الأربعاء، 13 يوليو 2011

نار ايلول بلا دخان


نار ايلول بلا دخان ..!!

باسم ابو سمية

 اشبه بدخان بلا نار كان السجال الذي نشأ من اول يوم في المصالحة بخصوص تشكيل حكومة محاصصة ، ذاك  الجدل البيزنطي غطى على القضية الاهم حول ما يتوجب عمله في معركة  تبدو نارها مشتعلة ولكن بلا دخان ،  هكذا تبدو الاجواء قبل الموعد المنتظر للاعتراف بالدولة في اروقة الامم المتحدة في ايلول المقبل ، في الحالة الاولى لم يطل الجدل اساس التشكيل الذي ورد نصه في الاتفاق وتحدث عنه الرئيس ابو مازن ، فقد تمحور الجدل حول شخص رئيس الحكومة فيما ان المطلوب حكومة مؤقتة تضم كفاءات من المستقلين تماما  تدير شؤون الناس لبضعة اشهر الى حين الاعداد للانتخابات بمساريها الرئاسي والتشريعي ، وبعد ذلك يمكن  للاطراف تشكيل الحكومة التي يريدون ، سواء حكومة توافق او وفاق  وطني او تقاسم  او غير ذلك ، ولكن قبل ذلك فليحدد الناس اولوياتهم .

لكن كما يبدو فان العصبية الفصائلية حرفت الكلام عن مواضعه  فتحول الى تبادل اتهامات بالتعطيل ، فعادت حليمة لعادتها القديمة ، كيل التهم وتحميل المسؤوليات ، وكل طرف يريد الاجهاز على الطرف الاخر بالضربة القاضية ، وهكذا غطى الاجواء غبار كثيف حول شخص رئيس الحكومة الجديد التي سعى الطرفان ( فتح وحماس ) لاقتسامها ، ولم يتبادر الى ذهن احدهما ان التشكيل لم يكن امرا مستعجلا ولا ضروريا  قبل ان تتضح نتائح التحرك الفلسطيني ويتبين الخيط الابيض من الاسود في مسألة التوجه الفلسطيني للامم المتحدة في ايلول الاتي .

ثمة غباش حتى الان في الموقف النهائي لكلي الطرفين من هوية المرشح لرئاسة الحكومة ، وكأنه كتب على الفلسطينيين ان يظلوا في كمد الى يوم الدين ، وكأن العصر الفياضي للحكومة كتب له ان يكون اخر عصور الحكم الرشيد والشفافية  وبناء المؤسسات ،   وهذا ما اوجد لدى عامة الناس نوعا من فقدان الامل واليأس من  ان عدم التوصل الى اتفاق  حول رئيس الحكومة  دليل على فشل الطرفان  مستقبلا في حل الملفات المتعلقة بالمصالحة وهي شائكة وكثيرة ، وكيف للفلسطينين في هذه الاجواء التآمرية التعامل مع معركة ايلول التي باتت على الابواب  ، طالما فشلوا في اخبتار الثقة  في اول قضية واجهتهم بعد المصالحة .

انها اجواء بغيضة مفعمة بالبغضاء  وانعدام الثقة ، وقد عادت علاقات الطرفين مثلما كانت ابان الانقسام البغيض مثل الزجاج تنكسر من اول نقرة ، فكل طرف يحمل الاخر مسؤولية تعطيل المصالحة ، واصبحت التصريحات والادانات والتنديد مثل الرصاص الطائش يلعلع  فوق الرؤوس بدون ضحايا  او اصابات حتى الان .

كان الاولى بالمتصارعين على رئاسة الحكومة   التفرغ بوضع الخطط لما يتوجب عمله  في الايام المقبلة ، والاسلحة التي ستسخدم في المعركة الايلولية ، وهي معركة الاعتراف بالدولة الفللسطينية على حدود 1967 ، لكن يبدو ان الاعتراف  لم يعد قضية تهم  احدا من المتهالكين على نيل المناصب الوزارية ، يا عيب الشوم ..  لم يفكر احد في الرد على  موقف اللجنة الرباعية الدولية  التي تأتمر بامرة الولايات المتحدة الامريكية ، وكيف ان الولايات اخذت على عاتقها  مهمة لن تحيد عنها ، وهي الانتصار لاسرائيل ظالمة ومظلومة ، وقلما كانت اسرائيل مظلومة  فهي مغتصبة لحقوقنا واراضينا ، ولا احد من الطامحين بالمناصب الوزارية  يتحدث عن هذا الاغتصاب الا في الاحتفالات  وامام الفضائيات ، وربما لهذا غابت القضية القومية الاولى عن الخطاب الرسمي للانظمة المحاصرة بالثورات وحركات التغيير ، وهذا ما يفسر ادارة العرب ظهورهم للرئيس ابو مازن حينما تحدث عن الازمة المالية الخانقة التي لم تمكن الحكومة من الايفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها ،  وقلة هم الذين  سمعوا صرخته عن الخطر المحدق ،  وكثيرون شككوا في صدقية الادعاء بان السلطة الفلسطينة تقف الان على شفا الافلاس والقحط المالي ، لعل فلسطين التي قرعت الدول والانظمة  العربية طبولها لعقود طويلة ، لم تعد  تستحث  نخوة العرب ..

في هذه الاثناء تبرز مسائل جديرة بالاهتمام فيما يخص موقف الولايات المتحدة والرباعية الدولية بقيادة  واشنطن ، وهي كيف سيكون بامكان الفلسطيين العودة  الى طاولة المفاوضات بدون شروط حسب دعوة الرباعية وامريكا ، بينما اسرائيل  تصادق في كل يوم  على مشروع استيطاني جديد ، والقدس التي تتحدث عنها الادبيات السياسية الفلسطينينة بانها العاصمة الابدية المفترضة للدولة المستقلة ، تغرق شيئا فشيئا في مستنقع الاستيطان وتغوص في التهويد ، لا نعتقد ان فلسطينيا واحدا  في الدنيا مستعد ولو بعد مائة سنة القبول بدولة فلسطينية  بدون القدس ، حتى اكثر المستفيدين من الامتيازات التي تقدمها اسرائيل وتعمل على سحبها كلما غضبت .

هل هناك  احد من حماس او فتح يقدم لنا تفسيرا حول ما يمكن على السلطة عمله حيال الضغوط التي يقال ان واشنطن تمارسها على السلطتين الفلسطينية والاسرائيلية لاستئناف المفاوضات ، وعلام سيتفاوض الجانبان يا ايتها الولايات المتحدة الامريكية  ،  يقولون تهكما ان جهيزة الرباعية الدولية التي هي  رباعية توني بلير قطعت قول كل خطيب مكتفية بدعوة الطرفين ، للعودة الى سرير المفاوضات بلا مخدات  تجمعهما  ، عسى ذلك يعيد  ذكريات ايام زمان  حين كانت بعض جلسات التفاوض تقتصر على طلب بعض التسهيلات  الاسرائيلية  كاثبات حسن النوايا ،  والان نعتقد ان  قرار الرباعية هو شكل جديد من اشكال البلطجة السياسية ، لا يختلف عن النمط المعروف على هوامش الثورات العربية ، فالبلطجة هي نفسها في كل الاحوال ، ويبقى الامر المثير للسخرية ان التقديرات في اسرائيل  تقول انه في حال حدوث تقارب بين مواقف المتفاوضين  فان الولايات المتحدة  تعتزم عقد لقاء قمة في واشنطن لاجمال المواقف ، وجمع راسي المتفاوضين على مخدة  الحل ، لا نعلم  ما هو الحل المقصود بالحديث  .

الاكثر غرابة او استغرابا ، هو تجرؤ وزير الخارجية الفلسطينية على تحدي ارادة الادارة الاميركية بالتعبير  عن امله في ان تتفهم واشنطن مطلب اعلان دولة فلسطين على حدود 1967  في ايلول المقبل ، والاكثر طرافة المراهنة على اقوال ميتافيزيقية  مثل ان فلسطين المنتظرة على احر من الجمر حلول ايلول ، لن تقف وحدها في مواجهة الولايات المتحدة ، بل ان الدول العربية كلها ستقف الى جانبها ، وكأن باصحاب هذا القول لا يعلمون ان العرب دخلوا منذ زمن بعيد  في ثلاجة الصديق الامريكي بمحض ارادتهم ،  فتجمدت جميع قدراتهم السياسية  والثقافية والمالية .

وما لجنة المتابعة العربية التي يعول عليها الساسة الافاضل ، الا كالانسان الالي  وفق الرغبة الاميريكة ، فلا تحيد عنها  او تخالفها ، وما هي الا للمتابعة فقط لا اكثر ولا اقل ،  وهذه اللجنة لم تحدد موقفها بعد  من اعلان الدولة  بانتظار اشارة من الاصبع الاميركي ؟!.

في رئاسة اركان ايلول ثمة من يقف كالطود الشامخ  ، او كالمارد ، وهو كبير المفاوضين صائب عريقات ، متصفا بالجرأة والصبر مثل ايوب ويقول ان هناك خطوات عملية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، حيث بدأت جحافل الدبلوماسية الفلسطينية في الزحف نحو عواصم العالم لدعوة قادة تلك الدول الى اعتناق الاعتراف بدولة فلسطين ،  ودعم توجه السلطة الى الامم المتحدة ومجلس الامن ، وهذا الموقف دليل قاطع على ان ( ابو علي  وهو لقب يضرب في الشجاعة والاقدام ) يستند الى جدار منيع  بعدما رفع عقيرته بالتصريح ان تهديد اي طرف ، ولم يقل الولايات المتحدة ، باستخدام الفيتو  لن يمنعنا من حقنا في نيل الاعتراف  بالعضوية ، لقد كان على كل اركان السلطة ان يحذوا حذوه ، وان يضربوا عرض الحائط  بالرفض الامريكي للتوجه الفلسطيني الى مربط خيلنا بنيويورك في ايلول المقبل شاء من شاء وابى من ابى، ومهما كانت النتائج ، فهل يتعلم المتهافتون على الحكومة والمنشغلون في تفصيل رئيس لها  كيف تكون الشجاعة والاقدام ، وكيف عليهم التصرف في اوقات الشدة ، بدلا من ترك ميدان المعركة والتلهي بلعبة تعديل الجينات الوراثية لصناعة المؤامرة ، على طريقة  ان لم تكن متآمرا  فقد اكلك المتآمرون ، ويا ويلنا ان بقي حالنا كذلك  .

لقد حانت ساعة القرار، ولم يعد امامنا الا احد امرين ،  اما الرضوخ لرغبة الولايات المتحدة  او الرفض ، فالاول يعني نهاية القضية الفلسطينية ، والثاني يحمل تداعيات عديدة ليست النهاية احداها ، فالعودة الى المفاوضات بمفهوم الرباعية والولايات المتحدة واسرائيل  ليست سوى انتحارا بمعناه الحرفي ..!! ..




نار ايلول بلا دخان ..!!


نار ايلول بلا دخان ..!!

باسم ابو سمية

 اشبه بدخان بلا نار كان السجال الذي نشأ من اول يوم في المصالحة بخصوص تشكيل حكومة محاصصة ، ذاك  الجدل البيزنطي غطى على القضية الاهم حول ما يتوجب عمله في معركة  تبدو نارها مشتعلة ولكن بلا دخان ،  هكذا تبدو الاجواء قبل الموعد المنتظر للاعتراف بالدولة في اروقة الامم المتحدة في ايلول المقبل ، في الحالة الاولى لم يطل الجدل اساس التشكيل الذي ورد نصه في الاتفاق وتحدث عنه الرئيس ابو مازن ، فقد تمحور الجدل حول شخص رئيس الحكومة فيما ان المطلوب حكومة مؤقتة تضم كفاءات من المستقلين تماما  تدير شؤون الناس لبضعة اشهر الى حين الاعداد للانتخابات بمساريها الرئاسي والتشريعي ، وبعد ذلك يمكن  للاطراف تشكيل الحكومة التي يريدون ، سواء حكومة توافق او وفاق  وطني او تقاسم  او غير ذلك ، ولكن قبل ذلك فليحدد الناس اولوياتهم .

لكن كما يبدو فان العصبية الفصائلية حرفت الكلام عن مواضعه  فتحول الى تبادل اتهامات بالتعطيل ، فعادت حليمة لعادتها القديمة ، كيل التهم وتحميل المسؤوليات ، وكل طرف يريد الاجهاز على الطرف الاخر بالضربة القاضية ، وهكذا غطى الاجواء غبار كثيف حول شخص رئيس الحكومة الجديد التي سعى الطرفان ( فتح وحماس ) لاقتسامها ، ولم يتبادر الى ذهن احدهما ان التشكيل لم يكن امرا مستعجلا ولا ضروريا  قبل ان تتضح نتائح التحرك الفلسطيني ويتبين الخيط الابيض من الاسود في مسألة التوجه الفلسطيني للامم المتحدة في ايلول الاتي .

ثمة غباش حتى الان في الموقف النهائي لكلي الطرفين من هوية المرشح لرئاسة الحكومة ، وكأنه كتب على الفلسطينيين ان يظلوا في كمد الى يوم الدين ، وكأن العصر الفياضي للحكومة كتب له ان يكون اخر عصور الحكم الرشيد والشفافية  وبناء المؤسسات ،   وهذا ما اوجد لدى عامة الناس نوعا من فقدان الامل واليأس من  ان عدم التوصل الى اتفاق  حول رئيس الحكومة  دليل على فشل الطرفان  مستقبلا في حل الملفات المتعلقة بالمصالحة وهي شائكة وكثيرة ، وكيف للفلسطينين في هذه الاجواء التآمرية التعامل مع معركة ايلول التي باتت على الابواب  ، طالما فشلوا في اخبتار الثقة  في اول قضية واجهتهم بعد المصالحة .

انها اجواء بغيضة مفعمة بالبغضاء  وانعدام الثقة ، وقد عادت علاقات الطرفين مثلما كانت ابان الانقسام البغيض مثل الزجاج تنكسر من اول نقرة ، فكل طرف يحمل الاخر مسؤولية تعطيل المصالحة ، واصبحت التصريحات والادانات والتنديد مثل الرصاص الطائش يلعلع  فوق الرؤوس بدون ضحايا  او اصابات حتى الان .

كان الاولى بالمتصارعين على رئاسة الحكومة   التفرغ بوضع الخطط لما يتوجب عمله  في الايام المقبلة ، والاسلحة التي ستسخدم في المعركة الايلولية ، وهي معركة الاعتراف بالدولة الفللسطينية على حدود 1967 ، لكن يبدو ان الاعتراف  لم يعد قضية تهم  احدا من المتهالكين على نيل المناصب الوزارية ، يا عيب الشوم ..  لم يفكر احد في الرد على  موقف اللجنة الرباعية الدولية  التي تأتمر بامرة الولايات المتحدة الامريكية ، وكيف ان الولايات اخذت على عاتقها  مهمة لن تحيد عنها ، وهي الانتصار لاسرائيل ظالمة ومظلومة ، وقلما كانت اسرائيل مظلومة  فهي مغتصبة لحقوقنا واراضينا ، ولا احد من الطامحين بالمناصب الوزارية  يتحدث عن هذا الاغتصاب الا في الاحتفالات  وامام الفضائيات ، وربما لهذا غابت القضية القومية الاولى عن الخطاب الرسمي للانظمة المحاصرة بالثورات وحركات التغيير ، وهذا ما يفسر ادارة العرب ظهورهم للرئيس ابو مازن حينما تحدث عن الازمة المالية الخانقة التي لم تمكن الحكومة من الايفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها ،  وقلة هم الذين  سمعوا صرخته عن الخطر المحدق ،  وكثيرون شككوا في صدقية الادعاء بان السلطة الفلسطينة تقف الان على شفا الافلاس والقحط المالي ، لعل فلسطين التي قرعت الدول والانظمة  العربية طبولها لعقود طويلة ، لم تعد  تستحث  نخوة العرب ..

في هذه الاثناء تبرز مسائل جديرة بالاهتمام فيما يخص موقف الولايات المتحدة والرباعية الدولية بقيادة  واشنطن ، وهي كيف سيكون بامكان الفلسطيين العودة  الى طاولة المفاوضات بدون شروط حسب دعوة الرباعية وامريكا ، بينما اسرائيل  تصادق في كل يوم  على مشروع استيطاني جديد ، والقدس التي تتحدث عنها الادبيات السياسية الفلسطينينة بانها العاصمة الابدية المفترضة للدولة المستقلة ، تغرق شيئا فشيئا في مستنقع الاستيطان وتغوص في التهويد ، لا نعتقد ان فلسطينيا واحدا  في الدنيا مستعد ولو بعد مائة سنة القبول بدولة فلسطينية  بدون القدس ، حتى اكثر المستفيدين من الامتيازات التي تقدمها اسرائيل وتعمل على سحبها كلما غضبت .

هل هناك  احد من حماس او فتح يقدم لنا تفسيرا حول ما يمكن على السلطة عمله حيال الضغوط التي يقال ان واشنطن تمارسها على السلطتين الفلسطينية والاسرائيلية لاستئناف المفاوضات ، وعلام سيتفاوض الجانبان يا ايتها الولايات المتحدة الامريكية  ،  يقولون تهكما ان جهيزة الرباعية الدولية التي هي  رباعية توني بلير قطعت قول كل خطيب مكتفية بدعوة الطرفين ، للعودة الى سرير المفاوضات بلا مخدات  تجمعهما  ، عسى ذلك يعيد  ذكريات ايام زمان  حين كانت بعض جلسات التفاوض تقتصر على طلب بعض التسهيلات  الاسرائيلية  كاثبات حسن النوايا ،  والان نعتقد ان  قرار الرباعية هو شكل جديد من اشكال البلطجة السياسية ، لا يختلف عن النمط المعروف على هوامش الثورات العربية ، فالبلطجة هي نفسها في كل الاحوال ، ويبقى الامر المثير للسخرية ان التقديرات في اسرائيل  تقول انه في حال حدوث تقارب بين مواقف المتفاوضين  فان الولايات المتحدة  تعتزم عقد لقاء قمة في واشنطن لاجمال المواقف ، وجمع راسي المتفاوضين على مخدة  الحل ، لا نعلم  ما هو الحل المقصود بالحديث  .

الاكثر غرابة او استغرابا ، هو تجرؤ وزير الخارجية الفلسطينية على تحدي ارادة الادارة الاميركية بالتعبير  عن امله في ان تتفهم واشنطن مطلب اعلان دولة فلسطين على حدود 1967  في ايلول المقبل ، والاكثر طرافة المراهنة على اقوال ميتافيزيقية  مثل ان فلسطين المنتظرة على احر من الجمر حلول ايلول ، لن تقف وحدها في مواجهة الولايات المتحدة ، بل ان الدول العربية كلها ستقف الى جانبها ، وكأن باصحاب هذا القول لا يعلمون ان العرب دخلوا منذ زمن بعيد  في ثلاجة الصديق الامريكي بمحض ارادتهم ،  فتجمدت جميع قدراتهم السياسية  والثقافية والمالية .

وما لجنة المتابعة العربية التي يعول عليها الساسة الافاضل ، الا كالانسان الالي  وفق الرغبة الاميريكة ، فلا تحيد عنها  او تخالفها ، وما هي الا للمتابعة فقط لا اكثر ولا اقل ،  وهذه اللجنة لم تحدد موقفها بعد  من اعلان الدولة  بانتظار اشارة من الاصبع الاميركي ؟!.

في رئاسة اركان ايلول ثمة من يقف كالطود الشامخ  ، او كالمارد ، وهو كبير المفاوضين صائب عريقات ، متصفا بالجرأة والصبر مثل ايوب ويقول ان هناك خطوات عملية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، حيث بدأت جحافل الدبلوماسية الفلسطينية في الزحف نحو عواصم العالم لدعوة قادة تلك الدول الى اعتناق الاعتراف بدولة فلسطين ،  ودعم توجه السلطة الى الامم المتحدة ومجلس الامن ، وهذا الموقف دليل قاطع على ان ( ابو علي  وهو لقب يضرب في الشجاعة والاقدام ) يستند الى جدار منيع  بعدما رفع عقيرته بالتصريح ان تهديد اي طرف ، ولم يقل الولايات المتحدة ، باستخدام الفيتو  لن يمنعنا من حقنا في نيل الاعتراف  بالعضوية ، لقد كان على كل اركان السلطة ان يحذوا حذوه ، وان يضربوا عرض الحائط  بالرفض الامريكي للتوجه الفلسطيني الى مربط خيلنا بنيويورك في ايلول المقبل شاء من شاء وابى من ابى، ومهما كانت النتائج ، فهل يتعلم المتهافتون على الحكومة والمنشغلون في تفصيل رئيس لها  كيف تكون الشجاعة والاقدام ، وكيف عليهم التصرف في اوقات الشدة ، بدلا من ترك ميدان المعركة والتلهي بلعبة تعديل الجينات الوراثية لصناعة المؤامرة ، على طريقة  ان لم تكن متآمرا  فقد اكلك المتآمرون ، ويا ويلنا ان بقي حالنا كذلك  .

لقد حانت ساعة القرار، ولم يعد امامنا الا احد امرين ،  اما الرضوخ لرغبة الولايات المتحدة  او الرفض ، فالاول يعني نهاية القضية الفلسطينية ، والثاني يحمل تداعيات عديدة ليست النهاية احداها ، فالعودة الى المفاوضات بمفهوم الرباعية والولايات المتحدة واسرائيل  ليست سوى انتحارا بمعناه الحرفي ..!! ..




الاثنين، 4 يوليو 2011

ربيع في زمن القحط..!!


ربيع في زمن القحط..!!

باسم ابو سمية

ليطمئن الذين في قلوبهم وهن ، فلن يحدث عنف في ايلول ، ولن يختلف ما قبل ايلول عما بعده ، ولن يتغير الشيء الكثير ، فكما يقول المثل : " ألف دعوة ما مزقت قميص ، والف زغرودة ما جوزت عريس "،  ما يعني ان الكلام لا يودي ولا يجيب ، فنحن نريد عملا يفرض وقائع على الارض ، الا ان الغيوم الداكنة  المتلبدة  في سمائنا ، تشي باننا مقبلون على قحط في المال والسياسة  قد يستمر لفترة طويلة  .

 في هذه الاجواء  تلوح بارقة امل  تبعث فينا بعض الطمانينة  على الوضع الفلسطيني  بعدما  تناهى  الى علمنا  ان ربيعا شبابيا اخضر قد بدأ يزهر ، وان انشطة المجموعات الشبابية  قد دخلت على خط النخبة السياسية الغارق بعضها  في تفصيل رئيس حكومة تنطبق عليه المواصفات الفصائلية  ، وانشغال  البعض الاخر  في تحليل اسباب انحسار السيولة المالية  اللازمة لاطالة عمر السلطة ، والمحزن ان قطاع الموظفين هو المتضرر مما الت اليه احوال بيت مال الحكومة  التي باتت على شفا  الافلاس ، ولهذا فالحكومة الحالية  لن تصرف  لموظفيها سوى  نصف راتب  عن الشهر الماضي وربما الاتي .

وبينما تحشد الفصائل  قواها  لتشكيل حكومة تقاسم سياسي ، يلمع في سماء فلسطين بريق يبهر الابصار ، تشعله  انشطة  تمارسها مجموعات شبابية  بحثا عما يحقق طموحات واحلام تختلف عما يختلج في صدور اهل السياسة واصحاب النفوذ والمشاريع ، لا تتوقف  عند حدود 1967 ،  وهذه المجموعات لا تبحث  عن مناصب ولا عن مكاسب وادوار  ، بل عناوين جديدة تقوم على الحقوق وليس الحلول ، وتتبنى المقاومة الشعبية التي ترى فيها الاداة الافضل للنضال الفلسطيني السلمي ولا سيما بعدما حققت تجربة بلعين نجاحا ملحوظا  يمكن ان نسميه  انتصارا  للمقاومة الشعبية السلمية  .

 هذه المجموعات هي ذاتها التي مارست دورا كبيرا عبر فيس بوك  لدفع حركتي فتح وحماس الى توقيع اتفاق المصالحة ، وقد بدأت مؤخرا  بعقد لقاءات تناقش فيها برامج وافكارا ورؤى سياسية جديدة وهامة ،  ومنها حقوق الفلسطينيين واحلامهم  بلهجات تتنوع بتنوع الجغرافيا الفلسطينية من الناصرة واللد والمثلث والقدس ورام اللة وغزة والخليل ، وهؤلاء تحدثوا في عناوين  كثيرة كالحرية والكرامة والمساواة والعدالة  وحق العودة ، وناقشوا ايضا موضوع حل الدولة الواحدة وليس فقط حل الدولتين .

وكما هي عادتها ، فقد سارعت الاحز.اب السياسية والتنظيمات للزج بعناصرها في تلك المجموعات في محاولة للتأثير على انشطتها وقراراتها ، مثلما فعلت حركة حماس التي قررت وقف مقاطعتها  لشبكات التواصل الاجتماعي  ودعت عناصرها الى الانضمام لشبكة فيس بوك وتويتر ، واسعة الاستخدام في اوساط الشباب الفلسطينين اكثر منها في اوساط القيادات السياسية التقليدية  ، لكن المجموعات الشبابية التي يتوقع لها ان تصبح مستقبلا حركات سياسية ذات تاثير طالما لم تستطع الاحزاب والحركات السياسية  التقليدية تحقيق اهدافها  في التحرر والاستقلال والعودة  ، لكن المشكلة ان هذه المجموعات  تفتقر حتى الان الى خطة عمل موحدة  وبحاجة الى قيادة ذات خبرة .

تلك النشاطات تأتي في وقت تقود فيه الولايات المتحدة حملة لاحباط التوجه الفلسطيني الى الامم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة وتعتزم تقديم  طرح جديد يستبق ايلول  بخطة تتضمن العودة الى المفاوضات  بلا خرائط ولا ضمانات .


هذا في جانب ، وفي الجانب الاخر فهناك معطيات اضافية لا يغيب الشباب عنها وتتعلق بمساع تدعم التوجه الفلسطيني للاعتراف بدولة على حدود 1967  وتشكيل رئاسة اركان سياسية  يقودها خمسة من كبار قادة السلطة  لمواجهة  الجهد الاميركي الرامي الى منع مجلس الامن من تأييد قيام دولة فلسطينية على حدود 1967 ، بدعوى  اعادة الطرفين اسرائيل والفلسطينين الى طاولة المفاوضات ،  وهذا ما تضمنته  البرقية السرية التي سلمها مبعوث السلام الامريكي ديفيد هيل يوم الرابع والعشرين  من حزيران الماضي  لنظيره الاوروبي في الرباعية الدولية خلال اجتماع بروكسل  والتي تؤكد ان خطاب الرئيس الامريكي باراك اوباما  في التاسع عشر من ايار الماضي  هو  الطريق الوحيد للتحرك نحو السلام المنشود .

وحسب تلك البرقية  فقد قال هيل ان  على الطرفين الاعتراف بالمباديء الاساسية التي وردت في خطاب اوباما  ولا يسمح لأي منهما ولكليهما بتغيير كلمات  الخطاب ولا  حتى بمحاولة تفسيرها ، وسيعطيان هامش مرونة يقوم على سياسة ( خذ وهات )  ، وان اسرائيل رغم المعارضة القاطعة التي اظهرها نتنياهو تجاه خطة اوباما بخصوص حدود 1967 ، سوف تتحول  في النهاية  الى مرونة  تسمح بالعودة الى مسار المفاوضات .

نكاد نلمس الحرص الاميركي على استقرار المنطقة وهدوئها   ، فمعارضة  المسعى الفلسطيني للتوجه  الى الجمعية العامة للامم المتحدة هدفه المعلن الخشية  من ان يؤدي الاعتراف بالدولة الى جولة جديدة من العنف بين اسرائيل والفلسطينين  وربما اندلاع  انتفاضة ثالثة يصنعها معشر الشباب ، ولهذا  تبدي  واشنطن اصرارا على  الحيلولة دون ذلك  باستخدام طرق شتى للمحافظة على ما يمكن تسميته بجاذبية للمفاوضات وضمان تحقيق اختراقات ،  وعدم توقف عجلتها كما حصل في السابق ، وفي الوقت ذاته  مساعدة الفلسطينين على الاستفادة من المصالحة بما يسمح للمجتمع الدولي بمواصلة العمل ،  واختيار رئيس وزراء مقبول دوليا  لقيادة حكومة خالية من العناصر غير المرغوب فيها  لدى المجتمع الدولي .  .

وعشية انعقاد اجتماع الرباعية الدولية في واشنطن بعد اسبوع من الان في الحادي عشر من تموز الجاري ، واشتداد الحملة الاميركية لاستئناف المفاوضات واسرائيل فان الرئيس ابو مازن لا يخفي  وقوفه مع خيار التفاوض اولا وثانيا وثالثا ( هكذا قال في اتصال مع اذاعة صوت فلسطين في  الذكرى السابعة عشرة لتاسيسها )  ، ولكن هذه الرغبة مقرونة بوقوف العالم مع الحق الفلسطيني بدولة على حدود 1967 ووقف الاستيطان ، واذا لم ينجح هذا الخيار فلن يكون امام  السلطة الفلسطينية الا التوجه للامم المتحدة ، مع ان  ما  بعد ايلول لن يغير  الكثير على ارض الواقع  على صعيد  اقامة الدولة المستقلة .



في الخلاصة فان التظاهر بانشغال  النخبة السياسية  بالمصالحة  لا يعني الحرص  على  انجازها  ولا البحث عمن  يتحمل مسؤولية تاخيرها ، بل استغلال الظرف لتركيب  الحكومة كيفما اتفق ، فالمصالحة  ليس لها تاريخ صلاحية محدد ، ولم تصل الى طريق مسدود وبامكانها الانتظار شهر او شهرين او اكثر ريثما يتم انجاز ملفات اكثر اهمية ،  اما الحكومة التي حشدت جميع الفصائل كل طاقاتها وشحذت عناصرها  للانخراط في تركيبتها المقترحة فهي في نظرنا  ليست حكومة وحدة وطنية ولا حكومة مشاركة ولا محاصصة ولا تقاسم ، وانما  خلية  حكم لفترة انتقالية عمرها لا يتعدى بضعة اشهر تتفرغ خلالها  للاعداد لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية واعادة اعمار غزة ، ، ومحق كل من يتحدث عن عدم جدوى انعقاد  اللقاء  الذي تأجل بين الرئيس ابو مازن ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس ابو الوليد لأن اللقاء كان سيغرق  في دوامة تسمية رئيس حكومة مؤقتة يكمن الشيطان في تفاصيل تشكيلها ،  ويبقى الامل يلوح في افق  انشطة المجموعات الشبابية  الساطعة في رام الله وتجتذب اليها عشرات الشبان من الناصرة واللد والخليل وغزة ورام اللة وطولكرم وغيرها ،  فهي كالربيع الذي يحل في زمن القحط  ، وهو من افضل واجمل  ما اتسمت  به الحالة الفلسطينية في العقود الاخيرة ..!!