الأحد، 12 يونيو 2011

تخصيب




فياض وتخصيب يورانيوم الحكومة ..!!

باسم ابو سمية

 بعدما اختلط حابل تشكيل الحكومة بنابل اتفاق المصالحة لفترة طويلة ، وبعدما تاه الفريقان الكبيران فتح وحماس في دهاليز تأليف حكومة محاصصة سياسية وليس ائتلاف فصائلي مدة زمنية قياسية ، فان كل المؤشِّرات الان  تؤكِّد أن اعلان ولادة الحكومة ولادة طبيعية لا قيصرية  ، سيكون خلال ايام قلائل ، فقد ذهب المزاح وجأء الجد  ، واستقر الرأي  اخيرا على تسمية  سلام فياض لرئاسة الحكومة  .



 ونبشر الشعب الفلسطيني بان تحقيق هذا الانجاز يعني انا  بتنا على مرمى حجر من تحقيق تطلعاتنا الوطنية بتحرير ارضنا من الاحتلال الاسرائيلي بسيوف اعضاء الحكومة التي ينتظر تشكلها  قريبا  اذا لم يحدث ما يعطلها ، فالاعلان عن الاتفاق على حكومة جديدة برئيس قديم  مخضرم يعني بالنسبة الينا ان كل مشاكلنا السياسية والاقتصادية والحياتية قد حلت او في طريقها الى الحل ، ما يشير الى ان دولة الرئيس الجديد القديم سيكون امام مهمة صعبة  اشبه بمهمة تخصيب اليورانيوم الحكومي في ظروف صعبة جدا وحالة سياسية معقدة  .



ومن الان فصاعدا ، بامكان أي مواطن يبحث عن حل لمشاكله ان يسأل اي عابر طريق في  ميدان المنارة ، اين يجد الحل ، فتأتيه الاجابة :  خليك  دوغري ، لتوصل  الى الماصيون  وعلى يسار الدوار  ، هناك  ستجد مقرا كبيرا وحديثا وابوابا مشرعة  ، وناس داخلة خارجة  ، فتقدم الى الامام بلا خجل ولا وجل   ، وستجد سلام فياض بانتظارك لحل كل مشاكلك ، ولم لا،  فدولته  ، قدها وقدود ..!



 في الايام الخمس والاربعين الاخيرة  عاشت الحكومة اسابيع من  الضياع  كلما تقدمت  خطوة تراجعت خطوتين ، وذلك  نتيجة الاختلاف على جملة قضايا من بينها  شخص رئيس الحكومة  سلام  فياض المدعوم من الرئيس ابو مازن  والمرفوض من فتح وحماس معا ، الى ان جاء المنادي ليعلن ان مركزية فتح اتفقت على تسميته كمرشح وحيد  ، وعنذاك لم يعد سرا ان  الاستعدادات قد بدأت فعلا لاستقبال الحكومة العتيدة ، الا اذا كان في فتح من هو اقوى نفوذا وصلاحيات من المركزية ، ما يؤهله لالغاء قرارها ، فتعود  الامور الى نقطة البداية .


يمكننا القول ان الحكومة  ستلد بعد فترة طويلة من الجدل والاخذ والعطاء  والتحليلات الركيكة والتكهنات والشائعات عن اسماء وزراء من مختلف فئات الشعب  ومن مذاهب سياسية  متنوعة وهؤلاء يحملون خطط إنقاذ شاملة على كل المستويات  ، فقد مرت ذكرى الاربعين على توقيع اتفاق المصالحة دون ان يتمكن الطرفان من الاتفاق على حكومة التكنوقراط التي اتفقا على تشكيلها في غضون شهر ، كان الاهتمام  خلاله منصبا على تشكيل حكومة تحظى بقبول دولي خشية تكرار تجربة الحكومة الأولى التي شكلتها حماس عقب فوزها في انتخابات عام 2006، وتعرضت إلى حصار مالي دولي تركها عاجزة عن توفير رواتب موظفى الحكومة  لعام ونصف العام.



وخلال فترة تداول التشكيل الحكومي  كان الرئيس حريصا على عدم تشكيل حكومة جديدة في حال وجود شكوك لديه بتعرضها للحصار المالي ، منطلقا من أهمية الدعم المالي الدولي للسلطة الفلسطينية. فالسلطة مثل السمك قد تموت اذا توقف الدعم المالي الدولي الرافد الاساس لمصاريفها الجارية ، وخصوصاً رواتب الموظفين ، رغم ما قيل عن ان  رئيس الوزراء الحالي الدكتور سلام فياض قد نجح في تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية واصبح  لدى حكومته خطة للاستغناء عن الدعم الخارجي للموازنة بحلول عام 2013، مع العلم أن قيمة الموازنة الإجمالية للسلطة للعام الحالي تبلغ نحو 3.2 بليون دولار.

خلال الشهر الاخير تداول الجانبان أسماء عدة لتولي الإدارات الحكومية، لكنهما لم يتفقا لان  المشاورات اتسمت  بالمناورة  ، فكل طرف كان يحاول الحصول على العدد الأكبر من الوزارات لمؤيديه ، وعلى ثمن مقابل كل موقع وزاري يحصل عليه الطرف الآخر ، وفوجئنا بان حماس  تقول بإن الحركة غير مهتمة بالعودة إلى السلطة التنفيذية في هذه المرحلة ، لكنها تريد المحافظة على جهازها العسكري في قطاع غزة بعيداً من أي مساومة ، كما تريد الحصول على عدد من الوزارات لشخصيات مؤيدة لها ومستعدة للاستغناء عن الحقائب الرئيسية في الحكومة، مثل رئاسة الحكومة ووزارات المال والأمن والخارجية لمصلحة مؤيدي فتح وفي  مقابل ذلك  تريد وزارات خدمية مهمة لمرشحين من جانبها ، مثل الصحة والتعليم والمواصلات وغيرها.

لا ندري بالضبط ما الذي جعل حماس توافق على تسمية فياض لرئاسة الحكومة بعد تمنع ورفض قاطعين ، وهل ان الامر يتعلق باصرار الرئيس ابو مازن على إن فياض هو مرشحه الأوحد ، ام ان ثمة رسائل غربية  بوقف  ضخ الدماء في شرايين الحكومة هو الذي جعل حماس تتراجع عن  تعنتها ، ربما ان الامرين معا وليس احدهما  وراء تراجع حماس عن الاعتراض على تسمية فياض ، ويقال ان  قبول حركة حماس بتسمية رئيس الحكومة تم بموجب صفقة تعطي  حماس الحق في تسمية  كل من وزراء المالية والتعليم والأوقاف.

وخلافا لما تردد سابقا عن  ان الحكومة العتيدة ستكون حكومة تكنوقراط مستقلين تماما فان ما ذلك  لا يمت الى الحقيقة باية صلة ،  اذ  يستشف من قوائم المرشحين لتولي حقائب وزارية قدمتها كل من حماس وفتح ، أن بعض هؤلاء اما  قيادات في الحركتين او مقربين او موالين لهما ، وبذ1لك ضاعت الفكرة  بتشكيل حكومة مستقلين  غير المنتمين لأي من الفصائل .

ثمة مسألة اخرى مهمة ، وتتعلق برفض حركة فتح عرض الحكومة المقبلة على المجلس التشريعي لأن مسألة تفعيل المجلس التشريعي قد تمثل إحدى القنابل الموقوتة في وجه تطبيق المصالحة  ، حتى لو تم في الوقت الحالي تجاوز الخلافات حولها ، فحركة فتح تخشى أن يطلب المجلس التشريعي  الذي تحظى فيه حماس بأغلبية المقاعد ، إعادة النظر في المراسيم التي أصدرها الرئيس عباس أثناء تعطيل عمل المجلس التشريعي .

 ورغم  " الانجاز الكبير "  الذي جرى بالاتفاق على حكومة برئاسة فياض  فاننا نسأل عن حقيقة ما نقل  عن القيادي في  حماس يحيى موسى من قول قال انه يلقى دعما من رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل ،  وهو ان حركة حماس تدرس  إستراتيجية جديدة تقضي بعدم مشاركتها في الحكومات المقبلة حتى في حال فوزها في الانتخابات ، فهل هذا  تكتيك سياسي جديد ام  خطوة تهدف إلى تجنب العزلة من قبل المجتمع الدولي والسماح بمواصلة المساعدات الاقتصادية الدولية ، وهل حقا  إن الفكرة اكتسبت تأييدا في اجتماعات مغلقة عقدت مؤخراً من قبل قيادات حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة ومصر وسوريا، ويقال ان هذا التوجه قد  لا يعلن رسميا  ، لكنه  قد يظهر من خلال عدم تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية  .

ثمة مسألة اخرى لا تقل  اهمية عن  اعتراض فتح على تقديم الحكومة الى المجلس التشريعي  ، وهي هل فعلا  تم التوافق على برنامج الحكومة السياسي ، ام ان المسألة تركت للظروف ، علما ان القضية هنا ليست قضية تمثيل حزبي وانما اتفاق سياسي يضمن  شرعية الحكومة ، والاعتراف او عدم الاعتراف الدولي بها ، خصوصا اذا كان  الحديث عن حكومة ذات طابع وحدة وطنية تتأثر بالموقف الدولي  وتؤثر فيه ...!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق