الاثنين، 23 مايو 2011

مثل صيد السمك في البحر الميت ..!!
باسم ابو سمية

لقد حان الوقت الذي يتعين فيه علينا عدم اضاعة فرصة  اخرى  واتخاذ  القرار الصحيح  ولو لمرة واحدة  ، فقد  اضعنا فرصا  كثيرة  في السابق  مرت من بين اصابعنا  كالماء دون  ان نحس  ، فاذا بنا ندمن عض الاصابع  واللطم  على الخدود  ،  واصبح حالنا السياسي على مر الزمن كحال ذالك الرجل  الذي افنى عمره  جالسا على شاطيء البحر الميت  في محاولة  لصيد السمك ولم  يصطاد  سمكة واحدة ، فهو لم يكن  يعلم ان  البحر ميت لا حياة  فيه ، شديد الملوحة ، طينه الاسود وأشعة  شمسه فوق البنفسجية ربما يفيدان في   علاج  البشرة . 

من الطبيعي ان يثير خطابا الرئيس الامريكي باراك اوباما جدلا  وتحليلات مختلفة ، وآراء متباينة ،  وخلافات في الرأي ، وقد يذهب البعض الى ابعد من ذلك باتهام الرئيس الامريكي بالتآمر ومحاولة احتواء الثورات العربية والالتفاف عليها وسرقتها  وتسجيلها باسم الولايات المتحدة ، وبانه اسرائيلي اكثر من نتنياهو ومنحاز  كليا  لاسرائيل  ، ويتحدث بلسانين ،  فهو لم يذكر القدس في خطابه امام ايباك مرة واحدة  ، بينما ذكر امن اسرائيل  ثلاثا وعشرين   ولم  يخص الدولة الفلسطينية سوى بالكلام المكرر، والوعود ،  ولم يأخذ من اسرائيل بل أعطاها المزيد. وركز على التزامات بلاده الراسخة  تجاه اسرائيل الحبيب الاول والاخير للولايات المتحدة .

حقا ان اوباما منحاز كليا لاسرائيل ومن قال غير ذلك ، ولماذا يكون ،   ولمصلحة من  يمكن ان ينحاز غير اسرائيل ، فرئيس امريكا سيظل كذلك الى يوم يبعثون وكلما تحدث فانه سيعيد التأكيد والتشديد على الدعم والتمسك بامنها  ليس بصفته الشخصية وانما بحكم وظيفته الرسمية كمدير للبيت الابيض ينفذ سياسة الولايات  المتحدة الخارجية والداخلية  التي كانت وستبقى  مثلما هي تجاه اسرائيل ، وليس هناك ما يجعل امريكا تغير سياستها  تجاه حليفها الاستراتيجي  ، فالحلف  بين دولتين  وليس بين شخصين ، وايا كان الرئيس الذي سيحكم الولايات المتحدة  حتى وان  اصبح  محمد حسن   وليس  اوباما فان السياسة لن تتغير قيد انملة الا اذا اراد  لها مجلس الشيوخ ان تتغير  .

لا شيء في هذه الدنيا يغير من مباديء واولويات السياسة الخارجية الاميركية تجاه اسرائيل، سوى المصالح ، فما يهم الولايات المتحدة اولا واخيرا  هو المحافظة على مصالحها  ، وحسبما نعتقد  ان حل دولة فلسطينية في حدود 1967، يخدم  مصلحة امريكا واسرائيل والغرب والعالم كله ، وهي مسألة ان تم الاتفاق عليها ستبرز  كصيغة ذات مفعول عملي وواقعي وخصوصا اذا سبقها وقف كامل لحركة الاستيطان الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية  لكي تندفع عجلة التسوية ، ويعود الطرفان الى طاولة  مفاوضات ذات  جدوى وعلى اسس بائنة ومعروفة  وضمانات امريكية .

ومثلنا مثل الواقعيين فاننا نود ان نرى من الكأس نصفها الملأن ، فنردد ما  يقولون ان ثمة  عناوين سياسية كثيرة مهمة وبارزة في خطابي الرئيس الأميركي باراك أوباما ، وقد تكون القضية الفلسطينية وصلت  للمرة الاولى في تاريخها الى مصاف القضايا  الكبرى التي تهم  الادارة الاميركية والبيت الأبيض  ليعود  حل الدولتين الى الاضواء من جديد .

لماذا لا نقتنع بانها المرة الاولى التي  يتحدث فيها  رئيس أميركي  عن قضايا الشرق الاوسط وهمومه وحتى ثوراته من زاوية جديدة والتركيزعلى ان مستقبل أميركا مرتبط بهذه المنطقة ، وهي رؤيا  يمكن  توظيفها لمشروع الحل  الذي لا بد من  تحقيقه لانهاء الصراع في الشرق الاوسط ، باعتماد مبدأ الدولتين ، على ان تكون حدود 1967 هي الحدود الطبيعية للدولة الفلسطينيّة ، وهذه في رأينا افضل فرصة يمكن ان تتاح لنا لتحقيق حلم اقامة   الدولة المستقلة  اليوم ، لاننا لو اضعنا  هذه الفرصة  وانتظرنا الى الغد فلن  نجد من يساندنا او يقف الى جانبنا ولا من يملك الجرأة  لتطويع اسرائيل للقبول بحل الدولتين .

بالامس وفي خطابه الثاني التوضيحي دافع أوباما امام مؤتمر اللجنة الاميركية الاسرائيلية للشؤون العامة "إيباك" ممثل اللوبي اليهودي  المؤيد لاسرائيل في واشنطن ، عن رؤيته للسلام القائمة على حدود 1967، وقال بنبرة عالية  في محاولة منه لاخفاء حرجه من الحضور المحيط به من كل الجوانب  وهي الرؤيا التي  تعني ان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي سيتفاوضان على حدود مختلفة عن تلك التي كانت قائمة في الرابع من  حزيران 1967  مع تبادل للاراضي  ، ولا يمكن الانتظار عقدا او عقدين او ثلاثة  من الزمن لتحقيق السلام ،  فالعالم يتحرك بسرعة ونفاد الصبر  يزداد ، وتزداد معه   احتمالات عزلة اسرائيل  ، هكذا قال اوباما امام  اليهود الامريكين الذين صفقوا للرجل في بداية خطابه وفي نهايته  بصورة  اشعرته  بنشوة الانتصار .

ندرك ان اقوال  اوباما عن حدود 1967 لا تعد تغييراً نوعياً في الموقف الامريكي  غير ان ما فعله رئيس الدولة العظمى  هو انه  قال علناً ما كان يتردد سراً ، وزاد على ذلك بالقول انه لا يمكن أي طرف تجاهل الحقائق على الارض مثل النمو الديموغرافي للفلسطينيين غرب نهر الاردن وحقيقة كون التقدم التقني لن يكفي لحماية اسرائيل من دون سلام  ، ولكي تطمئن قلوب المشككين  والراجفين من الخطاب  فان التزام   اوباما  بالتفوق العسكري الاسرائيلي  لم يكن موقفا جديدا ولا خروجا عن النص او  خارجا عن اعراف السياسة الاميركية .

يمكن للولايات المتحدة بعد الخطاب الادعاء بتحقيق اختراق  لدى الشعوب العربية  ويتعين عليها التقاط الفرصة بتحقيق  المصالحة مع الشعوب وليس مع االحكام فقط ، وهي فرصة تستدعي  تركيزها في اتجاه حل القضية الفلسطينية التي كان يقال انها مفتاح السلام والحرب في المنطقة العربية ، ولا ندري اذا ما زالت هكذا ام ان الامور قد تبدلت  .

ولا يفوتنا القول  ان الحديث وحده لا يسمن ولا يغني من جوع  ، ويصبح  المطلوب اميركيا  ان يكمل الرئيس اوباما من  جميله  فيقدم خطة حل  سياسي  حتى لا تضيع التسوية تحت اقدام المتفاوضين  وان تتضمن الخطة  اسس استشناف  المفاوضات  ومتى ستبدأ والجدول الزمني  اللازم  لانجاز القضايا التفاوضية ،  ومتى سييدأ انسحاب اول جندي اسرائيلي من الضفة الغربية ، وفي اي المناطق سيتم تبادل الاراضي ، وماذا عن المستوطنات والقدس وحق العودة  لان الامور لا يمكن ان تبقى على حالها  الذي كان في السابق ، ثم هل ستتوجه اللسطة الفلسطينية  الى الجمعية العمومية للامم المتحدة من اجل الحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية في ايلول المقبل.
ونريد معرفة  موقف اوباما من  المبادئ  الستة التي عرضها نتنياهو قبل سفره الى واشنطن ، ومنها لا عودة لحدود الــ  67،  ولاثانية  لتقسيم القدس،  ولا ثالثة  لعودة اللاجئين ،  والتى نرى فيها  وأداً للتسوية السلمية ،  بينما يرى الاسرائيليون انها المرة الأولى  التي يتراجع فيها  نتنياهو عن المطالبة بوجود عسكري اسرائيلي في غور الأردن ، ويكتفي بالكلام على وجود عسكري على طول نهر الأردن لمدة زمنية معينة ، الأمر الذي يفسره هؤلاء بأنه تنازل  يقدمه الى إدارة أوباما ، لكن المشكلة  تبقى في أن مبادئ نتنياهو للحل التي يجمع عليها الاسرائيليون اليوم لا تزال أدنى بكثير من التطلعات السياسية الفلسطينية، وأي انحياز أميركي إلى جانب هذه المبادئ سيحولها من محاولة  لجمع الراسين  على مخدة واحدة  ، الى هجران  في المضاجع .
وبما اننا شعب يريد عنبا لا مقاتلة الناطور فان علينا التأكيد على حقيقة  واضحة  تقول بان ما جرى ويجري في العالم العربي  لم يكن من فعل اطراف خارجية  بل صناعة محلية  مئة بالمئة صنعها   الشباب العرب   ،  وهو فرصة يجب علينا نحن الفلسطينين  عدم  اضاعتها  بل الاستفادة منها  باتجاه حل القضية الفلسطينية  ، فلا احد يعلم ماذا يخبيء المستقبل فربما لا  تكون  ثورات التغيير العربية  على مستوى الطموحات وربما تأتي  النتائج مخيبة للامال ،  فتظل القضية الفلسطينية بلا حل لوقت طويل  ..!!





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق