السبت، 18 يونيو 2011


حكومة مهضومة  ..!!

باسم ابو سمية

انباء التشكيل الحكومي الفلسطيني مثل الطقس  المتقلب كل يوم في حال ، فتارة يقال ان فياض مرشح فتح وتارة اخرى يقال  ان فتح لم ترشح قياض ولا تريده  وان حماس تعارض ذلك لكن  اوساطا منها تؤيد ، هكذا  هي احوال التشكيل الحكومي  هذه الايام  ، غائمة ثم غائمة جزئيا  وحارة   ، ثم ماطرة في عز الصيف .

في وسط هذه الاجواء ثمة من يعزف لحنا نشازا حين يقول ان الحكومة الجديدة   لا هي حكومة فياض ولا مصطفى ولا سنقرط ، ولنما هي حكومة الرئيس محمود عباس  ، فهو الذي يكلفها بعد ان يغربلها  وينقيها من الشوائب  غير المرغوبة  ، وهذا من حقه ، وتكون الحكومة ملتزمة ببرنامجه  ، على انه لن يكون لها برنامج  سياسي ، وعقب تشكيلها ، ستعرض على التشريعي بعد تفعيله  ، وتعقيبا على هذا العزف نقول  ان كل من يحل المعادلة يستحق ان يكون مستشارا لرئيس الحكومة المقبل .

لم تعد المسألة اذا ان تتمكن فتح من اقناع حماس بان فياض هو الحل لتجنب غضب المجتمع الدولي  ، ولم بعد فياض خيارا اخيرا  لفتح  بعد ان كان وحيدا فالبحث جار الان عن شخصية مستقلة  ولا مانع ان كانت من غزة  ، لقيادة الحكومة ، شريطة ان يتمتع بكاريزما  قيادية ذات تأثير على الغرب  ويتمتع بشبكة اتصالات وعلاقات تساعده على تسهيل مهمته ، ومن لا يمتلك هذه الصفات  لا  ينفع لحمل لقب دولة الرئيس .

قبل ايام سمعنا ان اتفاقا شبه نهائي قد تم بين الاطراف  لتشكيل  حكومة جديدة جدا ليس فيها  لا وزير ولا غفير  من القدامى  ، لا من حكومة سلام فياض ولا من حكومة اسماعيل هنية ، وربما يقودها واحد من اثنين ،  الاول الصناعي  ورجل الاعمال مازن سنقرط ، والثاني رئيس صندوق الاستثمار محمد مصطفى ، وهما بالمناسبة ليسا مستقلين  ، وربما يكون هذان  آخر حجرين  يلقىان  في بركة التوزير ، فقد طرحت  خلال الاسابيع الماضية  اسماء كثيرة  لرئاسة الحكومة  ومنها اسم رجل الاعمال  المعروف عربيا  منيب المصري ، وقيل في رام الله ان الرئيس محمود عباس كان حتى قبل نهاية الاسبوع  متفائل باقناع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في لقاء القاهرة  الثلاثاء المقبل بتولي سلام فياض رئاسة الحكومة  المقبلة لضرورات المرحلة  فهو الشخص الوحيد من بين الاسماء المتداولة الاكثر قبولا على المستوى الاقليمي والدولي والعربي ايضا  ، لكن ما جاء من القاهرة يفيد بان حماس رفضت تسمية فياض رفضا قاطعا  .

في راينا فان الحكومة المنوي تشكيلها تعتبر حكومة الوقت المائع ، اذ ان الافق السياسي لا يحمل اية امال  بتسوية سياسية  على المدى المنظور سوى  ما ينشر في الاعلام من تصريحات متضاربة ، ونحن نعرف ان لا مكان للحقائق الكاملة  في الصحافة فاعلامنا مثلما تكونوا يول عليكم  ، وبالاضافة لذلك  فالحكومة الذي يجري تركيبها لن تستطيع الصمود لحظة واحدة  في المواجهة ، فالقادم  يحمل الكثير من المفاجآت ،وأولها ما تسعى اليه اسرائيل بتجفيف منابع السلطة من خلال احتجاز اموال الضرائب ، وفي حال قامت بذلك فان السلطة ستعيش مجددتا في دوامة الجفاف المالي  وهنا تكون الحاجة ملحة لحكومة النفس القوي .

اذا الموقف هنا  لا يحتمل حكومة ميوعة سياسية ، بل ان الحاجة اكثر الى حكومة  تمتلك  حلولا اقتصادية  واجتماعية ومعيشية  ، فلا يعقل  ان يغرف رئيس الحكومة الجديد من جيبه ليصرف على الناس ، بل المطلوب رئيس يعرف في  العلاقات الدولية ولاقتصاد والاموال  اكثر مما يهرف في الاقوال . .

على كل حال بيننا وبين الثلاثاء الموعد  المنتظر للاعلان رسميا عن اسماء رئيس واعضاء الحكومة ، بضعة  ايام  ، ولا يهمنا في هذا المجال اذا ما عاد اسم سلام فياض  الى التداول مرة اخرى رغم قرار  حماس سحبه نهائيا  من المزاد الحكومي ،  ليصبح في نظرها  خارج نطاق الخدمة  او منتهي الصلاحية  ، لأن فطبي المعادلة الحكومية اتفقا على ان  اختيار رئيس الوزراء والوزراء الجدد يجب ان لا يخضع  لمزاج طرف دون الأخر ، ولا يملك طرف ان يفرض اسما دون موافقة الأخر ،  ولكي يقال ان حماس تجيد  الاتيكيت فقد دعت  فياض بصفته خبيرا في ادارة الازمات الحكومية  الى تقديم  خبراته  لرئيس  الوزراء القادم  لينجح في  مهتمه.

والحكومة العتيدة  ايا كان قائدها هي الثمرة المرة التي طرحتها شجرة الاتفاق التي سقيت بماء المصالحة فجاءت  على شكل حكومة توافق في ظاهرها ، وفي باطنها  حكومة ملغومة  لانها تقوم على التقاسم والترضيات ، فحصة باقي التنظيمات المشاركة  لا تتعدى بضعة حقائب وزارية هامشية  ، مجرد اسم على مسمى ، ومرة اخرى نرى ان حركة فتح وسلطة الرئيس محمودعباس ترضخان لارادة حركة حماس بخصوص شخص رئيس الحكومة ، لعلنا نكون مخطئين ، ولكن المكتوب يقرأ من عنوانه  .

ما نعرفه تماما  ان رئيس الحكومة - حتى كتابة المقال -  سلام فياض تراجع مرتين على الاقل عن "ضبضبة اغراضه " من مكتبه بدار الحكومة في حي الماصيون بعد تطمينات حصل عليها من جهات فلسطينية وعربية بانه باق في منصبه لضرورات تفرضه االمرحلة ، وان الرئيس محمود عباس ابلغ اللجنة المركزية لحركة فتح باعتماده مرشحها  الاوحد ، فكان له ما اراد، الا ان حماس التي كانت قد وافقت في ايار الماضي  تراجعت وخرجت لتعلن رفضها القاطع  لتسمية فياض  للحكومة لا رئيسا ولا حتى وزيرا ، وكان لها ما ارادت  بحجة الالتزام بقواعد لعبة اتفاق المصالحة ، كما اعلن مسؤول فتحاوي كبير ، فاللعبة تقتضي عدم فرض اي طرف رايه على الطرف الاخر ، وكان رئيس الوزراء د. سلام فياض استبق  الامر بالتأكيد على انه لن يفرض نفسه على احد .بعدم الحاجة اليه ويكفي  حكومة مدراء عامين  او وكلاء الوزارات  فمهماتهم  تنحصر في توفير الاموال وصرف الرواتب والموازنات والتحضير للانتخابات  والاحتياجات المعيشية الاخرى ، فاذا بنا نشاهد كولسات ومشاورات ومؤامرات ، وتداول اسماء اشخاص لرئاسة الحكومة  والبعض منهم زعماء  احزاب سياسية  ومنظمات غير حكومية  تتمرغ في الدعم الغربي ، الا تخشى القيادة السياسية من انعكاس ارادة زعيم الحزب على سياسة الحكومة والبلاد ، اليس هذا تجاوزا  للاعراف التي لا تجيز ان يكون رئيس الحكومة  محكوما بارادة حزبه وسياساته .

ولان  هذه الحكومة تاتي  خلافا لما اتفق عليه  اثر المصالحة ، فان الكاسب في الحكومة الجديدة  قلق ، والخاسر ايضا قلق، فكلاهما  سيكون مضطرا الى ان يحمل على عاتقه احمالا ثقيلة  تنوء بحملها الجبال من القضايا الحياتية المحكومة بتطلعات  الناس ومتطالبهم واحتياجاتهم ، التي ربما يكون تحقيقها صعبا ان لم يكن  مستحيلا .

وحتى مع الاستبشار الظاهر على وجوه بعض المبشرين بالتوزير فثمة ما يدعو الى التوقف قليلا والتفكير مليا وكثيرا ، وعدم   الالتفات الى الوراء ، وان يحسب الجميع حساب كل  شاردة وواردة  تأتي عليها هذه الحكومة التي ستكون مراقبة بمجهر  الراصدين من الداخل والخارج ، فهناك المرصد الامريكي والاسرائيلي والاوروبي ورباعية توني بلير، والمجتمع الاممي والمرصد العربي والفلسطيني ، فجميع الاطراف تريد حكومة تلبي طموح الغرب ،  وفلسطين ليست معزولة عن العالم بل في قلب  المنطقة العربية الملتهبة .

بطبيعة الحال ليس  لدى هذه الحكومة المقبلة القدرة على لي الذراع الاميركية والتصدي للمارسات الاسرائيلية كالاستيطان ومصادرة  الاراضي ، وتهويد القدس ، وستتفرغ لادارة الشأن  العام الداخلي للناس، متكأة على ما ستفعله منظمة التحريرالفلسطينية  الموكلة بالملف السياسي حسب الاتفاق ، فالحكومة التي ستتشكل لن  تشارك حسب علمنا في قيادة المرحلة الاكثر  خطورة وحساسية في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لكنها ستكون محكومة  بكل  ما يجري من تطورات  سياسية وغير سياسية .

نعلم بانه ليس لدى الحكومة الوليدة سوى هامش ضيق يتعين عليها ان تناور من خلاله وفق ما تراه مصادر متابعة من داخل اروقة القرار، فهي حكومة وزراء وحقائب فقط لا تمثل الارادة الحقيقية للناس  بل ارادة فصائل ذات مصالح ذاتية  ، ثم ان الجهود التي  بذلت  في اللحظات الاخيرة لانجاز التشكيلة الحكومية كيفما اتفق ، جاءت لاغلاق الباب على التقولات والشائعات  والتكهنات ، فاختار الفريقان الكبيران فتح وحماس المشي على اطراف الاصابع كي لا ينتبه الاعلاميون والسياسيون لما يجري ،

لكن المشكلة لا تنتهي في العادة عند التشكيل ، بل تبدأ بعد التأليف ، وهنا امر بديهي ، وانشغال السلطة في الملفات السياسية لا يعفي الحكومة الجديدة من المسؤولية  ، فامام القيادة  بكل تشكيلاتها  قضايا مهمة وحساسة  اشبه بالقنابل الموقوتة ، وهي  استحقاق ايلول والمفاوضات والاعتراف ، و مضمون البيان الوزاري وموقف  الفصائل السياسية من رؤية الرئيس الاميركي باراك اوباما للحل ، ومن المؤتمرالدولي الذي دعت اليه  فرنسا ،  ومن الاعتراف باسرائيل ، ومن انضواء كتائب القسام في الاجهزة الامنية  والافراج عن المعتقلين السياسيين لدى الجانبين  ، والسماح بتوزيع الصحف المحظورة والغاء احكام كانت حماس قد اصدرتها بحق صحافيين ومواطنين ، ورد الاعتبار لمواطنين نكل بهم  وقطعت اطرافهم ،  وغير ذلك من قضايا حياتية واجتماعية رئيسية وفرعية كثيرة ، تلك قضايا يجب حلها  تزامنا مع استلام  الحكومة مفاتيح  الحكم ..!!



حكومة مهضومة  ..!!

باسم ابو سمية

انباء التشكيل الحكومي الفلسطيني مثل الطقس  المتقلب كل يوم في حال ، فتارة يقال ان فياض مرشح فتح وتارة اخرى يقال  ان فتح لم ترشح قياض ولا تريده  وان حماس تعارض ذلك لكن  اوساطا منها تؤيد ، هكذا  هي احوال التشكيل الحكومي  هذه الايام  ، غائمة ثم غائمة جزئيا  وحارة   ، ثم ماطرة في عز الصيف .

في وسط هذه الاجواء ثمة من يعزف لحنا نشازا حين يقول ان الحكومة الجديدة  ليست لا هي حكومة فياض ولا مصطفى ولا سنقرط ، ولنما هي حكومة الرئيس محمود عباس  ، فهو الذي يكلفها بعد ان يغربلها  وينقيها من الشوائب  غير المرغوبة  ، وهذا من حقه ، وتكون الحكومة ملتزمة ببرنامجه  ، على انه لن يكون لها برنامج  سياسي ، وعقب تشكيلها ، ستعرض على التشريعي بعد تفعيله  ، وتعقيبا على هذا العزف نقول  ان كل من يحل المعادلة يستحق ان يكون مستشارا لرئيس الحكومة المقبل .

لم تعد المسألة اذا ان تتمكن فتح من اقناع حماس بان فياض هو الحل لتجنب غضب المجتمع الدولي  ، ولم بعد فياض خيارا اخيرا  لفتح  بعد ان كان وحيدا فالبحث جار الان عن شخصية مستقلة  ولا مانع ان كانت من غزة  ، لقيادة الحكومة ، شريطة ان يتمتع بكاريزما  قيادية ذات تأثير على الغرب  ويتمتع بشبكة اتصالات وعلاقات تساعده على تسهيل مهمته ، ومن لا يمتلك هذه الصفات  لا  ينفع لحمل لقب دولة الرئيس .

قبل ايام سمعنا ان اتفاقا شبه نهائي قد تم بين الاطراف  لتشكيل  حكومة جديدة جدا ليس فيها  لا وزير ولا غفير  من القدامى  ، لا من حكومة سلام فياض ولا من حكومة اسماعيل هنية ، وربما يقودها واحد من اثنين ،  الاول الصناعي  ورجل الاعمال مازن سنقرط ، والثاني رئيس صندوق الاستثمار محمد مصطفى ، وهما بالمناسبة ليسا مستقلين  ، وربما يكون هذان  آخر حجرين  يلقىان  في بركة التوزير ، فقد طرحت  خلال الاسابيع الماضية  اسماء كثيرة  لرئاسة الحكومة  ومنها اسم رجل الاعمال  المعروف عربيا  منيب المصري ، وقيل في رام الله ان الرئيس محمود عباس كان حتى قبل نهاية الاسبوع  متفائل باقناع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في لقاء القاهرة  الثلاثاء المقبل بتولي سلام فياض رئاسة الحكومة  المقبلة لضرورات المرحلة  فهو الشخص الوحيد من بين الاسماء المتداولة الاكثر قبولا على المستوى الاقليمي والدولي والعربي ايضا  ، لكن ما جاء من القاهرة يفيد بان حماس رفضت تسمية فياض رفضا قاطعا  .

في راينا فان الحكومة المنوي تشكيلها تعتبر حكومة الوقت المائع ، اذ ان الافق السياسي لا يحمل اية امال  بتسوية سياسية  على المدى المنظور سوى  ما ينشر في الاعلام من تصريحات متضاربة ، ونحن نعرف ان لا مكان للحقائق الكاملة  في الصحافة فاعلامنا مثلما تكونوا يول عليكم  ، وبالاضافة لذلك  فالحكومة الذي يجري تركيبها لن تستطيع الصمود لحظة واحدة  في المواجهة ، فالقادم  يحمل الكثير من المفاجآت ،وأولها ما تسعى اليه اسرائيل بتجفيف منابع السلطة من خلال احتجاز اموال الضرائب ، وفي حال قامت بذلك فان السلطة ستعيش مجددتا في دوامة الجفاف المالي  وهنا تكون الحاجة ملحة لحكومة النفس القوي .

اذا الموقف هنا  لا يحتمل حكومة ميوعة سياسية ، بل ان الحاجة اكثر الى حكومة  تمتلك  حلولا اقتصادية  واجتماعية ومعيشية  ، فلا يعقل  ان يغرف رئيس الحكومة الجديد من جيبه ليصرف على الناس ، بل المطلوب رئيس يعرف في  العلاقات الدولية ولاقتصاد والاموال  اكثر مما يهرف في الاقوال . .

على كل حال بيننا وبين الثلاثاء الموعد  المنتظر للاعلان رسميا عن اسماء رئيس واعضاء الحكومة ، بضعة  ايام  ، ولا يهمنا في هذا المجال اذا ما عاد اسم سلام فياض  الى التداول مرة اخرى رغم قرار  حماس سحبه نهائيا  من المزاد الحكومي ،  ليصبح في نظرها  خارج نطاق الخدمة  او منتهي الصلاحية  ، لأن فطبي المعادلة الحكومية اتفقا على ان  اختيار رئيس الوزراء والوزراء الجدد يجب ان لا يخضع  لمزاج طرف دون الأخر ، ولا يملك طرف ان يفرض اسما دون موافقة الأخر ،  ولكي يقال ان حماس تجيد  الاتيكيت فقد دعت  فياض بصفته خبيرا في ادارة الازمات الحكومية  الى تقديم  خبراته  لرئيس  الوزراء القادم  لينجح في  مهتمه.

والحكومة العتيدة  ايا كان قائدها هي الثمرة المرة التي طرحتها شجرة الاتفاق التي سقيت بماء المصالحة فجاءت  على شكل حكومة توافق في ظاهرها ، وفي باطنها  حكومة ملغومة  لانها تقوم على التقاسم والترضيات ، فحصة باقي التنظيمات المشاركة  لا تتعدى بضعة حقائب وزارية هامشية  ، مجرد اسم على مسمى ، ومرة اخرى نرى ان حركة فتح وسلطة الرئيس محمودعباس ترضخان لارادة حركة حماس بخصوص شخص رئيس الحكومة ، لعلنا نكون مخطئين ، ولكن المكتوب يقرأ من عنوانه  .

ما نعرفه تماما  ان رئيس الحكومة - حتى كتابة المقال -  سلام فياض تراجع مرتين على الاقل عن "ضبضبة اغراضه " من مكتبه بدار الحكومة في حي الماصيون بعد تطمينات حصل عليها من جهات فلسطينية وعربية بانه باق في منصبه لضرورات تفرضه االمرحلة ، وان الرئيس محمود عباس ابلغ اللجنة المركزية لحركة فتح باعتماده مرشحها  الاوحد ، فكان له ما اراد، الا ان حماس التي كانت قد وافقت في ايار الماضي  تراجعت وخرجت لتعلن رفضها القاطع  لتسمية فياض  للحكومة لا رئيسا ولا حتى وزيرا ، وكان لها ما ارادت  بحجة الالتزام بقواعد لعبة اتفاق المصالحة ، كما اعلن مسؤول فتحاوي كبير ، فاللعبة تقتضي عدم فرض اي طرف رايه على الطرف الاخر ، وكان رئيس الوزراء د. سلام فياض استبق  الامر بالتأكيد على انه لن يفرض نفسه على احد .بعدم الحاجة اليه ويكفي  حكومة مدراء عامين  او وكلاء الوزارات  فمهماتهم  تنحصر في توفير الاموال وصرف الرواتب والموازنات والتحضير للانتخابات  والاحتياجات المعيشية الاخرى ، فاذا بنا نشاهد كولسات ومشاورات ومؤامرات ، وتداول اسماء اشخاص لرئاسة الحكومة  والبعض منهم زعماء  احزاب سياسية  ومنظمات غير حكومية  تتمرغ في الدعم الغربي ، الا تخشى القيادة السياسية من انعكاس ارادة زعيم الحزب على سياسة الحكومة والبلاد ، اليس هذا تجاوزا  للاعراف التي لا تجيز ان يكون رئيس الحكومة  محكوما بارادة حزبه وسياساته .

ولان  هذه الحكومة تاتي  خلافا لما اتفق عليه  اثر المصالحة ، فان الكاسب في الحكومة الجديدة  قلق ، والخاسر ايضا قلق، فكلاهما  سيكون مضطرا الى ان يحمل على عاتقه احمالا ثقيلة  تنوء بحملها الجبال من القضايا الحياتية المحكومة بتطلعات  الناس ومتطالبهم واحتياجاتهم ، التي ربما يكون تحقيقها صعبا ان لم يكن  مستحيلا .

وحتى مع الاستبشار الظاهر على وجوه بعض المبشرين بالتوزير فثمة ما يدعو الى التوقف قليلا والتفكير مليا وكثيرا ، وعدم   الالتفات الى الوراء ، وان يحسب الجميع حساب كل  شاردة وواردة  تأتي عليها هذه الحكومة التي ستكون مراقبة بمجهر  الراصدين من الداخل والخارج ، فهناك المرصد الامريكي والاسرائيلي والاوروبي ورباعية توني بلير، والمجتمع الاممي والمرصد العربي والفلسطيني ، فجميع الاطراف تريد حكومة تلبي طموح الغرب ،  وفلسطين ليست معزولة عن العالم بل في قلب  المنطقة العربية الملتهبة .

بطبيعة الحال ليس  لدى هذه الحكومة المقبلة القدرة على لي الذراع الاميركية والتصدي للمارسات الاسرائيلية كالاستيطان ومصادرة  الاراضي ، وتهويد القدس ، وستتفرغ لادارة الشأن  العام الداخلي للناس، متكأة على ما ستفعله منظمة التحريرالفلسطينية  الموكلة بالملف السياسي حسب الاتفاق ، فالحكومة التي ستتشكل لن  تشارك حسب علمنا في قيادة المرحلة الاكثر  خطورة وحساسية في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لكنها ستكون محكومة  بكل  ما يجري من تطورات  سياسية وغير سياسية .

نعلم بانه ليس لدى الحكومة الوليدة سوى هامش ضيق يتعين عليها ان تناور من خلاله وفق ما تراه مصادر متابعة من داخل اروقة القرار، فهي حكومة وزراء وحقائب فقط لا تمثل الارادة الحقيقية للناس  بل ارادة فصائل ذات مصالح ذاتية  ، ثم ان الجهود التي  بذلت  في اللحظات الاخيرة لانجاز التشكيلة الحكومية كيفما اتفق ، جاءت لاغلاق الباب على التقولات والشائعات  والتكهنات ، فاختار الفريقان الكبيران فتح وحماس المشي على اطراف الاصابع كي لا ينتبه الاعلاميون والسياسيون لما يجري ،

لكن المشكلة لا تنتهي في العادة عند التشكيل ، بل تبدأ بعد التأليف ، وهنا امر بديهي ، وانشغال السلطة في الملفات السياسية لا يعفي الحكومة الجديدة من المسؤولية  ، فامام القيادة  بكل تشكيلاتها  قضايا مهمة وحساسة  اشبه بالقنابل الموقوتة ، وهي  استحقاق ايلول والمفاوضات والاعتراف ، و مضمون البيان الوزاري وموقف  الفصائل السياسية من رؤية الرئيس الاميركي باراك اوباما للحل ، ومن المؤتمرالدولي الذي دعت اليه  فرنسا ،  ومن الاعتراف باسرائيل ، ومن انضواء كتائب القسام في الاجهزة الامنية  والافراج عن المعتقلين السياسيين لدى الجانبين  ، والسماح بتوزيع الصحف المحظورة والغاء احكام كانت حماس قد اصدرتها بحق صحافيين ومواطنين ، ورد الاعتبار لمواطنين نكل بهم  وقطعت اطرافهم ،  وغير ذلك من قضايا حياتية واجتماعية رئيسية وفرعية كثيرة ، تلك قضايا يجب حلها  تزامنا مع استلام  الحكومة مفاتيح  الحكم ..!!


الخميس، 16 يونيو 2011


سائليني يا شآم‏ ..!!

باسم ابوسيمة

كلما ذكرت الشام على مسامعي ، خطر ببالي ما قاله فطاحل الشعر الحديث ، السوري  نزار  قباني والفلسطيني محمود درويش  واللبناني سعيد عقل  والعراقي محمد مهدي الجواهري  واخرون  تغنوا بالشام حبا وهياما مثلما يفعل العاشقون  ...

ترى ماذا  كان سيقول هؤلاء اليوم  عما تشهده سوريا من عنف دموي  وصراعات  بين الاخوة ابناء البلد الواحد ،  يسفك على جوانبها الدم ،  فلا غالب ولا مغلوب ، مهما بلغت سطوة القوة او  شلال دماء الضحايا ،  من قوة ، ولاننا جزء من هذه البلاد ، بلاد الشام  ، فاننا نقول  بدون مقدمات ،  ولا طول شرح ، ان على  الرئيس السوري بشار الاسد  اذا اراد استعادة  السكينة والهدوء لربوع بلاده الجميلة ، الى دمشق واللاذقية وطرطوس والزبداني وحلب وحماة  ودرعا وجسر الشغور ومعرة النعمان  وبقية المدن  والبلدات  التنازل  قليلا  عن كبرياء نظامه ، باعطاء ابناء  شعبه بالمزيد  من  الحريات  والتعامل الانساني الذي يحفظ للبشر ادميتهم  ، وليس دفعهم للهجرة القسرية الى خارج مسقط رؤوسهم  ، وان على النظام ان يقنعنا بصحة الادعاء القائل بان الطريق الى تحرير الانسان السوري يمر عبر واشنطن  وتل ابيب  ؟.
لقد اخطأ من نصح الرئيس  بان القمع سيريحه من  وجع الدماغ ،  والذي قال له بانه قد ينعم بالاستقرار والهدوء كلما ازدادت حدة التنكيل ، فهذه  اقوال مردودة وخاطئة  ايا كان قائلها ، ونهيب بالرئيس  المبادرة الى وقف الممارسات الامنية فورا واحتضان ابناء  شعبه بين ذراعيه ، وليجرب الديمقراطية التي لم يشهدها العالم العربي  في تاريخه لا  القديم  ولا الحديث ،  فان نفعت كان به  ، وان لم تنفع ، فيا دار ما دخلك شر .
بغير ذلك ،  لن يستتب الامن ، ولن يعود الاستقرارالى البلاد والعباد ،  ولن ينتهي وجع الراس الذي يزعج الرئيس مثلما يزعجنا ويضغط على اعصاب الناس ، فالنظام هو الخاسر في جميع الاحوال سواء نجح  في قمع المحتجين ، ام نجح المحتجون في انهاك النظام  ، وحينئذ لن ينفع الرئيس الشاب الندم والحزن ، ولن تسنح له الفرصة مرة اخرى  لتطوير بلاده ما لم يعززالحريات ويسمح بتعدد  الاحزاب عوضا عن حكم الحزب الواحد  ، ولن يكون بامكانه الاعداد ليوم المواجهة مع اسرائيل ، وان التاريخ سيتركه ويمضي.

ونقول لكل سوري وسورية ، شيوخا وشبانا وفتيات ونساء ممن يتهمهم النظام بشق عصا الطاعة على ولي الامر أن اتخذوا من  التظاهرات  السلمية وسيلة  للحفاظ على  تراب سوريا الابية ، فضياعها يعني ضياع فلسطين وتشرذم الموقف العربي اكثر فاكثر هكذا يعتقد النظام .

مهما حصل فان سوريا  تظل منا وفينا ، ولها  في القلوب منزلة خاصة ، فقد علمتنا كتب التاريخ  ان ابناءها  كانوا يرددون كلما اشرق صبح  النشيد الذي حفظناه نحن في فلسطين عن ظهر قلب
 وتردد عبر اثير الاذاعات في حرب تشرين 1973 :  سوريا يا حبيبتي اعدت لي كرامتي  اعدت لي هويتي  ، وقص علينا  الرواة  وكتب الرحالة  ومنهم ابن بطوطة ، ان بلاد الشام ارض العزة والكرامة والبطولات  والمعارك  التي غيرت وجه التاريخ  ، ومما جاء في امهات  الكتب ومسلسل باب الحارة ، وما قاله  اجدادنا الاولون واباؤنا ، كيف ان  سورية  شوكة في حلق الاعداء ولسان القبان في الصراع العربي الاسرائيلي وتحتل موقعا مهما في الشرق الاوسط وفي العالم  وهي عرين القومية العربية  ، وهذا ما تعبر عنه الشعارات المرفوعة على بوابات دمشق  بانها موئل الحرية  والاشتراكية  ، وفيها نظام لا تخفى عليه خافية  يعلم ما خلفهم وبين ايديهم ، وكل ما يهب ويدب على ارض الشام  .

قلوبنا معك يا  شعب سوريا الابي  ، فالانباء التي يحملها الينا  صبا بردى  كل صباح  تجرح كرامتنا العربية  وتدمي قلوبنا ،  فارواح تزهق  وحيوات تسلب وبيوت تنهب ودماء تسفك لمدنيين وعسكريين ، وهذا كله لان  اهلها ظنوا ان ربيع سوريا سينبت بسهولة في بلد لا ينبت فيه شيء الا بارادة النظام ، ولكن ما يبعث الطمأنينة في قلوبنا  ما سمعناه من انباء عن ان  الرئيس الشاب  الذي ولد وفي فمه ملعقة ذهب ، اصبح رئيسا لبلاد تحتل موقعا استراتيجيا مهمما  في منطقة الشرق الاوسط والعالم ،  قد قال قبل ايام  انه سيستقيل من منصبه ويعود الى المنزل الذي نشأ فيه ، إذا تبين له أن الشعب لا يريده .

 هذا القول المنسوب لرئيس البلاد وولي امر العباد ، جاء خلال لقاء جمعه  بوفد من مدينة " جوبر "  الملاصقة لدمشق ، وكان من بين الحاضرين من سجلوا اقوال الاسد بالحرف الواحد ليضمنوها في تقارير وزعت فيما بعد على الاعلام  واطلعنا عليها  ، وفي اللقاء اكد الرئيس ما يلي  :
 ان 'اطلاق النار على المتظاهرين خطأ غير مسموح ، وكل  من لديه اسم عنصر أمن أطلق النار  ، فليزودنا به لنقوم  بمحاكمته ، قال ذلك  بكل  رباطة جأش ،  وكيف لا  ، فهو الرئيس الذي لا صوت يعلو فوق صوته ، ولا حتى  اجهزة الامن الثلاثة عشر او الثمانية عشر التي  تدير كل شؤون  الناس في سوريا بما فيها الزواج والطلاق والمرض والموت  ، ومن اجل المصلحة العليا للبلاد  فانها تعد على الناس انفاسهم  يوما بيوم وساعة بساعة  ،  وخصصت لكل مواطن حارسا امنيا او اثنين  لحمايته من الاختراق الخارجي  ، ولولا ذلك  ، لخربت البلاد  وضاع اهلها .
والخبر الثاني الذي يشرح الصدور ويبعث على الارتياح والحبور فهو ان فخامته يبغض الطائفية ويحاربها  بكل قواه الفكرية والبدنية ، ولا يطيق سماع  سيرتها ، فكل من قال بانه علوي فهو كاذب ، ومن اتهمه بالتحيز لطائفته ، مثير للفتن ، ومن ادعى انه بادر الى تسليح ابناء طائفته العلوية المنتشرين في عموم سوريا متآمر ، اذا فالرئيس ليس علويا  ولا سنيا ولا درزيا ولا شيعيا ، مثلما يعتقد  الناس ، بل  هو رئيس " محمدي "  اي ينتمي للنبي محمد' صلى الله عليه وسلم .
اما الخبر الثالث فيعبر عن ان الرئيس ممسك بزمام الامور خلافا للادعاءات  المغرضة بضعفه  فقد اتخذ قرارا بتحطيم حاجز الصمت عما فعله رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا ، ولانه ابن خالته  فقد اكتفى باقالته من منصبه  ، والسبب عدم وجود أي ادعاء شخصي ضده  ، فالبلاغ امر ضروري لمحاكمته ، ولكن هيهات ان يجرؤ احد في سوريا او حتى في لبنان والاردن فلسطين ايضا  على التقدم ببلاغ ضد رئيس الامن السياسي  السوري  الذي يثير الرعب في القلوب كلما ذكر اسمه  .
لكن هناك ما هو اهم من كل ذلك  وهو ان الرئيس الشاب أكد  لوفد بلدة جوبر على " حاجة الناس للحرية والكرامة أكثر من حاجتهم الى الخبز" ،  و" ان إطلاق النار على المتظاهرين خطأ غير مسموح ، ومن لديه اسم عنصر أمن أطلق النار فليزودنا به وسنقوم بمحاكمته ، وأن ما يجري من تعذيب للموقوفين غير مقبول وسببه العقلية الأمنية القديمة لدى عناصر الأمن ، وسيتم سحب الأمن من بين الناس بشكل نهائي " ،  اما عن التلفزيون السوري فقال بانه "  لا يعمل بشكل جيد، وهناك مناطق قال التلفزيون إنه لا يوجد فيها تظاهرات وتبين لنا عكس ذلك "  ، وأخيرا اقسم  الرئيس بالرحيل عن الحكم اذا اكتشف ان الشعب لا يريده ويعود الى منزله  ، فماذا يريد السوريون  تضحيات اكثر من هذه ؟ ومن اين سيحصلون على برئيس ديمقراطي  متنور ومنفتح كالرئيس الاسد   ،  اذا فعلها واعتزل  ؟
الله ينتقم منهم ، فلو كان هؤلاء  سوريين وأكلوا من طعامها الشهي الذي ياتي اليه الناس من كل بقاع الدنيا  ، وشربوا من مائها العذب البارد الذي يشفي غليل الارواح والقلوب ،  لما فعلوا ما فعلوه ، هكذا قالت سيدة سورية بسيطة  لكاميرا التلفزيون الرسمي ، بعدما سمعت في الاخبار ان العصابات المسلحة ارتكبت مجزرة بشرية في جسر الشغور الخاوية  يصفر الريح في ازقتها الميتة ،  حين  دخلها الجيش رافعا شارة النصر ، فلجأ اهلها  الى تركيا  خوفا من الفتك بهم ،  لكن تلك السيدة البسيطة ، لم تشاهد دموع الطفلة السورية وهي تنهمرعلى خديها وجعا لفقدان والدها  ، ولم تسمع  نحيب سيدات اخريات  في مثل عمرها  كن على الجانب التركي من الحدود يندبن ابنائهن وازواجهن ، فربما ماتوا او اعتقلوا ، وفي الحالتين  النتيجة واحدة ، فقد قال لنا الاولون ان ثمة بلد اسمها بلاد الشام  كل من دخلها فقد ،  ومن خرج منها ولد وكتبت له الحياة  ، واليوم يبدو ان  لسان حال النظام  يقول :  اذا  الشعب السوري اراد الحياة   فلا بد له ان يرحل ...
لماذا كان من الطبيعي ان تقوم الدنيا ولا تقعد حين تم العثوعلى مقبرة جماعية في جسر الشغور تضم رفات عشرة من قوات الامن والشرطة ، وقبل ذلك الكمين الذي نصب لقوات الجيش وقتل فيه 120 جنديا ورجل امن ، ولماذا لم يكن طبيعيا ان يثور الناس على وجود مقابر مشابهة  للمدنيين عثر عليها الاهالي في بلدات اخرى ، ولا يتحدثن احد عن حادثة تعذيب وبتر اعضاء الطفل حمزة الخطيب واطفال اخرون في مثل عمره ، اوليس هذا رد فعل  انفعالي وغير مبررمن النظام حين يتعلق الامر بمزاعم عن خطط مشبوهة لزعزعة اركان الدولة   لصالح  الاعداء  .
 ان تصعيد القمع  يقابله تصاعد في االغليان الشعبي ،  وتدهور في الاوضاع على كل الصعد ، واتساع في رقعة العنف والعنف المضاد ، وانفلات الامور من عقالها ، فلماذا لا يستغل النظام الفرصة ويراجع نفسه فيتراجع عن اساليب الترهيب وتشريد الاهالي العزل من بيوتهم وحقولهم ، ألا يعلم ان  اي نظام  زائل  والشعب باق حتى تقوم  الساعة  ، وليس كما يعتقد بانه هو الحي الباقي الى الابد مهما كلفه ذلك من ثمن ، ويكذب من يعتقد بان  الشعب اما زائل ، واما  راحل ،  هذا الحال المايل في سوريا  سيدفع  البلاد  الى المجهول  بعكس ما هو مأمول ..!!


الأربعاء، 15 يونيو 2011


سورية  يا حبيبتي  اعدت لي كرامتي  ..!!

باسم ابوسيمة

كلما ذكرت الشام على مسامعي ، عن على بالي ابيات شعر قالها فطاحل الشعر الحديث ، مثل السوري  نزار  قباني والفلسطيني محمود درويش  واللبناني سعيد عقل  والعراقي محمد مهدي الجواهري  واخرون  الذين تغنوا بالشام حبا وهياما مثلما يفعل العاشقون  ...    فقد قاال  فيها الشاعر سعيد عقل :

أهـلي وأهلُكَ وَالحَضَارَةُ وَحَّـدَتْنا وَالسَّـمَاحُ
وَصُمُودُنَا وَقَوَافِلُ الأبطَالِ، مَنْ ضَحّوا وَرَاحوا

يا شَـامُ، يا بَوّابَةَ التّارِيخِ، تَحرُسُـكِ الرِّمَاحُ

وقال  نزار قباني :
 آه يا شام.. كيف أشرح ما بي
وأنا فيـكِ دائمـاً مسكونُ
يا دمشق التي تفشى شذاها
تحت جلدي كأنه الزيزفونُ


 وقال محمود درويش

ما أجمل الشام، لولا الشام ، 

وفي الشام
يبتدئ الزمن العربي و ينطفئ الزمن الهمجي
أنا ساعة الصفر دقّت وشقت

وقال محمد مهدي الجواهري

دمشق عشتك ريعانا وخافقة

ولمة العيون السود والأرقا

تموجين ظلال الذكريات هوى

وتسعدين الأسى والهمّ والقلقا



وقبلهم  ، قال امير الشعراء احمد شوقي قصيدته المأثورة  :

 وقفتم بين موتٍ أو حياةٍ ... فإن رُمتم نعيم الدهر فاشقوا
و للأوطان في دم كل حرٍ ... يدٌ سَلَفت و دينٌ مُستحّقُ
و لا يبني الممالك كالضحايا ... ولا يُدني الحقوقَ ولا يُحِقُّ
و للحرية الحمراء بابٌ ... بكلِ يدٍ مضرجةٍ يُدقُّ

ترى ماذا  كان سيكتب هؤلاء اليوم لو قيض لهم الكتابة  عما تشهده سوريا من عنف دموي  وصراعات  اهلية يسفك على جوانبها الدم ،  فلا غالب ولا مغلوب ، مهما بلغت سطوة القوة او  شلال دماء الضحايا ،  من قوة ، ولاننا جزء من هذه البلاد ، بلاد الشام  ، فاننا نقول  بدون مقدمات ،  ولا طول شرح ، ان على  الرئيس السوري بشار الاسد  اذا اراد استعادة  السكينة والهدوء لربوع بلاده الجميلة ، الى دمشق واللاذقية وطرطوس والزبداني وحلب وحماة  ودرعا وجسر الشغور ومعرة النعمان  وبقية المدن  والبلدات  التنازل  قليلا  عن كبرياء نظامه ، باعطاء ابناء  شعبه بالمزيد  من  الحريات  والتعامل الانساني الذي يحفظ للبشر ادميتهم  ، وليس بدفعهم للهجرة القسرية الى خارج مسقط رؤوسهم  ، وان على النظام ان يقنعنا بصحة الادعاء القائل بان تحرير الانسان السوري يمر عبر واشنطن وتل ابيب  اللتان يقول الادعاء بانهما حرضتا السورين على المطالبة بحريتهم  المسلوبة ؟.

لقد اخطأ من نصح الرئيس  بان القمع سيريحه من  وجع الدماغ ،  والذي قال له بانه قد ينعم بالاستقرار والهدوء كلما ازدادت حدة التنكيل ، فهذه  اقوال مردودة وخاطئة  ايا كان قائلها ، ونهيب بالرئيس  المبادرة الى وقف الممارسات الامنية فورا واحتضان ابناء  شعبه بين ذراعيه ، وليجرب الديمقراطية التي لم يشهدها العالم العربي  في تاريخه لا  القديم  ولا الحديث ،  فان نفعت كان به  ، وان لم تنفع ، فيا دار ما دخلك شر .

بغير ذلك ،  لن يستتب الامن ، ولن يعود الاستقرارالى البلاد والعباد ،  ولن ينتهي وجع الراس الذي يزعج الرئيس مثلما يزعجنا ويضغط على اعصاب الناس ، فالنظام هو الخاسر في جميع الاحوال سواء نجح  في قمع المحتجين ، ام نجح المحتجون في انهاك النظام  ، وحينئذ لن ينفع الرئيس الشاب الندم والحزن ، ولن تسنح له الفرصة مرة اخرى  لتطوير بلاده ما لم يعززالحريات ويسمح بتعدد  الاحزاب عوضا عن حكم الحزب الواحد  ، ولن يكون بامكانه الاعداد ليوم المواجهة مع اسرائيل ، اذ  ان التاريخ سيتركه ويتابع طريقه .

ونقول لكل سوري وسورية ، شيوخا وشبانا وفتيات ونساء ممن يتهمهم النظام بشق عصا الطاعة على ولي الامر أن اتخذوا من  التظاهرات  السلمية وسيلة  للحفاظ على  تراب سوريا الابية ، فضياعها يعني ضياع فلسطين وتشرذم الموقف العربي اكثر فاكثر .


مهما حصل فان سوريا  تظل منا وفينا ، ولها  في القلوب محبة خاصة ، فقد علمتنا كتب التاريخ  ان ابناءها  كانوا يرددون كلما اشرق صبح  النشيد الذي حفظناه نحن في فلسطين عن ظهر قلب
 وتردد عبر اثير الاذاعات في حرب تشرين 1973 :  سوريا يا حبيبتي اعدت لي كرامتي  اعدت لي هويتي  ، وقص علينا  الرواة  وكتب الرحالة  ومنهم ابن بطوطة ، ان بلاد الشام ارض العز والكرامة والبطولات  والمعارك  الفاصلة  التي غيرت وجه التاريخ  ، ومما جاء في امهات  الكتب ومسلسل باب الحارة ، وما قاله  اجدادنا الاولون واباؤنا ، كيف ان  سورية  شوكة في حلق الاعداء ولسان القبان في الصراع العربي الاسرائيلي وتحتل موقعا مهما في الشرق الاوسط وفي العالم  وهي عرين القومية العربية  ، وهذا ما تؤكده الشعارات المرفوعة على بوابات دمشق  بانها موئل الحرية  والاشتراكية  ، وفيها نظام لا تخفى عليه خافية  يعلم ما خلفهم وبين ايديهم ، وكل ما يهب ويدب على ارض الشام  .



قلوبنا معك يا  شعب سوريا الابي  ، فالانباء التي يحملها الينا  صبا بردى  كل صباح  تجرح كرامتنا العربية  وتدمي قلوبنا ،  فارواح تزهق  وحيوات تسلب وبيوت تنهب ودماء تسفك لمدنيين وعسكريين ، وهذا كله لان  اهلها ظنوا ان ربيع سوريا سينبت بسهولة في بلد لا ينبت فيه شيء الا بارادة النظام ، ولكن ما يبعث الطمأنينة في قلوبنا  ما سمعناه من انباء عن ان  الرئيس الشاب  الذي ولد وفي فمه ملعقة الذي يثلج الصدور ويبعث على الحبور ذهب ، اصبح رئيسا لبلاد تحتل موقعا استراتيجيا مهمما  في منطقة الشرق الاوسط والعالم ،  قد قال قبل ايام  انه سيستقيل من منصبه ويعود الى المنزل الذي نشأ فيه ، إذا تبين له أن الشعب لا يريده .



 هذا القول المنسوب لرئيس البلاد وولي امر العباد ، جاء خلال لقاء جمعه  وفد من مدينة " جوبر "  الملاصقة لدمشق ، وكان من بين الحاضرين من سجلوا اقوال الاسد بالحرف الواحد ليضمنوها في تقارير وزعت فيما بعد على الاعلام  واطلعنا عليها  ، وفي اللقاء اكد الرئيس ما يلي  :

 ان 'اطلاق النار على المتظاهرين خطأ غير مسموح ، وكل  من لديه اسم عنصر أمن أطلق النار  ، فليزودنا به لنقوم  بمحاكمته ، قال ذلك  بكل  رباطة جأش ،  وكيف لا  ، فهو الرئيس الذي لا صوت يعلو فوق صوته ، ولا حتى  اجهزة الامن الثلاثة عشر او الثمانية عشر التي  تدير كل شؤون  الناس في سوريا بما فيها الزواج والطلاق والمرض والموت  ، ومن اجل المصلحة العليا للبلاد  فانها تعد على الناس انفاسهم  يوما بيوم وساعة بساعة  ،  وخصصت لكل مواطن حارسا امنيا او اثنين  لحمايته من الاختراق الخارجي  ، ولولا ذلك  ، لخربت البلاد  وضاع اهلها .

والخبر الثاني الذي يشرح الصدور ويبعث على الارتياح والحبور فهو ان فخامته يبغض الطائفية ويحاربها  بكل قواه الفكرية والبدنية ، ولا يطيق سماع  سيرتها ، فكل من قال بانه علوي فهو كاذب ، ومن اتهمه بالتحيز لطائفته ، مثير للفتن ، ومن ادعى انه بادر الى تسليح ابناء طائفته العلوية المنتشرين في عموم سوريا متآمر ، اذا فالرئيس ليس علويا  ولا سنيا ولا درزيا ولا شيعيا ، مثلما يعتقد  الناس ، بل  هو رئيس " محمدي "  اي ينتمي للنبي محمد' صلى الله عليه وسلم .

اما الخبر الثالث فيعبر عن ان الرئيس ممسك بزمام الامور خلافا للادعاءات  المغرضة بضعفه  فقد اتخذ قرارا بتحطيم حاجز الصمت عما فعله رئيس فرع الأمن السياسي السابق في درعا ، ولانه ابن خالته  فقد اكتفى باقالته من منصبه  ، والسبب عدم وجود أي ادعاء شخصي ضده  ، فالبلاغ امر ضروري لمحاكمته ، ولكن هيهات ان يجرؤ احد في سوريا او حتى في لبنان والاردن فلسطين ايضا  على التقدم ببلاغ ضد رئيس الامن السياسي  السوري  الذي يثير الرعب في القلوب كلما ذكر اسمه  .

لكن هناك ما هو اهم من كل ذلك  وهو ان الرئيس الشاب أكد  لوفد بلدة جوبر على " حاجة الناس للحرية والكرامة أكثر من حاجتهم الى الخبز" ،  و" ان إطلاق النار على المتظاهرين خطأ غير مسموح ، ومن لديه اسم عنصر أمن أطلق النار فليزودنا به وسنقوم بمحاكمته ، وأن ما يجري من تعذيب للموقوفين غير مقبول وسببه العقلية الأمنية القديمة لدى عناصر الأمن ، وسيتم سحب الأمن من بين الناس بشكل نهائي " ،  اما عن التلفزيون السوري فقال بانه "  لا يعمل بشكل جيد، وهناك مناطق قال التلفزيون إنه لا يوجد فيها تظاهرات وتبين لنا عكس ذلك "  ، وأخيرا اقسم  الرئيس بالرحيل عن الحكم اذا اكتشف ان الشعب لا يريده ويعود الى منزله  ، فماذا يريد السوريون  تضحيات اكثر من هذه ؟ ومن اين سيحصلون على برئيس ديمقراطي  متنور ومنفتح كالرئيس الاسد  اذا اعتزل  ؟

الله ينتقم منهم ، فلو كان هؤلاء  سوريين وأكلوا من طعامها الشهي الذي ياتي اليه الناس من كل بقاع الدنيا  ، وشربوا من مائها العذب البارد الذي يشفي غليل الارواح والقلوب ،  لما فعلوا ما فعلوه ، هكذا قالت سيدة سورية بسيطة  لكاميرا التلفزيون الرسمي ، بعدما سمعت في الاخبار ان العصابات المسلحة ارتكبت مجزرة بشرية في جسر الشغور الخاوية  من الناس يصفر الريح في ازقتها الميتة ،  حين  دخلها الجيش رافعا شارة النصر ، فلجأ اهلها  الى تركيا  خوفا من الفتك بهم ،  لكن تلك السيدة البسيطة ، لم تشاهد دموع الطفلة السورية وهي تنهمرعلى خديها وجعا لفقدان والدها  ، ولم تسمع  نحيب سيدات اخريات  في مثل عمرها  كن على الجانب التركي من الحدود يندبن ابنائهن وازواجهن ، فربما ماتوا او اعتقلوا ، وفي الحالتين  النتيجة واحدة ، فقد قال لنا الاولون ان ثمة بلد اسمها بلاد الشام  كل من دخلها فقد ،  ومن خرج منها ولد وكتبت له الحياة  ، واليوم يبدو ان  لسان حال النظام  يقول :  اذا  الشعب السوري اراد الحياة   فلا بد له ان يرحل ...

لماذا كان من الطبيعي ان تقوم الدنيا ولا تقعد حين تم العثوعلى مقبرة جماعية في جسر الشغور تضم رفات عشرة من قوات الامن والشرطة ، وقبل ذلك الكمين الذي نصب لقوات الجيش وقتل فيه 120 جنديا ورجل امن ، ولماذا لم يكن طبيعيا ان يثور الناس على وجود مقابر مشابهة  للمدنيين عثر عليها الاهالي في بلدات اخرى ، ولا يتحدثن احد عن حادثة تعذيب وبتر اعضاء الطفل حمزة الخطيب واطفال اخرون في مثل عمره ، اوليس هذا رد فعل  انفعالي وغير مبررمن النظام حين يتعلق الامر بمزاعم عن خطط مشبوهة لزعزعة اركان الدولة   لصالح  الاعداء  .

 ان تصعيد القمع  يقابله تصاعد في االغليان الشعبي ،  وتدهور في الاوضاع على كل الصعد ، واتساع في رقعة العنف والعنف المضاد ، وانفلات الامور من عقالها ، فلماذا لا يستغل النظام الفرصة ويراجع نفسه فيتراجع عن اساليب الترهيب وتشريد الاهالي العزل من بيوتهم وحقولهم ، ألا يعلم ان  اي نظام  زائل  والشعب باق حتى تقوم  الساعة  ، وليس كما يعتقد بانه هو الحي الباقي الى الابد مهما كلفه ذلك من ثمن ، ويكذب من يعتقد بان  الشعب اما زائل ، واما  راحل ،  هذا الحال المايل في سوريا  سيدفع  البلاد  الى المجهول  بعكس ما هو مأمول ..!!