الأربعاء، 15 يونيو 2011


سورية  يا حبيبتي  اعدت لي كرامتي  ..!!

باسم ابوسيمة

كلما ذكرت الشام على مسامعي ، عن على بالي ابيات شعر قالها فطاحل الشعر الحديث ، مثل السوري  نزار  قباني والفلسطيني محمود درويش  واللبناني سعيد عقل  والعراقي محمد مهدي الجواهري  واخرون  الذين تغنوا بالشام حبا وهياما مثلما يفعل العاشقون  ...    فقد قاال  فيها الشاعر سعيد عقل :

أهـلي وأهلُكَ وَالحَضَارَةُ وَحَّـدَتْنا وَالسَّـمَاحُ
وَصُمُودُنَا وَقَوَافِلُ الأبطَالِ، مَنْ ضَحّوا وَرَاحوا

يا شَـامُ، يا بَوّابَةَ التّارِيخِ، تَحرُسُـكِ الرِّمَاحُ

وقال  نزار قباني :
 آه يا شام.. كيف أشرح ما بي
وأنا فيـكِ دائمـاً مسكونُ
يا دمشق التي تفشى شذاها
تحت جلدي كأنه الزيزفونُ


 وقال محمود درويش

ما أجمل الشام، لولا الشام ، 

وفي الشام
يبتدئ الزمن العربي و ينطفئ الزمن الهمجي
أنا ساعة الصفر دقّت وشقت

وقال محمد مهدي الجواهري

دمشق عشتك ريعانا وخافقة

ولمة العيون السود والأرقا

تموجين ظلال الذكريات هوى

وتسعدين الأسى والهمّ والقلقا



وقبلهم  ، قال امير الشعراء احمد شوقي قصيدته المأثورة  :

 وقفتم بين موتٍ أو حياةٍ ... فإن رُمتم نعيم الدهر فاشقوا
و للأوطان في دم كل حرٍ ... يدٌ سَلَفت و دينٌ مُستحّقُ
و لا يبني الممالك كالضحايا ... ولا يُدني الحقوقَ ولا يُحِقُّ
و للحرية الحمراء بابٌ ... بكلِ يدٍ مضرجةٍ يُدقُّ

ترى ماذا  كان سيكتب هؤلاء اليوم لو قيض لهم الكتابة  عما تشهده سوريا من عنف دموي  وصراعات  اهلية يسفك على جوانبها الدم ،  فلا غالب ولا مغلوب ، مهما بلغت سطوة القوة او  شلال دماء الضحايا ،  من قوة ، ولاننا جزء من هذه البلاد ، بلاد الشام  ، فاننا نقول  بدون مقدمات ،  ولا طول شرح ، ان على  الرئيس السوري بشار الاسد  اذا اراد استعادة  السكينة والهدوء لربوع بلاده الجميلة ، الى دمشق واللاذقية وطرطوس والزبداني وحلب وحماة  ودرعا وجسر الشغور ومعرة النعمان  وبقية المدن  والبلدات  التنازل  قليلا  عن كبرياء نظامه ، باعطاء ابناء  شعبه بالمزيد  من  الحريات  والتعامل الانساني الذي يحفظ للبشر ادميتهم  ، وليس بدفعهم للهجرة القسرية الى خارج مسقط رؤوسهم  ، وان على النظام ان يقنعنا بصحة الادعاء القائل بان تحرير الانسان السوري يمر عبر واشنطن وتل ابيب  اللتان يقول الادعاء بانهما حرضتا السورين على المطالبة بحريتهم  المسلوبة ؟.

لقد اخطأ من نصح الرئيس  بان القمع سيريحه من  وجع الدماغ ،  والذي قال له بانه قد ينعم بالاستقرار والهدوء كلما ازدادت حدة التنكيل ، فهذه  اقوال مردودة وخاطئة  ايا كان قائلها ، ونهيب بالرئيس  المبادرة الى وقف الممارسات الامنية فورا واحتضان ابناء  شعبه بين ذراعيه ، وليجرب الديمقراطية التي لم يشهدها العالم العربي  في تاريخه لا  القديم  ولا الحديث ،  فان نفعت كان به  ، وان لم تنفع ، فيا دار ما دخلك شر .

بغير ذلك ،  لن يستتب الامن ، ولن يعود الاستقرارالى البلاد والعباد ،  ولن ينتهي وجع الراس الذي يزعج الرئيس مثلما يزعجنا ويضغط على اعصاب الناس ، فالنظام هو الخاسر في جميع الاحوال سواء نجح  في قمع المحتجين ، ام نجح المحتجون في انهاك النظام  ، وحينئذ لن ينفع الرئيس الشاب الندم والحزن ، ولن تسنح له الفرصة مرة اخرى  لتطوير بلاده ما لم يعززالحريات ويسمح بتعدد  الاحزاب عوضا عن حكم الحزب الواحد  ، ولن يكون بامكانه الاعداد ليوم المواجهة مع اسرائيل ، اذ  ان التاريخ سيتركه ويتابع طريقه .

ونقول لكل سوري وسورية ، شيوخا وشبانا وفتيات ونساء ممن يتهمهم النظام بشق عصا الطاعة على ولي الامر أن اتخذوا من  التظاهرات  السلمية وسيلة  للحفاظ على  تراب سوريا الابية ، فضياعها يعني ضياع فلسطين وتشرذم الموقف العربي اكثر فاكثر .


مهما حصل فان سوريا  تظل منا وفينا ، ولها  في القلوب محبة خاصة ، فقد علمتنا كتب التاريخ  ان ابناءها  كانوا يرددون كلما اشرق صبح  النشيد الذي حفظناه نحن في فلسطين عن ظهر قلب
 وتردد عبر اثير الاذاعات في حرب تشرين 1973 :  سوريا يا حبيبتي اعدت لي كرامتي  اعدت لي هويتي  ، وقص علينا  الرواة  وكتب الرحالة  ومنهم ابن بطوطة ، ان بلاد الشام ارض العز والكرامة والبطولات  والمعارك  الفاصلة  التي غيرت وجه التاريخ  ، ومما جاء في امهات  الكتب ومسلسل باب الحارة ، وما قاله  اجدادنا الاولون واباؤنا ، كيف ان  سورية  شوكة في حلق الاعداء ولسان القبان في الصراع العربي الاسرائيلي وتحتل موقعا مهما في الشرق الاوسط وفي العالم  وهي عرين القومية العربية  ، وهذا ما تؤكده الشعارات المرفوعة على بوابات دمشق  بانها موئل الحرية  والاشتراكية  ، وفيها نظام لا تخفى عليه خافية  يعلم ما خلفهم وبين ايديهم ، وكل ما يهب ويدب على ارض الشام  .



قلوبنا معك يا  شعب سوريا الابي  ، فالانباء التي يحملها الينا  صبا بردى  كل صباح  تجرح كرامتنا العربية  وتدمي قلوبنا ،  فارواح تزهق  وحيوات تسلب وبيوت تنهب ودماء تسفك لمدنيين وعسكريين ، وهذا كله لان  اهلها ظنوا ان ربيع سوريا سينبت بسهولة في بلد لا ينبت فيه شيء الا بارادة النظام ، ولكن ما يبعث الطمأنينة في قلوبنا  ما سمعناه من انباء عن ان  الرئيس الشاب  الذي ولد وفي فمه ملعقة الذي يثلج الصدور ويبعث على الحبور ذهب ، اصبح رئيسا لبلاد تحتل موقعا استراتيجيا مهمما  في منطقة الشرق الاوسط والعالم ،  قد قال قبل ايام  انه سيستقيل من منصبه ويعود الى المنزل الذي نشأ فيه ، إذا تبين له أن الشعب لا يريده .



 هذا القول المنسوب لرئيس البلاد وولي امر العباد ، جاء خلال لقاء جمعه  وفد من مدينة " جوبر "  الملاصقة لدمشق ، وكان من بين الحاضرين من سجلوا اقوال الاسد بالحرف الواحد ليضمنوها في تقارير وزعت فيما بعد على الاعلام  واطلعنا عليها  ، وفي اللقاء اكد الرئيس ما يلي  :

 ان 'اطلاق النار على المتظاهرين خطأ غير مسموح ، وكل  من لديه اسم عنصر أمن أطلق النار  ، فليزودنا به لنقوم  بمحاكمته ، قال ذلك  بكل  رباطة جأش ،  وكيف لا  ، فهو الرئيس الذي لا صوت يعلو فوق صوته ، ولا حتى  اجهزة الامن الثلاثة عشر او الثمانية عشر التي  تدير كل شؤون  الناس في سوريا بما فيها الزواج والطلاق والمرض والموت  ، ومن اجل المصلحة العليا للبلاد  فانها تعد على الناس انفاسهم  يوما بيوم وساعة بساعة  ،  وخصصت لكل مواطن حارسا امنيا او اثنين  لحمايته من الاختراق الخارجي  ، ولولا ذلك  ، لخربت البلاد  وضاع اهلها .

والخبر الثاني الذي يشرح الصدور ويبعث على الارتياح والحبور فهو ان فخامته يبغض الطائفية ويحاربها  بكل قواه الفكرية والبدنية ، ولا يطيق سماع  سيرتها ، فكل من قال بانه علوي فهو كاذب ، ومن اتهمه بالتحيز لطائفته ، مثير للفتن ، ومن ادعى انه بادر الى تسليح ابناء طائفته العلوية المنتشرين في عموم سوريا متآمر ، اذا فالرئيس ليس علويا  ولا سنيا ولا درزيا ولا شيعيا ، مثلما يعتقد  الناس ، بل  هو رئيس " محمدي "  اي ينتمي للنبي محمد' صلى الله عليه وسلم .

اما الخبر الثالث فيعبر عن ان الرئيس ممسك بزمام الامور خلافا للادعاءات  المغرضة بضعفه  فقد اتخذ قرارا بتحطيم حاجز الصمت عما فعله رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا ، ولانه ابن خالته  فقد اكتفى باقالته من منصبه  ، والسبب عدم وجود أي ادعاء شخصي ضده  ، فالبلاغ امر ضروري لمحاكمته ، ولكن هيهات ان يجرؤ احد في سوريا او حتى في لبنان والاردن فلسطين ايضا  على التقدم ببلاغ ضد رئيس الامن السياسي  السوري  الذي يثير الرعب في القلوب كلما ذكر اسمه  .

لكن هناك ما هو اهم من كل ذلك  وهو ان الرئيس الشاب أكد  لوفد بلدة جوبر على " حاجة الناس للحرية والكرامة أكثر من حاجتهم الى الخبز" ،  و" ان إطلاق النار على المتظاهرين خطأ غير مسموح ، ومن لديه اسم عنصر أمن أطلق النار فليزودنا به وسنقوم بمحاكمته ، وأن ما يجري من تعذيب للموقوفين غير مقبول وسببه العقلية الأمنية القديمة لدى عناصر الأمن ، وسيتم سحب الأمن من بين الناس بشكل نهائي " ،  اما عن التلفزيون السوري فقال بانه "  لا يعمل بشكل جيد، وهناك مناطق قال التلفزيون إنه لا يوجد فيها تظاهرات وتبين لنا عكس ذلك "  ، وأخيرا اقسم  الرئيس بالرحيل عن الحكم اذا اكتشف ان الشعب لا يريده ويعود الى منزله  ، فماذا يريد السوريون  تضحيات اكثر من هذه ؟ ومن اين سيحصلون على برئيس ديمقراطي  متنور ومنفتح كالرئيس الاسد  اذا اعتزل  ؟

الله ينتقم منهم ، فلو كان هؤلاء  سوريين وأكلوا من طعامها الشهي الذي ياتي اليه الناس من كل بقاع الدنيا  ، وشربوا من مائها العذب البارد الذي يشفي غليل الارواح والقلوب ،  لما فعلوا ما فعلوه ، هكذا قالت سيدة سورية بسيطة  لكاميرا التلفزيون الرسمي ، بعدما سمعت في الاخبار ان العصابات المسلحة ارتكبت مجزرة بشرية في جسر الشغور الخاوية  من الناس يصفر الريح في ازقتها الميتة ،  حين  دخلها الجيش رافعا شارة النصر ، فلجأ اهلها  الى تركيا  خوفا من الفتك بهم ،  لكن تلك السيدة البسيطة ، لم تشاهد دموع الطفلة السورية وهي تنهمرعلى خديها وجعا لفقدان والدها  ، ولم تسمع  نحيب سيدات اخريات  في مثل عمرها  كن على الجانب التركي من الحدود يندبن ابنائهن وازواجهن ، فربما ماتوا او اعتقلوا ، وفي الحالتين  النتيجة واحدة ، فقد قال لنا الاولون ان ثمة بلد اسمها بلاد الشام  كل من دخلها فقد ،  ومن خرج منها ولد وكتبت له الحياة  ، واليوم يبدو ان  لسان حال النظام  يقول :  اذا  الشعب السوري اراد الحياة   فلا بد له ان يرحل ...

لماذا كان من الطبيعي ان تقوم الدنيا ولا تقعد حين تم العثوعلى مقبرة جماعية في جسر الشغور تضم رفات عشرة من قوات الامن والشرطة ، وقبل ذلك الكمين الذي نصب لقوات الجيش وقتل فيه 120 جنديا ورجل امن ، ولماذا لم يكن طبيعيا ان يثور الناس على وجود مقابر مشابهة  للمدنيين عثر عليها الاهالي في بلدات اخرى ، ولا يتحدثن احد عن حادثة تعذيب وبتر اعضاء الطفل حمزة الخطيب واطفال اخرون في مثل عمره ، اوليس هذا رد فعل  انفعالي وغير مبررمن النظام حين يتعلق الامر بمزاعم عن خطط مشبوهة لزعزعة اركان الدولة   لصالح  الاعداء  .

 ان تصعيد القمع  يقابله تصاعد في االغليان الشعبي ،  وتدهور في الاوضاع على كل الصعد ، واتساع في رقعة العنف والعنف المضاد ، وانفلات الامور من عقالها ، فلماذا لا يستغل النظام الفرصة ويراجع نفسه فيتراجع عن اساليب الترهيب وتشريد الاهالي العزل من بيوتهم وحقولهم ، ألا يعلم ان  اي نظام  زائل  والشعب باق حتى تقوم  الساعة  ، وليس كما يعتقد بانه هو الحي الباقي الى الابد مهما كلفه ذلك من ثمن ، ويكذب من يعتقد بان  الشعب اما زائل ، واما  راحل ،  هذا الحال المايل في سوريا  سيدفع  البلاد  الى المجهول  بعكس ما هو مأمول ..!!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق