فعل المقاومة على مدى السنوات الماضية  ، فقد احتلت اراضيه منذ ان كنا اطفالا صغار نلهو في الازقة  والحارات وها نحن الان نعبر العقد السادس من العمر  ولم  يحرر اراضيه  ، بل ظل صامدا صابرا  وممانعا ،  لكنه لم يرفع  الظلم عن ابناء شعبه المطالب بحرية التعبير ، ولكننا نطرح سؤالا استنكاريا :   لماذا لم يقم بكل تلك المهمات الوطنية ، هل انتبه احدكم الى انه كان بودنا تجنب طرح  سؤالنا  ا لكننا لم نستطع   فنتائج التحقيق اذا حصل  ، ستظهر بدون شك الحقيقة الساطعة  بان  النظام صادق  ، اما رواية الشهداء  فكاذبة .
انه فعلا نظام صامد وصابر من النوع  الصعب الممتنع  والمتصدي  لكل المؤامرات ، ولذلك فلا نريد له  ان يصبح لقمة سائغة للمؤامرات الخارجية التي يحيكها الاعداء الامبرياليون  والصهاينة ،  ولا ان يكون هدفا سهلا للارهاب والسلفية  التي يزج في اتونها  اطفال في الثالثة عشرة من العمر بينهم  طفل وسيم وطيب اسمه حمزة الخطيب اعتقل ذات نهار ،  وكسرت عنقة وقطع عضوه التناسلي وعذب حتى الموت ، وهو واحد من كثيرين في مثل عمره قتلوا على مذبح النظام في محاولة لمنع انكسار  صورته القومية  امام شعبه  ، وحتى لا يتبعثر  كبرياءه  الثوري ، ويتحطم صموده الاسطوري  ، فتذهب تضحياته وسهر لياليه الطوال لحماية  ارضه وحدوده  ، هباء منثورا .
ولكن السؤال يلح  علينا  في لجة الاحداث الدامية :  لماذا  الادعاء  بالمقاومة والممانعة حين يكون أي نظام من الانظمة  لم  يمارسها ولم يسمح  لاي طرف بعمل مقاوم واحد  وما الحكمة في عدم اطلاق  رصاصة واحدة ، او الاجهار بتهديد  أو تحذير، او السماح   بعملية فدائية على مر السنين الطويلة الماضية   ، بل ان الجهة التي تحتل الجولان نعمت طوال تلك السنين بهدوء واستقرار وامن لم تنعم به تل ابيب وغيرها من المدن ،  وخلال تلك السنوات الطويلة اقيمت مدنا استيطانية  وقرى زراعية  ومزارع  اصبحت  سلة الغذاء من فواكه وخضار تشبع سكان تلك البلد والبلدان المجاورة ، وتصدر الى اوروبا وامريكا مما تجود به الارض المحتلة .
 ربما ان هناك ما لا ندركه في علم  الامن الحديث الذي ينتهجه  الحكام الديمقراطيون ، وهو ان  كم الافواه وكبت الحريات  اصبح شكلا من الممانعة  ، وتعذيب الاطفال وقطع اعضائهم ، مقاومة ، واعتقال المحتجين والتنكيل بهم اصلاحا ، اما احتلال اسرائيل الارض لاربعة واربعين سنة متتاليات وحشوها بالمستوطنات والمزارع الخضراء  وتحويل  الارض الجرداء الى سهول  وحقول يانعة  تحبل وتلد عدة مرات في العام الواحد ، فيخضع   لظروف  مكان وزمان معركة استرداد الارض المحتلة .
 هناك من يريد القول بان  من يقف في وجه مشروع التحرير هو فتى في ريعان صباه  كحمزة الخطيب والصبية المعتقلة طل الملوحي  ابنة الخامسة عشرة المتهمة بالتعامل مع المخابرات الاميركية وامثالهما من ابناء جيل " المؤامرة "  ممن يحملون ارواحهم على اكفهم ويرفعون  شعارات الحرية والديمقراطية ، هؤلاء هم  الذين عطلوا تحرير الارض وشوشوا على الخطط العسكرية وكشفوا المخطط السري الذي جرى اعداده لمباغتة  العدو الاسرائيلي  واقتلاعه ، أهذه هي نظرية التطور والارتقاء في القمع ،  الثوار متآمرون ، والنظام مقاوم وممانع ، الم يقل هذا  سماحته  في اطلالته الاخيرة .
 يا ايها الفتية  حمزة ، واحمد ، ومرشد وعبد الله  وباقي الشهداء الذين  لفظوا انفاسهم الاخيرة   تحت التعذيب  والقيت جثامينهم على قارعة الطريق  ، بعد تمزيقها ، قوموا فانذروا  ، ولربكم فكبروا ، وحدثوا الناس عما حل بكم ، وقولوا ان الذي مثل بجثثكم مجرم لا يريد الخير للبلاد  ولا لابنائها  ،  ولتعلموا انكم مجرد  رسائل ،  مفادها ان كل من يرفع رأسه ، ستكسر عنقه  او يشق جسده من النحر الى اسفل البطن  ، واعجب كل العجب كيف ان طبيبا شرعيا محلفا  طاوعه قلبه وسمح له ضميره  بالقول ان ما ظهر على جثمان حمزة من تعذيب يشبه ما يفعله صناع افلام هوليوود ، ولربما يجبر والد حمزة ،  الذي جرته عناصر الامن من عنقه على الادلاء بافادة متلفزة  بان الارهابين هم من قتلوا فلذة كبده  ومثلوا بجثته ،  ولاننا حريصون على مصلحة البلاد وشعبها  وعلى بقائها قوية في مواجهة الاعداء  فاننا ننظر الى ما يجري  على انه امر خطير ومدعاة  للقلق  ولا يمكن  السكوت عنه ، بل يجب تضافر المؤسسات الحقوقية  والانسانية  والمجتمع الدولي  والنظام لوقف سفك الدماء  واعمال التعذيب البشع ، والكشف عمن يقففون وراء هذه الجرائم ومحاكمتهم  في  ميدان عام  ، ليكونوا عبرة لغيرهم  من الطغاة  والمستبدين ..!!
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق